قالت مصادر في سوق التأمين السعودية إن"التطبيق الشامل للتأمين على أخطاء المهن الطبية سيضيف أقساطاً تقدر بنحو 100 مليون ريال، نظير التأمين على 30 ألف طبيب، و61 ألف ممرض، إضافة إلى 35 ألف شخص ينتمون إلى الفئات الطبية المساعدة". وتوقعت المصادر نفسها أن"تتضاعف أقساط هذا التأمين خلال السنوات الثلاث المقبلة، نتيجة الزيادة المتوقعة في أعداد القوى العاملة في القطاع الصحي على ضوء تطبيق نظام التأمين الصحي الإلزامي على ستة ملايين مقيم، وما يتطلبه ذلك من توسع في بناء مستشفيات ومراكز صحية إضافية". وقال الرئيس التنفيذي ل"الشركة التعاونية للتأمين"علي عبدالرحمن السبيهين ل"الحياة"إن"مجلس الوزراء السعودي أصدر قراراً يقضي بأن يكون الاشتراك في التأمين التعاوني ضد الأخطاء المهنية الطبية إلزامياً على جميع الأطباء وأطباء الأسنان والفئات الأخرى من الممارسين الصحيين العاملين في المؤسسات الصحية العامة والخاصة"، مشيراً إلى"أن هذا القرار سيدعم الجهود التي تبذلها وزارة الصحة للحد من المشكلات الصحية والمادية والنفسية المترتبة على الأخطاء التي يتسبب فيها العاملون في الفئات الطبية المختلفة، لا سيما الأطباء وأطباء الأسنان". وأكد أن"التأمين كآلية أثبتت فعاليته في تجارب مشابهة مع تأمين الرخصة ومسؤولية المركبات والتأمين الطبي على المقيمين، وتوقع النجاح في تطبيق تأمين أخطاء المهن الطبية عند تفعيله، نظراً إلى تغير ظروف السوق في المرحلة الحالية عما كانت عليه عند تطبيق تأمين الرخصة"، لافتاً إلى أن"الوضع الحالي للسوق أصبح أكثر تنظيماً، والشركات المؤهلة للحصول على ترخيص بالعمل في المملكة أكثر قدرة فنية ومالية على ممارسة التأمين وفقاً للأسس الفنية المتعارف عليها". ويأتي ذلك في الوقت الذي بدأت فيه شركات التأمين السعودية حملة موسعة للتعريف بتأمين أخطاء المهن الطبية عقب الموافقة على تطبيقه بشكل إلزامي على الأطباء والعاملين في المؤسسات الصحية العامة والخاصة، إذ شهدت سوق التأمين السعودية إقبالاً ملحوظاً من الأطباء والعاملين في مختلف التخصصات الطبية على هذا التأمين منذ صدور الموافقة عليه خلال شهر كانون الأول ديسمبر الماضي. وتشير المصادر إلى أن وثائق تأمين أخطاء المهن الطبية المطروحة في السوق حالياً توفر خيارات عدة للتعويض المالي تتراوح بين 100 ألف ريال و مليون ريال، وبأسعار تتراوح بين 700 ريال و 1200 ريال، وتتحدد على أساس فئة المهنة الطبية التي ينتمي إليها طالب التأمين وحدّ التعويض لكل مطالبة وحدّ التعويض السنوي الإجمالي. وارتفع عدد اللجان الطبية الشرعية المشكلة للتحقيق في الأخطاء الطبية في السعودية إلى 12 لجنة في الرياض، والدمام، والأحساء، وجدة، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، وأبها، والقصم. واتخذت تلك اللجان في الفترة الأخيرة قرارات بمنع 59 طبيباً وفنياً معظمهم من المقيمين يعملون في المملكة من السفر بسبب قضايا تتعلق بأخطاء طبية وقعت غالبيتها في مستشفيات ومستوصفان أهلية ونتجت بشكل أساسي من جراحات فاشلة أو أخطاء في التخدير. وكانت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية نشرت منذ فترة، أن 2339 من الأطباء والصيادلة والفنيين والتمريض ممنوعون من ممارسة العمل الصحي في المملكة، لأسباب مختلفة أبرزها القصور المهني في أداء وقدرات الممارس الصحي وعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة، إضافة إلى اكتشاف عدد من حالات تزوير الشهادات الصحية. ويرفض بعض الأطباء الادعاءات التي تشير إلى أن تأمين أخطاء المهن الطبية قد يدفع الطبيب إلى تجاوز الخطوط الحمراء، مؤكدين أن التأمين يدعم حال الأمان عند التعامل مع الحالة المرضية، ومن ثم يساعد الطبيب على زيادة التركيز في أداء مهام عمله، من دون الخوف مما قد يترتب عليه إذا وقع خطأ غير مقصود. وأوضح هؤلاء الأطباء أن كل طبيب يحرص على تحسين سمعته المهنية لضمان المزيد من النجاح، وهذا ما يجعله حريصاً على تجنب الخطأ الطبي قدر الإمكان، ومع ذلك يبقى الخطأ الطبي في جميع الأحوال أمراً وارداً. وبحسب المصادر العالمية فإن الأخطاء الطبية أصبحت من أكثر الظواهر السلبية المنتشرة في جميع دول العالم بما فيها الدول المتقدمة صحياً، إذ تشير الإحصاءات إلى أن 98 ألف شخص يموتون سنوياً في الولاياتالمتحدة الأميركية نتيجة الأخطاء الطبية، ويتضاعف هذا الرقم إذا أضيف إليه أعداد المصابين الذين يعانون من مضاعفات صحية لم تصل إلى حد الوفاة، وهذا العدد يفوق ضحايا حوادث السيارات والطائرات والتسمم والسقوط والانتحار، كما تحتل الأخطاء الطبية المرتبة السابعة بين أسباب حدوث الوفيات في الولاياتالمتحدة. وتشهد بريطانيا 30 ألف حالة وفاة سنوياً بسبب الأخطاء الطبية التي لا تنتج فقط بسبب الطاقم الطبي، بل ونتيجة أخطاء الطاقم المساعد. وترى الأوساط الطبية في المملكة أنه على رغم الإجراءات الاحترازية التي تتخذ للحد من تلك الظاهرة إلا إنه من المستحيل افتراض عدم وقوع أخطاء، مشيرة إلى أن البرامج والإجراءات كافة، التي تتخذ تقلل فقط من هذه الأخطاء وتساعد على تجنبها قدر الإمكان، ولا يمكن تفاديها كلية. لذلك فإن تأمين أخطاء المهن الطبية يبقى من الحلول المهمة لتلك المشكلة، لأنه على الأقل سيخفف الضغط الذي يقع على الطبيب أثناء القيام بعمله، ولا سيما في الحالات الطارئة التي تتطلب سرعة في التصرف واتخاذ القرار بدافع إنساني بحت.