تفاعلت القطاعات المختلفة في الدولة بنوعيها العام والخاص، وكثفت مشاركتها في ملتقى التحكيم السعودي من منظور إسلامي دولي، الذي تحتضنه مدينة جدة في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني الجارينوفمبر، وينظمه مركز القانون السعودي للتدريب. ودشن مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس فريق التحكيم السعودي الأمير بندر بن سلمان بن محمد آل سعود، ملتقى التحكيم السعودي من منظور إسلامي دولي، وذلك في مدينة جدة يوم الثلاثاء الموافق 29 تشرين الثانينوفمبر 2005، وسط حضور نخبة من خبراء القانون والاقتصاد في السعودية والعالم العربي. وتأتي مشاركة وزارة العدل السعودية الواسعة من خلال القضاة، إضافة إلى ديوان المظالم وفريق التحكيم السعودي وجامعة نايف للعلوم الأمنية والمعهد العالي للقضاء، إضافة إلى العديد من مؤسسات التحكيم العربية ومنها مركز دبي للتحكيم الدولي، إضافة إلى محكمين وخبراء متخصصين في التحكيم النوعي الهندسي والمالي والبحري، ذلك ما يؤكد على أهمية الملتقى، الذي يأتي متزامناً مع انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، وحاجة القطاعات المختلفة بنوعيها العام والخاص، إلى فهم المتغيرات في الأنظمة والقوانين بعد الانضمام، إضافة إلى الكيفية الحقيقية للتعامل مع تلك المتغيرات، في ظل الاتفاقات التي تم توقيعها، حيث يلعب التحكيم دوراً رئيساً في فض منازعات التجارة الدولية. وفي هذا الإطار يطرح مجموعة من المتخصصين في المجالات القانونية والاقتصادية، العديد من أوراق العمل التي تركز على مفهوم التحكيم من منظور إسلامي دولي، وكيفية التعامل به قضائياً، في سبيل حل المنازعات والخلافات التي تنشأ بين الأطراف المختلفة. وفي هذا الصدد يطرح الدكتور حمزة حداد من مركز القانون والتحكيم في الأردن في عمان، ورقة عمل خلال الملتقى، تركز على إيضاح مفهوم التحكيم وكيفية التعامل به، ويقول:"يقصد بالتحكيم بالقانون، أن هيئة التحكيم تنظر في النزاع وتصدر حكمها فيه بحسب القواعد الموضوعية في القانون الواجب التطبيق على النزاع. فلو كان الخلاف حول عقد بيع أحيل للتحكيم، وكان القانون الأردني هو القانون المطبق على العقد، يتوجب على هيئة التحكيم أن تقضي بالنزاع استناداً للأحكام القانونية الخاصة بالبيع في القانون الأردني. مثلاً، تلزم المشتري بدفع الثمن مع الفوائد، أو البائع بتسليم البيع مع التعويض. وإذا توفرت الشروط القانونية اللازمة لذلك، تقضي بفسخ العقد من دون تعويض أو بتعويض. وفي حال الفسخ، تلزم كلا الطرفين بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل العقد: البائع يعيد للمشتري الثمن أو جزءاً من الثمن الذي قبضه، والمشتري يعيد للبائع البضاعة التي تسلمها. فإذا استحال ذلك، يحكم بتعويض عادل. كل ذلك بحسب القواعد الموضوعية في القانون الأردني، وليس للهيئة الخروج على هذه القواعد وتطبيق قواعد العدالة، وإلا كان حكمها عرضة للطعن أمام القضاء. فهيئة التحكيم من هذه الناحية، تتعامل مع القضية وكأنها محكمة رسمية". ويؤكد رئيس مركز القانون السعودي للتدريب المحامي والمستشار القانوني ماجد محمد قاروب، الذي يعمل على تنظيم الملتقى، أن الحديث عن التحكيم وأساليبه وأهدافه في حل النزاعات، بات أمراً مهماً في ظل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة، وتأتي فكرة تنظيم الملتقى الذي يستقطب أكثر من عشرين متحدثاً من مختلف الدول العربية، للحديث عن التحكيم وكيفية التعامل به، في وقت باتت الحاجة فيه ملحة لذلك، وبخاصة مع الانضمام الأخير للمملكة إلى منظمة التجارة العالمية، وما سيتبع ذلك من أنظمة وقوانين، يجب التعرف على كل جوانبها ومصالح الأطراف المتنازعة. وقال قاروب إن حضور مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس فريق التحكيم السعودي الأمير بندر بن سلمان، للملتقى، رعاية ومشاركة فاعلة، يؤكد أهمية الملتقى وأهدافه الاستراتيجية، إضافة إلى مشاركة وزارة العدل وديوان المظالم وجامعة نايف للعلوم الأمنية، من خلال القضاة والمحامين العاملين ومجموعة من المهندسين ورجال الأعمال، للشرح والتعرف عن قرب على طرق وأساليب التحكيم السعودي من منظور إسلامي دولي، والاستماع لتجارب الدول المجاورة في ذلك، وللشرح والتعرف عن قرب على طرق وأساليب التحكيم السعودي من منظور إسلامي دولي وتطبيقاته في القضاء السعودي، مع مقارنة تلك التطبيقات بما يتم في مراكز التحكيم العربية والدولية، بعد التأكيد على أصل الصلح والتحكيم في الشريعة الإسلامية، ومن ثم بيان تطبيقاته في القضاء السعودي، ومن ثم بيان التزامات المحكم المهنية والأدبية وبيان التحكيم النوعي والوسائل البديلة لحل المنازعات وبيان معايير اختيار المحكمين والخبراء وإيضاح ماهية التحكيم المؤسسي في المنظمات العربية للتحكيم.