"من لم يحترف لم يعتلف" هذا المثل الذي وضعه منصور المدني نصب عينيه طوال سني حياته التي قضاها في اجتياز الصعاب، فتارة تقسو الأيام عليه وتارة تحنو عليه بحلوها، إلى أن وصل إلى مبتغاه وحلمه الذي لا يزال يتوّجه بنجاحات متتالية، بدأ مشواره في العمل بعمر صغير لكن بعقل متزن وهمة تهتز لها الجبال، روى مسيرته العملية أمام جمع غفير من الحضور ضم رجالاً وسيدات أعمال وقادة وأصحاب قرار. يقول المدني"توفي والدي وأنا في الحادية عشرة من عمري وكنت الأخ الأكبر لخمس بنات والوحيد لأمي، تركت دراستي وذهبت للبحث عن عمل يساعدنا على مواجهة قسوة العيش، فعملت في طلاء الدهان بأجر قدره 50 ريالاً في اليوم لمدة عام كامل، واكتسبت الخبرة في هذا المجال، واتجهت بعدها إلى العمل في ورشة للسيارات بأجر 600 ريال في الشهر، وكان يزيد دخلي كلما انتقلت من عمل إلى آخر. يضيف المدني"انتقلت بعدها إلى حلقة الخضراوات لبيع التمور، وبعد مضي أربع سنوات فكرت مرة أخرى في إكمال دراستي واجتهدت فيها"في القسم الليلي"وفي النهار كنت أعمل في مصنع الجفالي للمكيفات، إلى أن حصلت على شهادة الكفاءة المتوسطة، ولم أكتف بذلك فدخلت عالم الكمبيوتر وتعلمت اللغة الانكليزية، حينها جاءني عرض للعمل في شركة بوظيفة سكرتير مدير عام وعملت سنتين وخمسة أشهر وكان راتبي حينها 3500 ريال، وأثبت وجودي إلى أن أصبحت مديراً لشؤون الموظفين ثم مديراً لمكتب المدير العام وكان عمري حينها 22 عاماً واستمررت عامين في هذه الوظيفة". ويكمل المدني حديثه بقوله"شاءت الأقدار أن ألتقي بالدكتور محمود خان، فتبناني وطور من مهاراتي، وعملت في الشركة العربية للزجاج مراقباً في مجال الجودة والإنتاج، وتطورت في عملي وكنت في الوقت نفسه أتابع تحصيلي العلمي في معهد التطوير الإداري، واجتزت دورات في اللغة الانكليزية وأخرى متخصصة في المجال الصناعي". ويشير منصور إلى أنه يعمل حالياً في إنتاج قوارير الزجاج التي يذهب 60 في المئة مما تنتجه الشركة، تحت إدارته إلى بلدان خارج السعودية، منها اسبانيا وايطاليا وجنوب إفريقيا، وهو يعتبر على حد قوله أول سعودي منتج في هذا القطاع، وقد يكون الوحيد المنتج لقوارير المشروبات الغازية. ويضيف"لم يكن هذا العمل سهلاً، بل تطلب مني الجلوس تحت درجة حرارة 60 إلى 65 درجة مئوية، هذا في فصل الشتاء، أما في فصل الصيف فكانت تصل أحياناً إلى 75 درجة، ذلك لأننا نتعامل مع رمل ونار، وهذا ما تطلبه صناعة قوارير الزجاج. ولا يزال منصور المدني الآن على رأس عمله، وحريصاً في الوقت نفسه على الاستمرار في إكمال دراسته، وليكون"دائماً الأفضل".