حتى في المجال الرياضي ... ما زلت أتساءل: هل نستطيع أن نتحرر، ولو تدريجاً من نرجسية تلميع المنظر؟! وهل بمقدورنا أن نعترف وبأعلى صوت بأن أعطاباً مزمنة تهدد ذواتنا بعاهات التفاخر الفتاكة والفوقية والشوفينية؟! وهل نحن صادقون مع أنفسنا في ما نحمله من ألقاب أكاديمية نستهلكها بالأنا المتضخمة... ونؤثث بها خطاب الواقع؟! هذه الأسئلة التي طرحتها في مقال اجتماعي في مكان آخر غير مرة أرحها هنا كمدخل أؤيد به تصور الناقد عبدالصمد بن شريف، ولكن ليس ضد رهان الخسارة، وليس للخوض في ما تصادم فيه بعض أساتذتنا، وليس رداً على زملائنا الذين صدعوا بغطرسة الذات في الاعتداد بالنفس التي تشكو الممارسة التي ترقى بها الأنا إلى مستوى السمة الساخرة... وإنما لنفض غبار هتافات الاستحسان السلبية التي تخلخل مكانة المثقف والذي أحاط بدرجة الدكتوراه بغروية نزقة وزائدة عن اللزوم، ما أفضى بشخصيته إلى إنتاج بنية فكرية اجتماعية ورياضية معاقة لذاته، ومعيقة لأي تطور يلامسها أو تقدم يرتقي بها في اتجاه الجيد والأصلح. إن درجة الدكتوراه لا تعدو كونها قيمة علمية ثقافية تنتصر للمقصديات المتخصصة بنبل مخرجاتها وتوصياتها وتحقيق أهداف فروضها ونقاء دوافعها سواء أكانت دوافع أكاديمية أم رياضية أم فكرية...إلخ. كما أنها لا بد من أن تقترن بشخصية تسمو بأخلاقيات حاملها وتحول دون تمكنه من تجسيد باقة من الغرور والسادية التي يشهدها خلف حرف الدال بحماسة وغطرسة ضارية متمتعة بالاندفاع ومتسلحة بفقاعات متعملقة لا تلبث أن تتلاشى بسرعة فائقة حتى وإن أحيطت بهالة اللقب ونجوميته الفكرية والثقافية والرياضية وشراحه التكنوقراطية والتي ترى بصلفها أنها تشير إلى تمام التغيير في كل مجال وعلى وجه الدقة!! ومن الأكيد أو يكاد يكون من الأكيد أن بعض حملة درجة الدكتوراه تصبح الدال هي التي تصنع توجيهاتهم وثقافاتهم وليس العكس، وحينها قد تفتقر الشخصية "الدكتورية" لدورها الفكري وتأثيرها بنفوذ العلم والحلم والخلق في المسار الثقافي في شكل عام!! وأكيد أيضاً أن لقب دكتور يصبح عندها أصغر بكثير من مقاس هندامه ومن أنساغ روحه التي تجيء ضاجّة بسكرات الحياة. شكراً... للكاتبين الناقدين عبدالصمد بن شريف وسعد سرحان، فلقد علمت منكما أن لقب دكتور يتضاءل ببعض المثقفين، مثلما يتشمخ ببعض النفوس الخلاقة الفذة الخلوقة، باعتبار أن من يسلك من هؤلاء البعد الثقافي والأخلاقي اللافت للقلب والفكر فهو دكتور... كلُّه دكتور!! ومن يلزمه فهم خطاب معطوب بالتفاخر والشوفينية سيظل يقبع في ظل زوايا نسيان الواقع أو تناسيه، باعتبار أن ثقافة الدكتوراه ليست هي الجنس الفكري الأسمى والأنبل، اللهم إلا لهؤلاء الذين يرجحون ذواتهم بالأنواع النبيلة للمعارف الثقافية والسلوكيات الفاضلة واحترام الذوات الأخرى، ضمن مفاضلة أساسها تشبيه الدال بالدُّر...!!