لا تزال فرص المرأة في السعودية محدودة للحصول على هوية وطنية مستقلة عن الرجل، على رغم أن النظام أتاح لها هذه الميزة منذ التاسع والعشرين من شهر شعبان 1422ه وفق قرار رسمي من الدولة. من جانبها، فتحت إدارة الأحوال المدنية نحو 12 قسماً في فروعها في المناطق لخدمة النساء، وتعتزم فتح أقسام أخرى حسب مصادر رسمية، ولكن الإقبال عليها متفاوت من منطقة إلى أخرى، فتشهد الفروع في وسط البلاد وجنوبها وشمالها ضعفاً لأسباب متشابهة تقريباً، في المقابل تجد فروع الغربية والشرقية نصيباً أوفر من المراجعات. من أبرز الأسباب التي منعت النساء من استخراج الوثيقة الوطنية الرسمية في منطقة عرعر، العادات والتقاليد والأعراف القبلية، حسب ما أكدته أم إبراهيم فضلت عدم ذكر اسمها بأن الحاجة إلى بطاقة الأحوال المدنية باتت ماسة جداً لإنهاء أي معاملات حكومية من دون الحاجة إلى معرف، ولكن"عاداتنا وتقاليدنا تحرمنا من التمتع بها". وتضيف:"يرفض زوجي استخراجي أي وثيقة تحمل صورة شخصية، على رغم أنني على موعد شهري مع الخلاف الأسري الذي يستمر في العادة أكثر من أسبوع، والسبب إصرار زوجي على أن يقبض راتبي". المعلمة"نورة"لا تحلم ببطاقة أحوال شخصية خاصة بها، ولكن تطمع في أن تحتفظ ببطاقتها للصراف الآلي، وتقول:"زوجي يحتفظ ببطاقتي من البنك، لأنني لا استطيع الوصول إلى مكينة الصراف الآلي، ما يجعله مطلعاً على حسابي الخاص ومتحكماً في ترتيب أموري المالية. وتضيف:"لا استطيع أن أصرف من مرتبي الشهري سوى القليل، ولا بد أن أتحمل هذا الوضع، وإلا فحياتي الزوجية مهددة بالانهيار". من جانبها، سردت أم مساعد فضلت عدم ذكر اسمها معاناتها مع الأنظمة والإجراءات الإدارية المطبقة بعد أن حصلت على الطلاق من زوجها. وأشارت إلى أنها اكتشفت أن زوجها سحب كامل رصيدها في البنك البالغ 160 الف ريال، قائلة:"اصدر زوجي وكالة شرعية مزورة بعدما احضر شهوداً للمحكمة على اساس ان المرأة التي معه زوجته وهي في الحقيقة ما هي ألا شقيقته". وتؤكد أنها لا تزال تواصل دعواها أملاً في الحصول على حقها، مشيرة إلى أنها استخرجت بطاقة أحوال خاصة بها بعد ان تمكنت من اقناع والدها بضرورة حصولها عليه. وتوضح أنها لم تستخرجه من فرع عرعر بل من إحدى محافظات السعودية، هرباً من"عادات وتقاليد وأعراف تعرض الأب للنقد الجارح فيما لو عرف الأمر"وفق ما أكدت. ويؤكد عبدالله الشمري من سكان طريف، أن الانتقادات الحادة تلاحق الأب أو الزوج الذي يستخرج بطاقة احوال لمن يعولها، مشيراً إلى أن محافظة طريف لا يوجد فيها قسم نسائي خاص بالمرأة في فرع الأحوال المدنية. ... ومبررات ضرورية دعت "الداخلية" إلى إصدارها أقرت وزارة الداخلية السعودية استخراج هوية بطاقة للمرأة في 29 شعبان 1422ه، لتكون وثيقة رسمية بدلاً من دفتر حفيظة النفوس للرجل الملحقة به المرأة، وهي مشابهة لبطاقة أحوال الرجل تماماً، وتسجل فيها البيانات المدنية كافة، إضافة إلى الصورة الشخصية للمرأة وهي محجبة. وأكدت وزارة الداخلية في حينه أن إصدار بطاقات الأحوال الخاصة بالمرأة السعودية بات أمراً ضرورياً فرضته مستجدات العصر، وتسهيلاً وتيسيراً لمعاملات وحاجات المرأة ذاتها وعلاقاتها مع بقية مؤسسات المجتمع وأجهزة الدولة. وأشارت إلى أن الهوية أساس لإثبات الشخصية في المعاملات التي تتطلب الحضور في الوكالات وعمليات البيع والشراء والتوريث والمعاملات المالية كافة، مؤكدة أن وجود بطاقة المرأة لا يعني عدم احتشام المرأة أو ما يخالف تعاليم الشارع، إنما من أجل التأكيد على هويتها ولإثبات حقوقها وإبعادها من الاستغلال، ومنعاً للعابثين من استغلال وضعها الحالي.