تسببت الأمطار التي هاجمت مدينة الرياض صباح أمس فجأة، في سد شوارع رئيسة، منها الطرق الدائرية الشمالية والشرقية وطريق خريص. لكن الأمطار التي سدت الشوارع هي تلك التي هطلت بغزارة بين الثانية بعد منتصف ليل الخميس والسادسة من صباح الجمعة. "معظم شبان ورجال الرياض يحبون قضاء ليلة الجمعة في الاستراحات حول المدينة إلى ساعات متأخرة"، يقول محمد العباد الذي يعمل في البنك البريطاني:"المطر الغزير تسبب في سجنِ هؤلاء في استراحاتهم إلى ما بعد شروق الشمس". ولعل الضرر لم يقتصر على رواد الاستراحات الذين بقوا فيها إلى ساعة متأخرة من الصباح بعد الثانية، بل امتد إلى زوجاتهم. فخلف أبواب منازل كثيرة في الرياض، اكتسب الحزن والقلق طابعاً آخر، فالزوجات ينتظرن قلقات على مصير أزواجهن، خصوصاً أن بعض الاستراحات يقع في مناطق تعاني ضعفاً في تغطية ارسال الهاتف الجوال. أبو نواف ترك أصحابه في الاستراحة القريبة من تقاطع شارع خالد بن الوليد مع طريق الدمام السريع في الثالثة صباحاً، على رغم كلمات وجمل مثل:"بدري يا أبو نواف... الليلة بأولها... تو الناس... سراك في اللعب"، كل تلك الجمل وشوق أبي نواف الذي لا ينتهي للعب"البلوت"، لم يكن كافياً لإقناعه بالجلوس. لكن"اغتيال الطرق"التي يمكن أن توصله إلى منزله فاجأه، وقاده مجدداً إلى شباب الاستراحة الذين عاد إليهم بعد نصف ساعة، فملأت الضحكات المكان. لم يعر أبو نواف تلك الضحكات اهتماماً، واتجه مباشرة إلى مكانه المفضل، ليكمل توزيع ورق"البلوت"وهو ينفث دخان معسله، ضاحكاً ومتناسياً أمر العودة إلى المنزل قبل السادسة أو السابعة صباحاً. شاب يجلس في إحدى زوايا المكان، ضحك أيضاً بمجرد عودة أبي نواف، ليس عليه، بل لأنه وجد عذراً يقوله لزوجته:"المطر هو الذي أخرني"، في الوقت الذي سيكون هو الآخر يلعب"البلوت"، ولكن هذه المرة ببال مرتاح، لأنه لن ينشغل بالتفكير إن كان عذره سيجدي أم لا، فهل تشفع أعذار غيره لدى زوجاتهم في معادلة صباح الجمعة؟ الذي غالباً ما يقضي رجال الرياض آخره، في بيوتهم، تعويضاً لأيام الدوام طوال الأسبوع.