مضى عاما 2004 و2005 على السعوديين اقتصادياً كأحسن ما تمر الأعوام، حيث أمطرت سحائب الأسهم ندى أينعت معه جيوب الفقراء، وأمطار خفيفة أنعشت حياة متوسطي الدخل، وسيول غزيرة بعضها مزق جيوب الأثرياء وكبار ملاك الأسهم القدماء. توجس الجميع خيفة في بداية الأمر، لتبدأ الهواجس في الزوال مع كل ألف نقطة جديدة يحققها المؤشر، ومع كل استقالة يقدمها موظف تنفيذي في القطاع الخاص، آثر التفرغ للأسهم بعد ان تجاوز الدخل المتحقق منها دخله الوظيفي بمراحل ولتبدأ جموع السعوديين بمن فيهم النساء والمراهقون محاولة اللحاق بهذا البريق، الذي يكاد يشع مع إطلالة العام الجديد. يدرج السعوديون والخليجيون وبعض العرب على تسمية السنوات بالأحداث، فسنة للسيل، وأخرى للرحمة، وثالثة للنكسة، وربما كانت السنة التي هلت علينا للتوّ هي"سنة الأسهم"بلا منازع، فهي ستشهد اكبر عدد من الاكتتابات، بحسب توقعات هيئة سوق المال، كما ستشهد إعلان تفاصيل السوق الثانوية لأسهم الشركات الخاسرة، ويذهب المتفائلون بعيداً إلى انها ربما شهدت إعلان الجدول الزمني لدخول المستثمرين الأجانب، بمن فيهم المقيمون في المملكة، سوق الأسهم مباشرة، إضافة إلى جملة تطورات تعدها هيئة سوق المال، مع إطفائها الشمعة الثانية من عمرها القصير المليء بالأحداث. تضاعفت ثروات المستثمرين خلال عامين، ولا يمكن تجاهل الطفرة الحاصلة التي تغذي استبشار الناس بالسنة الجديدة، بأنها ستكون قمة طفرة الأسهم، شريطة ان تتهيأ الهيئة والمصارف، وقريباً شركات الوساطة والاستشارات المالية، لمضاربين اشد شراسة، ومستثمرين أكثر حصافة، ومراقبين أكثر دقة، وأنظمة أكثر صرامة، وتداول أكثر عدالة، وإفصاح وشفافية يليقان بمستوى الإصلاح الاقتصادي، الذي تنشده الحكومة ويرومه الاقتصاديون الحقيقيون. استمتع جيل من السعوديين، واستفاد معهم بعض المقيمين"الشاطرين"بطفرة العقار، ويريد جيل جديد منهم الاستمتاع والاستفادة من طفرة الأسهم، وتريد الحكومة، ممثلة في هيئة سوق المال، ان ينعم الجميع برفاه اقتصادي حقيقي ومدروس، ومبني على أسس يصعب هزها، خصوصاً ان الشواهد التاريخية اقليمياً لا تزال في ذاكرة الكثيرين، ولا تزال تقلق من يعتقد ان ما يحدث ضرب من الجنون، سيؤول الى العقل لا محالة. يجمع الاقتصاديون على مفصلية العام 2006 في تاريخ الاقتصاد السعودي، وفي وجدان الشارع، وفي اسطر وأرقام المحللين والمراقبين، ويختلف بعضهم في آلية قياس النتائج، وفي المخاوف من تعطيل مجالات الإنتاج والاستثمار الأخرى، والى ان ينتهي العام، ويتم جرد الحصاد، ستبقى هذه السنة في حكايات ربما يسردها الأجداد يوماً، لأحفاد سيتداولون الأسهم في بورصة الاورغواي، وفنلندا، وبتسوانا، ببصمة الصوت على خلية المعلومات والاتصالات المعلقة في معاصمهم.