لا يكاد يمضي يوم على المفتشين في جمارك منفذ سلوى على الحدود السعودية القطرية من دون ضبط حالة تهريب، سواءً لمواد ممنوعة، مثل الخمور أو المخدرات، أو غير مصرح بها، مثل المنشطات الجنسية وأجهزة الاتصالات اللاسلكية والطيور. وتعد محاولات تهريب الصقور من أكثر الحالات تكراراً في المنفذ، الذي يبعد عن محافظة الأحساء نحو 150 كيلو متراً جنوباً. ومن أغرب وأطرف الحالات التي تم ضبطها في المنفذ أخيراً، حالة تهريب صقر، عمد المهرب إلى تثبيته حول فخذه، بعد تخديره، فيما ثبت في الفخذ الآخر جهاز لاسلكي، ظناً منه أن حيلته ستنطلي على المفتشين الجمركيين في المنفذ، الذين اكتشفوا الصقر والجهاز وصادروهما. وكثر في الآونة الأخيرة محاولات تهريب الصقور، التي يحظر إدخالها عبر المنافذ، من دون تصريح من الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، واستحدث المخالفون خططاً جديدة لإتمام عملياتهم، ففي وقت سابق دخلت سيارة من نوع"لاند كروزر"، تحتوي على ثلاثة مقاعد كبيرة، قام صاحبها بإزالة المقعد الوسطي الواقع فوق خزان الوقود الاحتياطي خلف السائق مباشرة، وأحدث فتحة صغيرة، تطل مباشرة إلى داخل السيارة وفتحة أخرى داخل الخزان، وحتى لا تختنق الصقور الستة التي وضعها داخل الصندوق المخفي قام بتوصيل أنابيب تكييف. وعمد إلى حقن الصقور بمادة مخدرة حتى أصبحت في حال غيبوبة، في محاولة للحد من تحركها، الذي قد يثير أصواتاً يمكن أن تكشف محاولته. بيد ان المفتش أحبط العملية، مستدلاً على وجود الصقور بعد أن وجد بقايا ريشها إلى جوار المقعد الخلفي، الذي تغير شكله الأساس، بعد تحريكه من مكانه، وكان لارتباك السائق وتوتره سبب في كشف مخططه، وعمد المفتش إلى الطرق على الخزان فأظهر الصوت المرتد أنه فارغ، ويحوي أجساماً غريبة. وتتعدد الحيل ولكن محاولات التهريب واحدة في جمرك سلوى، التي بات مفتشوها الجمركيون يملكون خبرات كبيرة في اكتشافها، ما ساهم في إحاطة المهربين بدائرة ضيقة من الخيارات، بعد ان كُشفت معظم محاولاتهم وطرقهم. ويقول رئيس قسم الركاب في المنفذ توفيق الناجم:"مهما حاول المهربون استخدام حيل للتهريب فنحن لهم بالمرصاد، من خلال التدريب المتواصل لرجالنا على اكتشاف أحدث طرق التهريب". ويراكم المفتش في منفذ سلوى تجاربه، وينقلها إلى زميله في طريقة مبرمجة ومدروسة، كما يستفيدون من تجارب زملائهم في المنافذ الأخرى. ويضيف الناجم"تتبع المنافذ السعودية سياسة التبادل المعلوماتي لأي خطط جديدة في التهريب وإحباطها، كما ان هناك تبادلاً معلوماتياً على الصعيد الإقليمي والدولي". ويتبادل المفتشون المعلومات مع جهات أمنية أخرى، في حال الارتياب أو الشك في مادة تنقل عبر الحدود. ويذكر رئيس قسم الركاب"ان عدم معرفة المفتش بالمادة قد تسمح بدخول ممنوعات إلى البلاد، من أبرزها المتفجرات، فبعض طرق التهريب تحول المادة المتفجرة إلى عجينة تلصق بالسيارة، وكأنها جزء منها"، محذراً السائقين من محاولات المهربين في توريطهم بوضع مواد غريبة في سياراتهم، من دون علمهم"يجب أن يفحص السائق محتويات السيارة قبل الانطلاق في الرحلة، والتخلص من كل ما لا يعرفه، حتى لا يتهم بالتهريب". ومن المتفجرات التي توهم المفتش بأنها مواد عادية، الطرود البريدية الملغمة، إذ عثر المفتشون على خطاب بريدي متفجر يحوي كبسولة ناسفة. ومن أنواع التهريب الحديثة علب المياه الغازية التي يفتح غطاؤها في شكل الدوران، وتوضع في وسطها المتفجرات أو المخدرات، وحتى ألعاب الأطفال وعلب السجائر وغيرها، ما يوحي بحجم التهريب، وتعدد طرقه وحيله. ويعقد الجمرك دورات مكثفة وفي شكل دوري لموظفيه، لتعريفهم بالطرق الحديثة في التهريب وكيفية إحباطها، ويتم ذلك داخل المعرض الدائم للمضبوطات، التي تم إحباط تهريبها في وقت سابق، مثل الكتب والمنشورات والمهربات الأثرية والمسكرات في جميع أنواعها والأسلحة والمتفجرات والمنشطات الجنسية والصقور والطيور المحظورة. ومن المعروضات التي يقدمها المعرض أيضاً أنواع المخدرات وأدوات استعمالها وطرق استخدامها وأماكن تهريبها، وهناك قسم متكامل لأنواع الحبوب المخدرة والممنوعة. ويعمد الجمرك إلى تصوير جميع عمليات إحباط المهربات وعرضها في المعرض كوسيلة توضيحية وتعليمية وتوثيقية. ويمنح المفتش حوافز مادية على كل عملية تهريب يحبطها، من خلال احتساب قيمة المهربات المحبطة وكميتها ونوعها، ومنحه نسبة ثابتة من القيمة، كما يسلم خطاب شكر وتقدير، يعمم على الدوائر والأقسام، ويوضع في ملفه الوظيفي من أجل الحصول على نقاط تفيده في الترقية الوظيفية. ويقول الناجم:"يمنح المفتش المكافأة المالية والخطاب كتشجيع وتحفيز له ولزملائه، لبذل المزيد من الجهد، وعدم التقصير والتهاون في العمل". وتستخدم المنافذ جهازاً لتحديد الكثافة، يكشف من طريق التسلسل الرقمي المهربات التي تخبأ داخل هيكل السيارة أو الإطارات، ما يساعد على تقليص الجهد والمدة، ويستخدمه موظف خبير ومختص يتعامل مع متغيرات نسب الكثافة، وهو يناسب جميع السيارات. كما أدخلت أجهزة أشعة"أكس"، لتواكب التطورات التي تشهدها جمارك السعودية، وتنجز مهاماً كانت في السابق من الأمور التي تعطل حركة السير، وتمنح المهربين فرصاً لنجاح محاولاتهم. خطة لتوسعة الجمرك... وجهود لتسهيل حركة التنقل كشف مدير جمرك منفذ سلوى الحدودي عبدالله الغامدي عن خطة لتوسعة المنفذ وصيانته وإعادة هيكلته، وهي خطة معمول بها لتوسيع جمارك السعودية كافة وتوفير مكاتب وخدمات متطورة للعاملين فيها، مشيداً بالجهود التي يبذلها المفتشون في المنفذ، ووصفها ب"الجبارة". وقال:"إن جميع العاملين في الجمرك يعملون بإخلاص وتفانٍ، ويشكلون فريقاً متكاملاً من أجل خدمة الوطن، وإحباط أي محاولة لتشويه صورته أو المساس بأمنه". وأشار إلى جهودهم الكبيرة خلال فترة الحج، التي تشهد وفود أعداد كبيرة من الحجاج،"وعلى رغم ذلك يبذلون كل ما في وسعهم لخدمة ضيوف الرحمن، ضمن شعورهم الديني والوطني". وأضاف ان"حركة السفر من قطر وإليها، شهدت خلال السنوات الماضية تنامياً مطرداً، خصوصاً خلال الإجازات المدرسية أو فترات إقامة المهرجانات، ما يشكل ضغطاً كبيراً على المفتشين في المنفذ، الذين يشعرون بأن واجبهم يحتم عليهم تسهيل مرور المسافرين بين البلدين، وفي الوقت ذاته منع محاولات تهريب الممنوعات".