المنطقة المستلقية على الجزء الشمالي من شاطئ أبحر في جدة تمثل للجداويين نمطاً مختلفاً للتعايش مع البحر بصورته الحقيقية داخل"الشاليهات"الممتدة على طول الساحل البحري. ويعتبر أهالي جدة هذه الشاليهات أو الكبائن"حسب تسميتهم لها"مكاناً ذا خصوصية عالية للتنزه والاستجمام والاستمتاع بالبحر بعيداً من الزحام وضوضاء المدينة، إلا أن ذلك لم يمنع أصحاب الشاليهات ومستثمريها من اقتحام أجندة السياحة الجداوية بعد أن أصبح معظم مرتادي هذه المواقع من زوار جدة والسياح القادمين من خارجها. تاريخ جدة مع الشاليهات البحرية بدأ منذ العام 1375 عندما كان شاطئ جدة الجنوبي يكتظ بعشرات الشاليهات من منطقة الحمراء حتى بداية شاطئ أبحر. ولكن مشروع ردم البحر وتحويله إلى كورنيش، الذي نفذه أمين جدة السابق المهندس محمد سعيد فارسي مع مطلع الثمانينات الميلادية، أفضى إلى نقل جميع الشاليهات إلى منطقة أبحر الشمالية لتضم حالياً أكثر من 30 مجمعاً لشاليهات البحر، أصبحت تمثل ثقلاً أضافياً لسياحة عروس البحر الأحمر. وحتى وقت قريب كان معظم زبائن الشاليهات يقتصرون على أهالي جدة من العائلات والنخب الذين يفضّلون قضاء إجازات نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية فيها. ويعمد عدد كبير منهم إلى تأجير الشاليه بشكل سنوي أو شهري، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تدفق الكثير من زوار جدة على الشاليهات، بعد أن ذاع صيتها وفتحت أبوابها لاستقبال السياح بكل أطيافهم. وعلى رغم أن شاليهات البحر في جدة تقدم خدماتها للعائلات ولا تسمح بدخول الشبان، إلا أن ذلك لم يمنعهم من التحايل على القوانين ومشاركة العائلات متعتهم، ويكون ذلك بمد جسور العلاقات الخاصة مع العاملين فيها لتمكينهم من الدخول، ويحدث أن يدفع الشبان مبالغ إضافية للدخول والإقامة في هذه الشاليهات. المباني الفندقية المطلة على البحر والمسابح العائلية ومراسي المراكب والدبابات البحرية أبرز ما يميز شاليهات جدة ويستقطب زبائنها، غير أن هذه الشاليهات أبعد ما تكون عن ذوي الدخل المحدود من المواطنين، حتى أن البعض يعتبرها أماكن محظورة لا تصل إليها القدم، بكل ما تحمله من أسرار وخفايا وحكايات لا تنتهي.