لا شك في أن تربية الطفل الصغير والقيام على تدبير أموره ومصالحه وكل ما يدخل ضمن هذا المفهوم هو من عمل الأبوين، ولعل أكثر من يقوم بأموره هي الأم، لأن الطفل في سنواته الأولى غالباً ما يكون مع أمه في البيت، بخلاف الرجل الذي غالباً ما يكون عمله هو التكسب والحصول على المعيشة. لكن لو حصلت بين الزوجين فرقة، فهنا تأتي مسألة الحضانة وحينئذٍ نحتاج إلى بيان من تكون له حضانة هذا الطفل الصغير ومن في حكمه، سواء أكان ذكراً أو أنثى... هل هي للأم أو للأب؟ إن هذا الحق له نواحٍ عدة، يمكن حصرها في ثلاث على الوجه الآتي: 1- من ناحية الطفل: حيث يتمثل حقه في المحافظة على بقائه وتربيته. 2- من ناحية الحاضن، حيث يتمثل حقه في تربية هذا الصغير ومن في حكمه، والحفاظ عليه. 3- من ناحية حفظ هذه النفس الإنسانية، حيث يتمثل في حق المجتمع أحياؤها ورعايتها وهذا ما يسمى بحق الله تعالى فهذه النواحي متداخلة، فإذا حصل فرقة بين الزوجين ولهما طفل لا يميز وهو الذي دون سبع سنين، فالصحيح من المذاهب الفقهية أن حق الحضانة هو للأم، والسبب في تقديم الأم على الأب في الحضانة هو توافر الشفقة والحنان لديها أكثر ما لدى الأب، فهي أبر وآمن عليه ولديها الصبر على تحمل تربيته ورضاعته، وغسل ثيابه، وتغذيته وكل ما يكون سبب في بقائه. آداب زيارة المحضون أولا: لا تكون الزيارة متكررة في كل يوم، بل يلزم أن تكون متباعدة في حدود المعقول بحيث تتكرر كل أيام عدة، إلا في حال الضرورة بنحو لو مرض الطفل، ففي هذه الحال تجب عيادته والاطمئنان عليه يومياً. ثانياً: ألا يطول المكوث للزائر بالمنزل مدة طويلة، حتى لا يكون هناك ثقل على أهل المنزل، أو قد يترتب عليه إخلال بما يتمتع به المنزل من نظام معين يخدم مصلحة المحضون! ثالثاً: ألا يؤدي ذلك إلى خلوة محرمة، أو وجود ريبة أو شبهة. رابعاً: أن يكون الزائر متحلياً بما شرع الله ورسوله من الآداب المتعلقة بدخول بيوت الآخرين، من حيث وجوب الاستئذان. خامساً: أن يلتزم الزائر بالغرض الذي جاء من أجله، ولا يخرج عنه. سادساً: أن يكون وقت الزيارة مناسباً، فلا يدخل في أوقات يحظر فيها الدخول، مثل أوقات متأخرة في الليل أو وقت القيلولة. الإجراءات القضائية المتعلقة بزيارة المحضون في هذا المقال عملت استبانة مشتملة على مجموعة من النقاط يتم من خلالها بيان الإجراء المتبع في المحاكم حول زيارة المحضون وعمل القضاة حيالها، حيث تم عرضه عليهم، وقاموا بالإجابة عليه واليك بيانه تفصيلاً: أولا: الأسس المتبعة حول زيارة المحضون: 1- في المحاكم الشرعية: حيث يرجع إلى هيئة النظر أهل الخبرة. 2-في نظرة القضاء: فهم ينظرون في ذلك إلى ما تقتضيه المصلحة بناء على ما تقرره هيئة النظر. ثانياً: حول الدعاوى المقامة في هذا الشأن، ومدة حسمها: يرى القضاة انه إذا حصل اتفاق بين الطرفين في الجلسة الأولى، فإنها تحسم في تلك الجلسة، وإذا كان الأمر غير ذلك، فالأمر يتطلب أكثر من جلسة. ثالثاً: حول زيارة المحضون: يرى القضاة أنه يرجع فيها إلى اتفاق الطرفين، الأب والأم، فإذا لم يحصل ذلك، فيرجع فيه إلى اجتهاد القاضي بما يحقق المصلحة. رابعاً: حول الإجراء المتعلق بزيارة المحضون في المحاكم، كونه موحداً أو أن لكل مكتب قضائي إجراء خاصاً به: يرى القضاة أن كل مكتب قضائي له إجراء خاص به، ولكن في الغالب يوجد نوع من الاتفاق عموماً. خامساً: حول تحديد وقت الزيارة: يرى القضاة أن ذلك يتم من خلال أمور كثيرة منها: 1- اتفاق الأبوين على وقت الزيارة. 2- مراعاة مصلحة الطفل المحضون في اختيار الوقت. 3- بعد المكان أو قربه. 4- حسب ما تقرره هيئة النظر في المحكمة وغير ذلك. سادساً: حول المسافة البعيدة بين الزائر والمقر الذي يقيم فيه المحضون: يرى القضاة أنه يتم تحديد عدد الزيارات في ذلك، بناءً على اتفاق الطرفين، الأب والأم، ووجود القدرة المالية على تحمل تكاليف السفر. سابعاً: حول الضمانات التي تضمن عودة المحضون للحاضن: يرى القضاة أنه يتم وضع ضمانات إذا تطلب الأمر ذلك. ثامناً: حول تغيير الزيارة تبعاً لعمر المحضون، أو الظروف المحيطة أو المستجدة: يرى القضاة أن الزيارة تتغير تبعاً لذلك. تاسعاً: وجود الأسباب التي تؤدي إلى منع الزيارة: يرى القضاة أن كل ما فيه ضرر ويلحق بالمحضون أو الحاضنة على السواء من الزائر، يعد سبباً لمنع الزيارة. عاشراً: حول إعادة النظر في الموضوع بعد تحديد وقت الزيارة ومكانها، والمطالبة بذلك أمام القضاء، وأسباب طلب اعادة النظر مرة أخرى: يرى القضاة أنه إذا ظهر ما يؤثر في مصلحة المحضون أو زواج الأم، أو أي سبب يعتبر سبباً مقبولاً فإنه لا بأس من إعادة النظر في تحديد وقت الزيارة ومكانها. قضايا واقعية في المحاكم السعودية تحدد معالم زيارة المحضون: تطبيق 1 الحمدلله وحده، وبعد، لدي أنا.........القاضي في المحكمة الكبرى حضر فلان وكيلاً عن فلان بموجب الوكالة الصادرة عن عدل المدينةالمنورة الثانية برقم ..... وتاريخ.... وجلد.... وحضر لحضوره فلان، وكيلاً عن فلانة بموجب الوكالة الصادرة عن عدل الرياض الثانية برقم.......... وتاريخ......... وجلد.......... فادعى الأول قائلاً إن موكلة هذا الحاضر كانت زوجة لموكلي، وقد أنجبت منه ثلاثة أولاد، وهم فلان وفلان وفلانة، وقد طلقها عام..........فبقى الأولاد معها حتى الآن، وحيث إنها تزوجت منذ أربعة أشهر، والأولاد الآن عند هذا الحاضر، اطلب تسليم الأولاد لموكلي ليتولى حضانتهم وهذه دعواي. وبسؤال المدعى عليه عن الدعوى أجاب قائلاً: ما ذكره المدعى صحيح كله جملة وتفصيلاً، ما عدا البنت، فليست عندي بل ذهبت مع أمها في القصيم، حيث إن زوجها الحالي يقيم هناك، ولا مانع لدي من تسليم الولدين اللذين عندي، هكذا أجاب، ثم صادقه المدعي على أن البنت عند أمها في القصيم ما دامت البنت عندها، هكذا أجاب. حكم القاضي في هذه القضية: بناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة ومصادقة المدعى عليه على أن الولدين لديه، وان أمهما تزوجت وحيث قرر المدعي تنازله عن المطالبة بالبنت، واستعداده إقامة الدعوى لدى مقر أمها، وحيث إن الأب أحق بحضانة ولديه كما قرر أهل العلم في مظانة، لذلك كله أفهمت المدعى عليه بتسليم الولدين لوالدهما، وبذلك حكمت وبعرضه عليهما قررا القناعة. تطبيق ما حكم به القاضي على كلام الفقهاء: إن ما حكم به القاضي يتماشى مع الأحكام الفقهية، حيث إن الأم أولى بالحضانة ما لم تتزوج لحديث"أنت أحق به ما لم تنكحي"وهذا بالإجماع بين الفقهاء في المذاهب الأربعة". تطبيق رقم 2 صورة الواقعة الحمدلله وحده، وبعد، لدي أنا.........القاضي في المحكمة الكبرى في الرياض، حضرت فلانة وادعت على الحاضر معها، قائلة في دعواها طلقني المدعى عليه، ولي منه بنتان، وهما فلانة.... أربع سنوات، وفلانة وعمرها سنتان، وقد أخذهما والدهما المدعى عليه، وحيث أنني لم أتزوج حتى الآن، أطلب الحكم على المدعى عليه بتسليم ابنتي لي لحضانتهما. وبسؤال المدعى عليه أجاب قائلاً ما ذكرته المدعية صحيح وأن بنتيها عندي، ولا مانع من تسليم البنتين، ولكن أريد زيارتهما. حكم القاضي في هذه القضية: وبعد مفاهمة الطرفين وبناء على اتفاقهما وبرضاهما واختيارهما على أن يسلم المدعى عليه للمدعية بنتيها لحضانتهما، وعلى أن يأخذ المدعى عليه بنتيه الساعة الثانية عصر يوم الأربعاء، ويعيدهما الساعة الثانية قبل عصر يوم الجمعة من كل أسبوع، ويكون التسلم والتسليم لدى مركز قسم شرطة الحي، وفي قسم شرطة النسيم، وتكون هذه الحضانة حتى تبلغ البنات سن السابعة، وما لم تتزوج المدعية فيعاد النظر في الحضانة بدعوى مستقلة، فبناء عليه فقد أجزته وأمضيته وحكمت بلزومه. تطبيق حكم القاضي على كلام الفقهاء : ما حكم به القاضي من تحديد الزيارة بيومين من كل أسبوع جاء متماشياً مع ما ذكره الشافعية والحنابلة، إذ إن فقهاء الحنفية والمالكية يطلقون في مسألة تحديد الزيارة. أما عن كون التسليم يكون في مركز الشرطة، فهذا يعد إجراء من القاضي لأجل ضمان عودة المحضون لحاضنه وهذا يتفق مع ما ورد في نص المادة 198 من نظام المرافعات، إذ نصت المادة أن للقاضي أن يضع كفيلاً إذا رأى تقرير ذلك، وهو أيضاً ما هو معمول به في المحاكم الشرعية بناء على ما ورد في الاستبانة المعمولة حول الضمانات التي تضمن عودة المحضون لحاضنه.