أربعة أيام من النشاط العقاري المتواصل شهدتها المنطقة الشرقية في معرض العقار والإسكان الدولي الثالث، الذي نظمته شركة معارض الظهران الدولية منذ يوم السبت الماضي، وشهدت خلالها تجاذبات كثيرة، كان أهمها ضخ المزيد من النشاط إلى السوق العقارية. وتفاوتت وجهات نظر المشاركين حول أداء المعرض، إلا أنهم أجمعوا على أن السوق العقارية في المنطقة الشرقية كانت بحاجة إلى المعرض، وإلى نوع من الحراك العقاري، الذي يحدث بلقاء العقاريين والمستثمرين من المنطقة وخارجها لتدارس الوضع، ومعرفة التطورات في بنية المؤسسات العقارية، ما يهيئ الأجواء لظهور أنماط جديدة من الشركات العقارية التي تحتاجها السوق. وعلى رغم وجود اتفاقات مبدئية أو في طور التنفيذ، بين مجموعة من كبار العقاريين في السعودية حول تشكل تحالفات عقارية، ونشأة شركات عقارية برأس مال"عملاق"، إلا أن المستثمرين ورجال الأعمال يحجمون عن إعلانها، مخافة أن تؤدي إلى"فساد"الخطط، أو تسربها إلى مجموعات أخرى"تشاركها"في الفكرة والتنفيذ وبالتالي في السوق. ويرى مراقبون عقاريون أن معرض العقار والإسكان الدولي الثالث لم يكن أكبر من سابقيه، ولم تشارك فيه إلا أعداد محدود من الشركات السعودية العقارية الكبيرة، إلا أنه تميز بحضور من خارج السعودية وبخاصة من دول الخليج، التي رأت فيه فرصة لكسب العميل السعودي في استثماراتها. وأضافوا أن الاعتقاد السائد بين العقاريين أن حال الركود التي عانى منها العقار منذ بداية العام الجاري، جاءت بسبب اتجاه رؤوس الأموال إلى سوق الأوراق المالية، التي شهدت طفرة كبيرة جذبت إليها"السيولة"في البلاد. وبدوا كأنهم مستسلمون إلى هذا الأمر، وفي الوقت نفسه متكئون على المقولة التي تدغدغ مشاعرهم بأن"العقار يمرض ولا يموت". وأشاروا إلى انه غلب على أحاديث العقاريين خلال أيام المؤتمر، حال التشكي من وضع السوق، وتأثير سوق الأوراق المالية عليهم، وكذلك ما يسمى"هروب"العقاريين إلى الخارج بحجة الشروط القاسية التي وضعتها وزارة التجارة للموافقة على المساهمات العقارية. وأوضحوا أن هذه الحال تركت آثاراً كبيرة على حجم الصفقات العقارية التي كانت متوقعة، على رغم اجتهاد المشاركين والمنظمين لتحقيق أرقام تكون متقاربة مع الأرقام التي حققوها في المعرضين السابقين، وبقي لديهم أمل في اليوم الأخير لأن يحمل مفاجأة حقيقية تنتشل المعرض من الأرقام"البسيطة"التي سجلها منذ افتتاحه. المشاركة الخارجية جاءت مشاركة العديد من الشركات العقارية غير السعودية في المعرض، ميزة سجلها المنظمون والزوار، وحملت في معانيها اهتماماً كبيراً من الشركات في الدول الخليجية بالعميل والمستثمر السعودي، وإلى تنامي القدرة الشرائية لدى السعوديين مع ارتفاع أسعار النفط، وانعكاسها على دخل المواطنين. ويقول خميس المهيري رئيس جناح"حكومة دبي"المشارك في المعرض ان المشاركة تعتبر فرصة مناسبة للتعريف بدبي وما تقدمه للمستثمرين، بالإضافة إلى التعريف بالجانب السياحي للمدينة. وأشار إلى أن المشاركة مزدوجة تختص بالمجالين السياحي والتجاري، ويتضمن الطرف التجاري"أكثر من جانب في مقدمته العقارات، ولدينا شركات عديدة ، وكذلك المنطقة الحرة لجبل علي ودائرة الأراضي والأملاك في دبي". ويؤكد اهتمام الشركات الإماراتية بالمستثمر السعودي، وينظرون إليه بكل اهتمام، وبخاصة أن السوق السعودية سوق واعدة تضم العديد من الخبراء الذين لهم إسهامات عقارية كبرى داخل السعودية وعلى مستوى الخليج، كما أن المنطقة الشرقية لقربها من الإمارات تعد من أهم المناطق الجاذبة للاستثمار العقاري وتتجه نحو نمو عقاري وتسير بخطى ثابتة في ذلك. وحول النظرة إلى سوق العقار السعودية، قال كريم نجار ممثل إحدى الشركات الخليجية المشاركة في المعرض:"من الضروري قبل الحكم بحدوث ركود اقتصادي في السوق السعودية، معرفة الأرقام الحقيقية لعدد المساهمات التي تمت وعدد قطع الأراضي التي تم تداولها، ومقارنتها مع الفترة نفسها من العام الماضي، كما انه من الضروري التفريق بين منطقة وأخرى، ومن باب أولى التفريق بين العقار في السعودية وبقية دول الخليج، وبخاصة مع وجود أرقام تدل على ارتفاع غير مسبوق للعقار في الإمارات عموماً وليس في إمارة دبي فقط". وأضاف، أن حديث العقاريين في مختلف دول الخليج كان عن خبر تدخل الحكومة السعودية لدعم القروض العقارية، وتسهيل منح الأراضي، وكذلك سن القوانين المتعلقة بالمساهمات العقارية، ما جعلهم يتفاءلون بانتعاش هذه السوق في جميع دول الخليج. وأكد نجار ان المعرض يمثل ملتقى للخبرات العقارية في دول الخليج وليس داخل السعودية فقط. وانه"لاحظ وجود الوفود العربية بحثاً عن الفرص الاستثمارية الأفضل، بعيداً عن تحديد المكان". وأكد وجود"تفاؤل بتحرك كبير لسوق العقار خلال الشهور المقبلة، وأن فترة الركود ستنتهي، وبدأ المواطنون يقبلون على الشراء، وان العقاريين بدأوا يشعرون بهذا التحسن وان كان تحسناً نسبياً إلا انه يبشر بما هو اكبر من ذلك". الندوات وحلقات النقاش كان البرنامج المصاحب للمعرض، الذي أعدته اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية، مميزاً لهذا العام، واستطاع أن يسرق الأضواء من المعرض لما قدم فيه من مادة علمية مهمة عن الشأن العقاري. وخلال أيام المعرض حفل بسلسلة متميزة من الندوات بدأت بلقاء يوم السبت مع وكيل وزارة التجارة والصناعة للتجارة الداخلية حسان فضل الله عقيل، الذي تناول القانون الجديد للمساهمات العقارية، والمساهمات المتعثرة وأسبابها، واللقاء الذي عقد يوم الأحد مع أمين المنطقة الشرقية ضيف الله العتيبي الذي تحدث في لقاء موسع مع الخبراء حول إستراتيجيات التنمية والمخططات العمرانية للمنطقة الشرقية. وعرض فيه العتيبي المخططات المحلية والتفصيلية لمدن حاضرة الدمام وكذلك الفرص الاستثمارية العامة. وفي الأمسية نفسها قدم المهندس محمد صالح الشايعي عرضاً لبرنامج معاً الذي تقوم فيه شركة الاتصالات السعودية بتنفيذ البنية التحتية للشبكة الهاتفية، وأعقبه حوار مفتوح مع الحاضرين. وفي اليوم الثالث تم طرح قضية تقديرات الطلب على المساكن والتمويل العقاري ودارت حول تقديرات الطلب على المساكن وخصائصها حتى عام 2025. وتحدث فيها الدكتور احمد جارالله الجارالله والدكتور فهد نويصر الحريقي والدكتور عدنان عبدالله الشيحة والدكتور جمال الدين يوسف. كما كانت هناك محاضرات في اليوم نفسه حول التمويل العقاري تحدث فيها المهندس محمد وصل الله الحربي وحسن شكيب الجابري ودارت حول استعراض تجربة صندوق التنمية العقاري وتجربة البنك الأهلي. وفي اليوم الرابع كانت محاضرة عن المستقبل الاقتصادي للسعودية وتحدث فيها رئيس المركز الاستشاري للاستثمار والتمويل الدكتور عبد العزيز بن محمد الدخيل، وكذلك حلقة نقاش لاستشراف الاستثمار العقاري في السعودية، تحدث خلالها الدكتور طارق فدعق والمهندس عبد العزيز كامل وسلمان بن سعيدان. وأمس حلقة دراسية حول التسويق العقاري وتحدث فيها صالح بن سليمان الرشيد ومحمد الطواش وعلي الحصان. وتميزت جميع المحاضرات وحلقات النقاش بحضور كبير وتفاعل، وتم طرح آراء مهمة وجريئة عكست اهتمام قطاع المستثمرين والعقاريين بالتنمية في البلاد، وضرورة انتعاش سوق العقار إحدى الدعائم الرئيسة للاقتصاد.