رحل الملك فهد بن عبدالعزيز إلى رحمة ربه، وبوفاته شعر كل مواطن ومواطنة أنه فقد والده، ولعل جيلاً كبيراً من شباب وشابات السعودية نشأوا في كنفه، ولم يعوا ملكاً لفترة طويلة سوى هذا الملك الأب، جيل كامل يشعر بلحظة يتم، ومشاعر مختلفة لأنهم اعتادوا أن يكون معهم دائماً. كان وجوده أماناً واستقراراً للكثير من المواطنين والمواطنات البسطاء رحل الملك فهد، رحل الأب وترك كثيراً من الإنجازات واللمسات الإنسانية، داخل وطنه أولاً ثم الوطن العربي والإسلامي... جيل كامل يفتقد هذا الملك، القوي وقت القوة، والحنون وقت الحاجة، والصامد لحظة الخطوب الكبيرة. قام بتحمل مسؤوليات عظيمة شهدتها مراحل حكمه... بدءاً من حكمته في سياسته الداخلية والنهضة التعليمية، ثم الخطط الخمسية، والنهضة العمرانية بدءاً من البنية التحتية لكل ما هو قائم الآن... ثم التصرف الحكيم خلال فترة حرب الخليج وقبله اتفاق الطائف ورعايته بقوة لابن لبنان! ثم التهدئة بين إيران والعراق، ورعايته لاتفاقات حدودية بينهما، التصرف الحكيم كان منهج حكمه، والانضباط التام الذي جعله أحد تقاليد المملكة العربية السعودية، كان وسيط سلام، لم يسع على الإطلاق إلى أي تدخلات في شؤون أي دولة، أو أي مهاترات تحدث في الوطن العربي... في عهده القضية الفلسطينية كانت أيضاً أولوية هذا الجيل الذي يشعر باليتم، وقد نشأ والملك هو الأب، وأجمل ما في هذه الحالة على عظم المهام التي قام بها هو أن يشعر الجميع بلحظة فقد الأب... الأب الذي لم يشاهد جيل كامل على مدى سنوات نشأته وشبابه ثم التحاقه بالعمل سوى هذا الرجل، فأصبح جزءاً من وجدان ووجود كل واحد منهم! فالإحساس بالهم شعور عام، أحاط بكل فرد، وما يهدئ من روعهم أن وفاة الملك الأب القائد جاء وقد أعطى هذا الرجل الكبير كل ما لديه من إمكانات لأجل وطنه وأمته ثم هذا التصرف المتحضر الذي تقلد به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو خير خلف لخير سلف. وهو أيضاً الأب والراعي الواعي لمصلحة أمته وشعبه... ونسأل الله أن يلهمنا كلنا كشعب وأهل ووطن الصبر... وأن يحفظ لنا قادة بلادنا، وأن يمد الملك عبدالله بالصحة والقوة، وأن يعطي أيضاً ولي العهد الأمير سلطان القدرة على تحمل هذه المسؤولية، وأن يحفظه وهو أيضاً خير خلف لخير سلف. تعاضد إخوة ونقل سلطة بشيء من التحضر، الذي لا يزايد عليه ديموقراطية الصمت وصمت الديموقراطية، يتكلم بتصرف السعوديين حكاماً ومواطنين يؤمنون بالله ويتقبلون قضاءه ويتصرفون بوحي من أمانة الله على الأرض، رحم الله الملك فهداً واسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون.