احتفل أحد الشبان في مدينة حفر الباطن، في شكل استثنائي بقدوم ابنه البكر بعد أن رزق قبل ذلك بابنتين، تعبيراً عن حال الفرح التي ارتسمت على محياه. ويقول:"لمَ لا، وقد جاء من سيحمل اسمي؟". فجهز استراحة كاملة، ودعا القريب والبعيد ليحتفلوا معه بهذه المناسبة"الاستثنائية". والسر كما يقول محمد الظفيرى: إن"قضية إنجاب الولد أصبحت تمثل للرجل في هذا الوقت أمراً مهماً، خصوصاً أنها تعني له الخروج من دائرة أو عقدة"أبو البنات"في مجتمع ذكوري حتى النخاع". ويعلق"مع ارتفاع نسبة المواليد الإناث بحسب ما هو ملموس، وما تؤكده الإحصاءات، فإن إنجاب الولد صار عملية صعبة". وتحول الأمر إلى هم اجتماعي، يعايشه الجيل الجديد، ممن دخلوا إلى عالم الزوجية، وأصبحت عند البعض منه قضية محورية، بالنسبة للرجل في المقام الأول. وعلى رغم التطورين التعليمي والثقافي، إلا أن إنجاب الولد و"يا حبذا لو كان البكر"يشكل للرجل تجاوز شيء من العقدة، ومواجهة العائلة بالساعد الأيمن وحامل اللواء. وأصبح إنجاب الولد بالنسبة للزوجة يعني زيادة في رصيد"المحبة"والدلال، في زمن تغيرت فيه المقاييس، وتشكلت فيه العواطف حسب الحاجة، وكثيراً من النساء حتى اللحظة، قابعات في المربع الأول من القلق، خوفاً من أن ينجبن إناثاً، فمع كل حمل ومضي شهوره التسعة، تتسع دائرة الخوف من تكرار إنجاب البنت، فإما أن تصعد للمربع الآخر أو تعود من جديد إلى المربع الأول نفسه، ويكون العذر جاهزاً للزوج، غير المضمون رد فعله، إذ ربما يحدث انقلاباً ويأتي بزوجة ثانية، وربما ثالثة وحجته في ذلك"الولد". ويشكل إنجاب البنات بالنسبة لبعض الرجال خوفاً من تبعاته الاقتصادية، ويقول راشد الأسعد: إن"تكاليف البنات وطلباتهن تختلف عن الولد، وكل ما كبرن كبرت معهن حاجاتهن من الملابس والفساتين والإكسسوارات التي تتغير في كل مناسبة". ويوضح أنه"في الإجازة الصيفية الماضية التي كثرت فيها مناسبات الأفراح، أنفقت ما يقارب عشرة آلاف ريال على بناتي، ما بين فساتين وكوافير وحفلات خاصة بمناسبة نجاحهن، فيما الولد مصاريفه بسيطة". واستجابة لهذه المسألة انتشرت الإعلانات التجارية، التي تعلنها المستشفيات الخاصة عن وجود أجهزة"السونار"ذات الأبعاد الرباعية، والتي يمكن من خلالها معرفة جنس الجنين داخل بطن أمه، ما أدى إلى تهافت الكثيرين منذ الشهور الأولى للحمل لمعرفة جنس القادم الجديد، إلا أن الهدف الحقيقي محاولة الإطمئنان أن الجنين ولد. ومن جهة أخرى تم السطو على خصوصية الجنين في عالمه الخاص. وانتشرت أيضاً بعض الأدوية الطبية التي يُعتقد بأن لها دوراً في تحديد نوع الجنين، مثل محلول بيكربونات الصوديوم الذي تتناوله بعض النساء، اعتقاداً منهن بأنه يعمل على انجذاب الحيوان المنوي الذكري، نحو جدار البويضة، ويؤثر في المستقبلات ويخترقها، ليكون المولود ذكراً. ويشير أخصائي النساء والولادة الدكتور محمود الجندي إلى"وجود العديد من الدراسات في هذا الشأن، ولكن لم يتم التأكد منها، والمحلول المستخدم هو في الأساس يُستخدم كغسول ويساعد على الحمل، لأنه يكون وسطاً قاعدياً في المهبل، وهو الوسط الذي تعيش فيه الحيوانات المنوية. ولا يمكن اعتباره حلاً في مسألة تحديد نوع الجنين". وذكر أن"عدداً من النساء اللواتي يرغبن في إنجاب ولد، ويتمسكن باعتقادات غير ثابتة علمياً، مثل تحديد وقت معين للجماع، يساعد في إنجاب مولود ذكر أو اتباع حمية معينة، تعتمد على زيادة نسبة الكالسيوم والصوديوم في الدم، لما لهذين العنصرين من دور في تحديد نوع الجنين الذكري على وجه الخصوص، ولكنها مسائل تحدث فيها العلماء ولم تثبت موضوعيتها في شكل موثوق به". وعلى رغم ارتفاع معدل خصوبة المرأة السعودية، التي جاءت في المرتبة الثالثة عربياً بعد المرأتين العمانية واليمنية، بمعدل خمسة أطفال حتى سن ال45. إلا أن عليها أن تكون"أم الولد"لا"أم البنات"، مع العلم أنها ليست مسؤولة عن تحديد نوع الجنين وأنها حاضنة فقط، إلا أنها هي من تتحمل تبعات الحمل.