تفضل كل من الخالة خديجة وصالحة ورحمة، تبادل الزيارات في أوقات "العصرية" من كل يوم مع جاراتهن في الحي، إذ يتجاذبن أطراف الحديث ويتناقلن أخبار الجيران وسكان الأحياء المجاورة لهن، تتوسطهن نصبة الشاهي"السموار"، حيث لا تخلوا الجلسات من دون"كأس شاهي"مصنوعة بدقة، وحسب مواصفات خاصة تتناسب وذوق كل منهن. ونصبة الشاهي"السموار"، من العادات القديمة المتوارثة من العصر العثماني لأهل مكةالمكرمة، ومازالت تحرص عليها بعض العوائل، خصوصاً من كبار السن الذين اعتادوا على شرب الشاهي المفضّل لدى غالبية سكان المدينة، وحسب أذواقهم الخاصة، كإضافة النعناع، أو الحبق وورق الليمون أو الورد كلاً حسب طلبه، وحتى السكر لكل واحدة منهن لها مقدار معين. تقول الخالة خديجة 55 عاماً"لقد اعتدنا على نصبة الشاهي قاسماً مشتركاً في تجمعاتنا اليومية أو عند زيارة صديقاتي وجاراتي لي". وتضيف" نصبة الشاهي تحتوي على السموار وهي آلة لصنع الشاهي بواسطة البخار، كان يستخدمها أهل مكة في الماضي، وإلى الآن فغالبية الجيل الجديد يفضلون عمل الشاهي باستخدام غلاية الماء الكهربائية". "فناجين"الشاهي و"البراد"فيما تفضّل بعض صديقاتي وضع الشاهي في"براد"مصنوع من الزجاج الصيني، يوضع في قاعه بعض من أوراق النعناع، وكذلك السكرية". ولا تقتصر نصبة الشاهي على تلك الأدوات بل تتغير محتوياته مع اختلاف الضيوف، إذ تفضل بعضهن شرب الشاهي في كوب كبير، وأخرى تفضل نوعاً معيناً من السكر"ناعم أو خشن، أو مكعبات"، وفي هذه الحالة لابد من وضع جميع أنواع السكر في"التبسي"المخصص لنصبة الشاهي، لتختار كل منهن ما تريد. وتقول الخالة صالحة 48 عاماً"إن هذه الأشياء مكلفة ومتعبة، إذ يلزم الإعداد لها قبل أسبوع من قدوم الضيوف". وتختلف معها الخالة رحمة بقولها إن إعداد نصبة الشاهي أثناء اجتماع لسيدات الحي، من أحب الأعمال إليها، مرجعة ذلك إلى أنها تعود بها بالذاكرة إلى"ذكريات جميلة خلت". وتقول"تعد نصبة الشاهي من العادات القديمة لأهل مكة والتي أحرص على اتباعها حتى لا تختفي"من فات قديمه تاه"، خصوصاً وأن الجيل الجديد لا يمارس تلك العادات التي أخشى عليها من الزوال".