اشترِ "إعمار" ...أنصحك ب "أملاك"..."الاتحاد العقارية"افضل...سمعت ان سهم"شعاع"سيضرب الدنيا اليوم...وأنا قيل لي ان"دبي للاستثمار"اضمن...لا"اتصالات"أقوى... أجساد تتلاصق وأصوات تتداخل والعيون كلها مصوبة نحو شاشات عريضة تتابع بشغف تحركات الأسهم، بينما تتلون الوجوه مع صعود سهم وهبوط آخر في سوق دبي المالية، فيما الهواتف الخلوية والثابتة لا تتوقف عن الرنين، إما للاستفسار عن الأسعار أو لاعطاء أوامر بالبيع والشراء أو تقديم النصائح والتوقعات. وما ان يشاهدك أحد المعارف أو الأصدقاء أو الجيران في السوق حتى يفترض مسبقاً انك انضممت إلى لائحة عشرات الآلاف من المستثمرين الذين يتزايدون باستمرار. فتبدأ المسجات تنهال عليك بالنكات، وتدعوك لمشاركتها بالدعاء:"اللهم برد على قلوبنا كلما اشترينا"تبريد"وعمر بيوتنا مع"إعمار". وانشر شعاع رحمتك علينا مع"شعاع"، وزد في أملاكنا مع"أملاك"، وعمق اتصالاتنا بديننا وذوينا ومحبينا بشرائنا سهم"اتصالات". مكاتب الوسطاء المنتشرة في جنبات قاعة التداول مكدسة بالمستثمرين، وهم الذين باتوا يوصفون بأنهم"ملوك"المرحلة مع كثافة الطلب عليهم، وتراكم أموالهم من العمولات التي يتقاضونها عن كل صفقة بيع أو شراء، في سوق وصل فيها حجم التداول إلى أكثر من ثلاثة بلايين درهم 817 مليون دولار أميركي يومياً. ولا يخلو الأمر من عراك بين بعض الوسطاء والمستثمرين، وهم الذين باتت تنهال عليهم الاتهامات من كل جانب بأنهم يحابون كبار المستثمرين على حساب الصغار منهم. يعلو الصراخ هنا ويخفت هناك، لكنه لا يتوقف. نساء ورجال، شباب وصبايا وكبار السن وربات بيوت ومتقاعدون، موظفون عاديون ومدراء تنفيذيون من جميع الجنسيات، تغص بهم صالة التداول. البعض يراهن بآلاف الدراهم، وآخرون بالملايين وربما بالبلايين. المئات تركوا وظائفهم الحكومية وتفرغوا للاتجار بالاسهم، التي تحقق لهم هذه الأيام عوائد تفوق أضعاف مرتباتهم. وكلما ظن البعض أنها الذروة ارتفع المؤشر وتراكض المستثمرون، وزاد عدد رواد سوق دبي المالية. منى، صبية إماراتية، لا تفارق السوق ولا تترك هاتفها الخلوي طوال ساعات التداول. كلما تحرك المؤشر، تركض من وسيط إلى آخر، وتزاحم لتنفيذ بيع أو شراء عشرات الطلبات لصديقاتها واقاربها. وتقول ان"السوق"يحقق لها ولوالدتها أضعاف ما تحققه لها الوظيفة. ليست منى الأنثى الوحيدة في السوق، فالعشرات منهن، اغلبهن مواطنات ومن جنسيات عربية مختلفة، يحتشدن في جزء من الصالة. والمدهش ان ترى بعضهن جلبن كومبيوترات محمولة معهن لمتابعة أسعار الأسهم، بعيداً من شاشات التداول التي عادة ما يكون محيطها مكتظاً بالرجال. وتشير أرقام سوق دبي المالي إلى ان عددهن بلغ 48,466 مستثمرة، واموالهن المتداولة في السوق منذ مطلع العام حتى الآن تجاوزت 14 بليون درهم. ومحمد، يحمد الله على انه لم يتمكن من إيجاد وظيفة بعد تخرجه في الجامعة الأميركية في الشارقة، وسمع نصيحة أصدقائه بالعمل كوسيط من الباطن لهم. مهمته في البداية اقتصرت على إبلاغهم بالأسعار ومساعدتهم على بيع أسهمهم وشراء أخرى، لقاء عمولة بسيطة تمكن من خلالها جمع بعض الأموال وشراء اسهم تضاعفت قيمتها مرات عدة، حتى بات لا يبدل مهمته هذه"بوظائف الدنيا كلها". أرقام"السوق"تشير أيضا إلى ان عدد الشباب تحت سن 25 عاماً بلغ 65,900 مستثمر، من بين 193,326 مستثمراً، بزيادة نسبتها نحو 25 في المئة عن العام الماضي، في وقت بلغ فيه إجمالي حجم التداول في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري نحو 110 بلايين درهم، أي ضعفي حجم التداول في العام الماضي بأسره، الذي شهد هو أيضا طفرة غير مسبوقة عن العام 2003، عندما لم يتعد حجم التداول أربعة بلايين درهم وهو يساوي حجم تداول يوم واحد تقريبا في الوقت الحالي. تحركات سوق الأسهم باتت الحديث المفضل للكثيرين في الإمارات، غير ان حكايات وتجارب رواد السوق، تغري مواطنين ووافدين كثراً للانضمام بالفعل إلى"نادي الملايين". فلان اصبح مليونيراً من عوائد الأسهم، وآخر استدان من المصارف، وثالث صفى أعماله بهدف الاتجار بها. حكايات تحفزك للاستثمار، وأخرى تجعلك تتساءل ماذا سيحل بالذين استدانوا أو صفوا أعمالهم، في حال انهيار السوق فجأة؟ مدير السوق عيسى كاظم، أجاب في حوار مطول مع"الحياة"عن هذا السؤال، وعلى أسئلة كثيرة يثيرها رواد السوق والمحللون الماليون. وهنا نص الحوار: أسواق الأسهم في الإمارات نهضت من كبوتها فجأة لتحطم أرقاما قياسية حتى باتت الشغل الشاغل للجميع من مواطنين ووافدين، هل لك ان تشرح الأسباب التي أدت إلى هذا الانتعاش؟ - عمر السوق النظامية خمس سنوات تقريبا. السنوات الثلاث الأولى كانت مرحلة إعداد. في السنوات من 2000 إلى 2003 كانت السوق تحاول الخروج من أزمة 1998، التي تضرر منها الكثيرون، وبقيت تداعياتها راسخة في عقول الناس فترة من الزمن. بدأت بوادر الانتعاش مطلع عام 2003، وتضاعفت التداولات. لكن القفزة الكبيرة جاءت عام 2004، وتزامنت مع متغيرات اقتصادية مؤاتية انعكست على المنطقة ككل، مثل انخفاض أسعار الفائدة، وتحسن أداء الشركات التي باتت عوائدها اكبر بكثير من كلفة التمويل. أما أسعار النفط فهي التي غيرت واجهة المنطقة. هذه هي الأسباب التي يعزا إليها نحو 80 في المئة من نشاط سوق الأسهم، إضافة إلى السيولة التي عادت إلى الإمارات نتيجة الظروف الاقتصادية والسياسية التي مر فيها العالم. ما دمت تحدثت عن أزمة سوق الأسهم عام 1998، هل هناك مخاوف من ان تتكرر التجربة التي كبدت الكثيرين خسائر باهظة؟ - الشركات التي تسببت في أزمة عام 1998 هي نفسها التي خلقت أجواء إيجابية عامي 2004 و2005. كانت شركات حديثة التأسيس، وتعرضت لمضاربات في سوق غير نظامية، كما تم حينها استغلال بعض المعلومات الداخلية، التي رافقها شائعات وممارسات خاطئة من جميع الأطراف، مستثمرين وشركات ومكاتب الوساطة. أما الآن فهناك سوق نظامية. وحققنا إنجازات كبيرة في ما يتعلق بعمليات الإفصاح والسيطرة على الشائعات بمساعدة هيئة الأوراق المالية والسلع. لذلك لا يمكن المقارنة بين طفرة عام 1998 والطفرة الحالية. إذ جاءت الطفرة السابقة في وقت كانت أسعار النفط منخفضة جدا، ولم يكن سعر البرميل يتعدى 12 دولارا، في حين بلغ متوسط سعر برميل النفط العام الماضي 37 دولارا، ويتوقع ان يصل الى 48 دولارا هذا العام. هناك من يفرق بين السوق الأولى أي الاكتتابات، والسوق الرسمية. فيصفون الأولى بأنها فقاعة ويخشون انهيارها في أي لحظة، خصوصا مع ارتفاع عدد الشركات وحجم تغطية الاكتتابات، وهم يتذكرون انهيار سوق المناخ في الكويت. - اتفق معك ان في الإمارات سوقان، السوق الرسمية التي أدرجت فيها الشركات، وهي تحقق أرباحا ونتائج جيدة، والمؤشر يعكس هذه النتائج. ولدينا السوق الأولية وهي سوق الاكتتابات. وهناك إقبال كبير على كليهما. ويسعى أصحاب المشاريع الى طرح اكبر عدد ممكن من الشركات، والإقبال كبير عليها بسبب السيولة الموجودة. ولكن اتفق معك أنها شركات في طور التأسيس، وان نجاح الشركة يعتمد الى حد كبير على إدارتها. هل هناك من يضمن نجاح هذه الشركات، ومن يضمن عدم تكرار تجربة سوق المناخ؟ - ليست هناك ضمانات، لذلك توجد في نشرات الإصدار إشارة الى ان هناك مخاطرة تحملها أي شركة تؤسس حديثا. يجب على المستثمر ان يكون واعياً بهذا. ولكنني اضمن استمرار نجاح الشركات القائمة التي حققت أرباحاً قياسية خلال العامين الماضيين، وهو ما انعكس إيجاباً على السوق في صورة كبيرة. ولكن يقال ان أسعار اسهم هذه الشركات مبالغ فيها وأنها وصلت الى الذروة، وهناك من ينصح المستثمرين بالتوجه الى أسواق خليجية أخرى؟ - ان المستثمر واع، فإذا شعر ان لديه فرصة في أي سوق أخرى من أسواق مجلس التعاون الخليجي سيذهب إليها، والسيولة تتحرك حاليا بين سوق وأخرى في المنطقة. وتشكل الأموال الخليجية 10 في المئة من تداولات سوق دبي المالي. لذلك أقول ان المستثمر السعودي أو الكويتي لا يترك الفرصة تفوته إذا وجدها في الإمارات. كذلك يفعل المستثمر الإماراتي، لا يفوت فرصة في الأسواق السعودية أو الكويتية أو القطرية، وغيرها من أسواق مجلس التعاون الخليجي. ما هو حجم تداولات مواطني دول الخليج الأخرى في سوق دبي المالية؟ - بلغ إجمالي عدد المستثمرين في السوق ً191.350 مستثمرا، ويحتل المستثمرون الخليجيون المرتبة الثانية بعد الإماراتيين بإجمالي تداولات قيمتها 12.7 بليون درهم، بينها 11 بليون للسعوديين، 919.1 مليون درهم للبحرينيين، يليهم الكويتيون بتداولات قيمتها 384.5 مليون درهم، والعمانيون بپ197.6 مليون درهم، والقطريون بپ184 مليوناً. ماذا تقول عن المبالغة في أسعار الأسهم؟ - إذا أخذنا بعض المعايير المالية، نجد من دون شك ان هناك تفاوتا في أسعار الأسهم، فارتفاع سعر السهم مثلاً في بعض الشركات بلغ 15 المئة، مقابل 60 و70 في المئة في شركات أخرى. هل هناك معايير لحماية الأسهم من الانهيار؟ - طبعا الحماية موجودة، ولدى سوق الأسهم في الإمارات حد للارتفاع والانخفاض خلال التداول اليومي. لدينا نطاق تغير لا يزيد على 15 في المئة صعوداً وهبوطاً خلال الجلسة الواحدة. ولكن إذا كانت السوق في حال ارتفاع لا أحد يستطيع منعه، كذلك في حال الانخفاض. يمكننا ان نؤجل الصعود أو الهبوط، لكن لا يمكننا منعه. وإذا حققت شركة أرباحاً خيالية غير متوقعة، يجب ان تأخذ نصيبها في الارتفاع، وبالتالي يمكن للأسعار ان ترتفع في الجلسة الأولى في إطار الحد الأقصى المسموح به، وان تستمر في الارتفاع التدريجي. ففي العام 2004 ارتفع مؤشر سوق دبي المالي 171 في المئة ولم نتدخل لإيقافه، لأننا نؤمن بإطلاق حرية العرض والطلب. على رغم انك تتحدث عن إنجاز كبير في مستوى الشفافية في الأسواق المحلية، غير ان البعض لا يزال يتحدث عن تسريب معلومات الى بعض المستثمرين، وعن انتشار الشائعات؟ - أنا أقول أننا افضل من السابق بكثير، وإذا لاحظنا تذبذباً في أي سهم، فان هيئة الأوراق المالية تستدعي المسؤول عن الشركة وتطلب منه توضيحا. قد لا نصل الى المستوى المثالي المطلوب. ولكن حلم أي سوق في العالم هو تحقيق العدالة والشفافية الكاملة. كثيرون من العاملين في القطاعين العام والخاص استقالوا للتفرغ للتداول بالاسهم، هل ترى في ذلك خطورة من أي نوع؟ - نعم هذا صحيح، البعض ترك عمله للتفرغ للأسهم، لأنها تحقق عوائد افضل من العمل. لا نستطيع منع أي فرد وجد ان استثماره في الأسهم افضل له من الوظيفة. هذا قرار يعود الى المستثمر. أنت تتحدث عن ثاني اكبر بورصة في الوطن العربي والمستثمرون ينتقدون صغر حجم صالات التداول، هل هناك خطط لتوسيعها؟ - تعتبر سوق الإمارات ثاني سوق في العالم العربي بعد الكويت، التي لديها صالة مفتوحة للمسثمرين. ليست هناك سوق مفتوحة للمستثمر يتابع عبرها حركة الأسهم. هذه إضافة لا توجد في أي مكان آخر. ولقد فتحنا هذه الصالة لإجراء المعاملات ليس للتداول فيها، ولم نكن نتوقع ان يأتي الناس إليها بهذه الكثافة لمراقبة السوق. هناك الإنترنت والاستفسار الإلكتروني عن الأسعار، إضافة الى رزمة من التسهيلات بحيث لن يكون للمستثمر حجة للقدوم الى السوق. ونخطط لفتح سوق أخرى في منطقة ديرة، لتقديم الخدمات لسكان هذه المنطقة والإمارات الشمالية. كما انه لدينا مشروع ان يكون لنا إدارة السوق مكان منفصل تماما. يقول المستثمرون، وخصوصاً الصغار منهم، انهم يضطرون للقدوم الى السوق لأنهم يجدون صعوبة في الوصول الى الوسطاء عبر الهاتف. كما ان البعض يتهم الوسطاء بمحاباة كبار المستثمرين على حساب صغارهم؟ - لم يكن هذا الوضع موجوداً في السابق. كان الوسيط قبل هذه الطفرة يركض وراء المستثمر، وكان هو الذي يبادر للاتصال بهم. لكن هذه الطفرة لم تكن متوقعة بالنسبة للسوق أو الوسطاء. وكون الوسيط يحابي أصحاب الصفقات الكبيرة، فهو لأننا جميعا مررنا بظروف غير طبيعية، تمكن خلالها الوسطاء من احتكار السوق، وهو نوع من احتكار القلة. عددهم قليل مقابل عدد كبير من المستثمرين. وقبل الطفرة، كان صوت المستثمرين هو الأعلى، لكن انقلبت الآية عام 2004. وأتوقع ان تتغير الأمور وتنقلب الآية، بحيث سيكون هناك نحو 40 مكتباً للوساطة خلال الأشهر المقبلة. في عام 2003 كان عدد الوسطاء 11 وسيطاً، اصبحوا الآن 25. أما بالنسبة لعملية محاباة كبار المستثمرين، فإننا نتحرك بحزم أمام أي شكوى ترد بخصوص التعامل السلبي مع صغار المستثمرين. ما هي توقعاتكم لاداء البورصة المحلية خلال العام الجاري؟ - مضى من العام ستة أشهر، وأحجام التداول في زيادة مستمرة. إذ تجاوزت التداولات في الربع الاول من العام الجاري تداولات العام الماضي كله. هل هناك خطط لربط أسواق الأسهم في المنطقة؟ - هناك مبادرة من قبل اتحاد البورصات العربية بإنشاء بورصة عربية إقليمية. ويعمل الجميع الآن في هذا الاتجاه.