بدأ قطاع الخدمات في دول الخليج العربية وفي إطار عمل الاتفاق العام لتجارة الخدمات والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية الغات وبالتحديد مع مبادئ الدولة الأولى في الرعاية والمعاملة الوطنية وحرية الوصول إلى الأسواق والوضوح والشفافية وتدفق التحويلات والمدفوعات، في تحرير أنشطة الشركات الأجنبية العاملة في مجال الخدمات من القيود المفروضة. كما بدأ في تحرير اللوائح المتعلقة بقطاعات معينة مثل الخدمات المالية والمصرفية وخدمات التأمين وحركة العمالة وخدمات الاتصالات وغيرها والانفتاح التدريجي لهذه القطاعات أمام المنافسة الأجنبية. أما بالنسبة إلى الخدمات القانونية فقد يسر التقدم التكنولوجي الحاسب الآلي الانترنيت والبريد الإلكتروني والهاتف والفاكس الحصول على هذه الخدمات وفي المقابل إلى تزايد التخصص وتمييز الخدمات المقدمة عبر الحدود، وستكون الشركات المهنية قادرة على تصدير هذه الخدمات بسهولة ومن ثم تقليل الحاجة إلى إنشاء شركات أجنبية تابعة، وعلى رغم ذلك فإن هذه التقنيات ستجعل نقل المهارات أكثر سهولة ما يجعل الخدمات القانونية في وضع أفضل من وضعها الحالي. وبالنظر إلى واقع ومستقبل التحديات التي تواجه مهنة المحاماة في دول الخليج في ظل الاتفاقات الدولية والعولمة، أظهرت في هذا الصدد إحدى الدراسات التي أجريت عن تطور المهنة في دول الخليج التي عممت في شكل عام على دول الشرق الأوسط ودول العالم النامية مع ملاحظة وجود بعض التباينات الثقافية والاجتماعية التي لا تؤثر في شكل كبير في النتائج المهنية الصادرة عن الدراسة والمتمثلة في التالي: تطور مهنة المحاماة وأبرز مظاهر هذا التطور الآتي: - الاهتمام بوجود كليات كافية مستقلة لتدريس القانون. - رصد الإمكانات التي تؤدي إلى رفع مستوى الخريجين والإعداد الأكاديمي، والاهتمام بتخريج عدد أكبر من دارسي القانون كماً وكيفاً. - العمل على رفع مستوى التدريب القانوني للخريجين بإنشاء معاهد تدريب للمحامي قبل امتهان العمل ليتمكن من مواكبة التطورات القانونية العالمية والدولية. - إنشاء هيئات محترفة بالشكل اللازم والعدد الكافي تشرف على تنظيم مهنة المحاماة تنبثق عن المحامين وتعنى بضبط معايير دقيقة لأداء المحامين وتنظيم حقوقهم ووضعهم الاجتماعي والأدبي والخروج بهم إلى العالمية والدولية في ممارسة أعمالهم. - إعطاء حصانة كافية وملائمة للمحامين للقيام بكامل واجباتهم. - تفهم المجتمع لمهنة المحامي وطبيعة عمله ودوره المهم وانعكاس ذلك على تعامل المجتمع مع المحامين والاستعانة بهم بالقدر اللازم والكافي. - تطور الأنظمة القضائية لمواكبة التطور المدني والتقني العالمي. - التواصل بين المحامين في دول العالم الثالث إضافة إلى وجودهم في المنظمات الحقوقية العالمية ولعل وجودهم في الاتحاد الدولي للمحامين يظل الأكثر تميزاً عند مقارنته بالوجود في المنظمات الحقوقية حول العالم. - اشتراك المحامين في ورش العمل والندوات والمؤتمرات ذات الصبغة القانونية الدولية على النطاق المحلي والإقليمي والدولي التي تنظمها المنظمات الإقليمية مثل مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد العربي للتحكيم ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم. - وجود خطط واضحة في دول العالم الثالث لتطوير المهنة لتكون من أهم أدوات العمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي محلياً ودولياً ولعل مهام واختصاصات فريق التحكيم السعودي خير مثال لما تقوم به السعودية في هذا الخصوص. أسباب تفضيل الشراكة المهنية أن توجد الثقة بين الشركاء، مع استيعاب السوق، ووجود الفكر المهني الصحيح وتنوع الاختصاصات، ووجود فرصة أكبر للتوسع والتطور المهني، وإمكان خدمة أفضل للعميل، والتفاعل المهني الاحترافي، واكتساب الشهرة بين الشركات والمؤسسات الكبيرة وإنشاء كيانات قانونية مهنية كبيرة، ورفع كفاءة المحامين. وجميع هذه العوامل أدت إلى ظهور الاندماجات بين مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية وتكوين شركات مهنية بين المحامين ليكونوا في وضع مهني أفضل لتقبل التعاون مع الأعمال الكبيرة للمنشآت الكبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي. أسباب تفضيل الملكية الفردية - ممارسة المهنة ناتج فكري فردي في الاجتهاد لتطبيق الأنظمة واللوائح. - ميل المحامي إلى الاستقلالية سواء من الناحية الأدبية أو المادية في المسائل المتعلقة بالخبرة والتحكيم. - اختلاف الخبرة والتحكيم. - اختلاف مفهوم الشراكة المهنية. - المناخ القانوني للشراكة المهنية هو الأقرب لنظرة المحامي عند ممارسته لأعماله على البعد الدولي والعالمي. وهو ما أدى إلى شبه إجماع على حصول المهنة والمنتمين إليها المكانة اللائقة والموجبة لها بالنظر إلى طبيعتها وأهميتها ومحيط عملها. وإذا كان هذا هو واقع المهنة في دول الخليج فهو يتقارب أو يتباعد كثيراً أو قليلاً مع واقعها في دول العالم الثالث لاعتبارات تتعلق بالثقافة والتعليم والبيئة والاقتصاد، ومثال ذلك بعض الدول مثل الصينوالهند وتركيا، لأن الخدمات القانونية ازدهرت في شكل رائع بازدهار إنتاج صناعات متطورة وتصديرها وتطور قوانين حماية الملكية الفكرية الأدبية والصناعية فيها، ولكن مع ذلك تجمعها المخاطر والتحديات التي تنتظرها جراء العولمة. ولكي تتفق الخدمات القانونية مع اتفاق منظمة التجارة العالمية واتفاق تريبس فإن ذلك يتطلب أن تكون العقود المبرمة وفق اشتراطات هذه الاتفاقات لحماية المصالح والمنتجات من السلع والإنتاج الفكري والصناعي. ومما تقدم يتضح أن واقع المهنة يكون محاطاً بمخاطر وتحديات أهمها: 1 منافسة الشركات المهنية الأجنبية للمحاماة والاستشارات القانونية العالمية القوية للمكاتب المحلية الفردية. 2 مدى مواكبة المحلية لمتطلبات المرحلة المقبلة إذا ما لجأت إليها الشركات الكبرى أو الصغرى للاستشارة أو لتناول قضية. 3 اللحاق بركب المهنية العالمية في مجال الاستشارات والمحاماة. علماً بأننا نلاحظ في الفترة الأخيرة اهتماماً عاماً وجماعياً من المحامين في دول الخليج والشرق الأوسط ودول العالم الثالث بتطوير القوانين والأنظمة وتهيئة المناخ الأفضل لممارسة العمل الحقوقي في شكل عام، يظهر في مشاركاتهم الإقليمية والدولية في المنظمات العالمية الحقوقية مثل الاتحاد الدولي للمحامين والمنظمات الأخرى المتخصصة مثل جمعية حماية الملكية الصناعة، إضافة إلى استضافة المؤتمرات العالمية الحقوقية المتميزة في أوطانها كما حدث قبل أعوام عدة في الهند، وفي فاس في المغرب حيث يعقد الاتحاد الدولي للمحامين مؤتمره في عام 2005. وهو أمر نرحب به ونشجعه ونتمنى أن يوفق المحامون في دول العالم الثالث لإنجاز هذه المهام نظراً إلى الخير الكبير الذي يعود على المجتمعات وعلى مكانتهم الم رموقة. * محامي ومستشار قانوني