تعيش الخريجات الراغبات في الحصول على وظائف حكومية حال طوارئ واستنفار في كل عام بمجرد نشر إعلان عن وجود وظائف شاغرة لدى ديوان الخدمة المدنية. إذ تتدفق مئات الراغبات في شغل تلك الوظائف على مكتب التوظيف النسائي خلال فترة التقديم، وكشف مصدر مسؤول في مكتب ديوان الخدمة ل"الحياة"أن عدد المتقدمات إلى هذه الوظائف يتجاوز ثلاثة آلاف متقدمة يومياً خلال الأسبوع الأول من نشر الإعلان في الصحف المحلية، وتنخفض الأعداد تدريجاً مع مرور الوقت لتتراوح بين 100 إلى 200 متقدمة في الأسبوع الأخير للتقديم. وفيما اعداد المتقدمات يعد بالآلاف، فإن الوظائف المطروحة تعد على أصابع اليد لتدني عددها، إذ إن وظائف القطاع الحكومي عموماً ومنها القطاع التعليمي خصوصاً أصبحت شبه معدومة في السنوات الأخيرة، ومع هذا فالأمل بالحصول على وظيفة، هو الدافع الوحيد للراغبات في العمل بزيارة مكتب التوظيف وتقديم أوراقهن. تقول إحدى العاملات في مكتب التوظيف النسائي التابع لديوان الخدمة المدنية في محافظة جدة ل"الحياة""يشهد المكتب إقبالاً كبيراً من جانب الفتيات الراغبات في الحصول على وظائف حكومية بعد كل إعلان ينشر في الصحف المحلية عن وجود وظائف شاغرة في الديوان، فيما يختلف الوضع تماماً في بقية أيام السنة، إذ لا يتجاوز عدد الزائرات للمكتب للاستفسار عن وظائف شاغرة العشر سيدات أو أقل في اليوم الواحد". وتقول"إن الديوان يعلن عن وجود وظائف شاغرة للسيدات مرتين فقط في العام الواحد". الخبرة شرط أساسي وفي جولة ل"الحياة"داخل ممرات وصالات المكتب التقت العديد من الفتيات الباحثات عن وظائف شاغرة في مكتب ديوان الخدمة، اللائي أجمعن على أن هذه الزيارة ليست الأولى لمكتب التوظيف إذ سبقتها زيارات عدة للمكتب. تقول خريجة قسم الرياضيات من كلية العلوم في جامعة الملك عبدالعزيز غادة محمد "هذه زيارتي الثانية لديوان الخدمة، إذ زرته في العام الماضي بعد نشره إعلاناً في الصحف المحلية عن وظائف شاغرة، على رغم قناعتي المسبقة بعدم وجود وظائف". وترجع سبب زيارتها للمكتب إلى أملها في الحصول يوماً على وظيفة حكومية ذات دخل ثابت. وتقول"لقد تقدمت بأوراقي في العديد من القطاعات الأهلية، وخصوصاً المدارس الأهلية، ولكن من دون جدوى، فشرط الخبرة كان يقف حاجزاً أمامي، كوني حديثة التخرج ولم يسبق لي أن عملت في وظيفة سابقاً". وتشاطرها الرأي أحلام الحربي الخريجة منذ عامين من قسم الحاسب الآلي في جامعة الملك عبدالعزيز بقولها"مر على تخرجي عامان، قضيتهما كلها في البحث عن عمل، إذ تقدمت للعديد من الوظائف في مدارس أهلية، وحصلت على وظيفة في إحدى المدارس، ولكني لم استمر فيها طويلاً، بسبب كثرة المهمات الوظيفية وتدني الراتب". وتضيف"أملي في الحصول على وظيفة حكومية في مجال تخصصي، اضمن بها مستقبلي لأن الوظائف الحكومية مضمونة أكثر، وليست كوظائف القطاع الخاص التي تفتقر إلى الاستقرار الوظيفي". اولوية التوظيف ولم تكن خريجة الفنون الجميلة من كلية الاقتصاد المنزلي منذ ثلاث سنوات منال الحربي أفضل حالاً من سابقاتها فتقول"أولوية التوظيف من نصيب خريجات جامعة الملك سعود في الرياض، وتسأل نحن خريجات جامعة الملك عبدالعزيز ماذا نفعل بشهاداتنا؟، وأين الوظائف المتاحة لنا؟". وتضيف، هل من المعقول أن نواجه بهذه الشروط غير المنطقية في محافظة جدة؟، لا يوجد هنا خريجات من جامعة الملك سعود، فالغالبية درسن هنا في جامعة الملك عبدالعزيز، وما الفرق بين الشهادتين؟، أليست كلتاهما جامعة سعودية؟. وتتابع بألم ممزوج بالغضب"منذ تخرجي وهمي الوحيد هو إيجاد وظيفة، فلم اترك مكاناً إلا وذهبت إليه، ولكن من دون جدوى، حتى ديوان الخدمة زرته أكثر من مرة"، معلله سبب هذه الزيارات المتكررة إلى رغبتها في الحصول على وظيفة حكومية حتى وإن كانت خارج محافظة جدة". ولا تختلف مشكلة منال الحربي كثيراً عن مشكلة سمر وليد خريجة قسم إحصاء حاسب من جامعة الملك عبد العزيز عام 1424ه، والزائرة لمكتب التوظيف خمس مرات متتالية منذ تخرجها على أمل الفوز بوظيفة حكومية. تقول سمر"احضر إلى المكتب في كل مرة اقرأ فيها إعلاناص عن وجود وظائف شاغرة في الديوان، وهذه المرة الخامسة التي أتقدم بأوراقي للمكتب ويتم رفض طلبي، لأسباب متعددة، منها عدم ملاءمة تخصصي للوظائف المطروحة". ولعدم توافر وظائف شاغرة تلائم تخصصها تابعت تحصيلها العلمي وأخذت العديد من الدورات في الحاسب الآلي واللغة الانكليزية، إضافة إلى دورة متخصصة في برنامج معارف، حتى تستوفي الشروط اللازمة لنيل الوظيفة. وتضيف"تقدمت بأوراقي إلى إدارة التربية والتعليم، بعدما علمت عن وجود وظائف شاغرة في بعض المدارس، وطلبت مني مسؤولة التوظيف أن آخذ دورة في برنامج معارف، حتى أتمكن من دخول المنافسة على الوظائف المطروحة، ففعلت ولكن بعد حصولي على الدورة المطلوبة تقدمت مرة أخرى بأوراقي، ومع الأسف رفضت مجدداً ولم أحصل على تلك الوظيفة". وتعاني ريما السعيد من المشكلة نفسها التي تعانيها سمر وليد والمتلخصة في عدم ملاءمة تخصصها للوظائف المطروحة من جانب الديوان، فهي خريجة من قسم الحاسب الآلي، إذ ان هذا التخصص نادراً ما يتيح للنساء فرصاً وظيفية من جانب ديوان الخدمة المدنية. وتقول"لقد زرت المكتب العام الماضي، وعلى رغم وجود العديد من الوظائف الشاغرة والمطروحة في مجال تخصصي، لكني لم أوفق في الحصول على وظيفة، علماً أنه لم يكن لذي مشكلة في العمل في القرى التابعة لمحافظة جدة". ... والمشكلة واحدة زائرات مكتب التوظيف هن نموذج لآلاف الفتيات الراغبات في العمل، وأن اختلفت قصصهن، فشح الوظائف فاقم مشكلة البطالة، وعدد زائرات المكتب يتزايد سنة بعد أخرى ليصل الى 3 آلاف متقدمة يومياً.