اتفق المشاركون في الندوتين الثالثة والرابعة من مؤتمر"الشباب والتحديات في عصر العولمة"على مهاجمة وسائل الإعلام، معتبرين أنها"السبب في تنامي ظاهرة التطرف والغلو وانحلال المجتمع وانسلاخه من قيمه ومبادئه". وأشارت أوراق العمل في المؤتمر الذي بدأ أمس في فندق"انتركونتننتال"في الهفوف، إلى ان"الإعلام الفضائي والمقروء ساهم في صورة غير مباشرة في نشر التطرف من خلال تطرفه في مهاجمة المتطرفين، ما دفعهم إلى اتخاذ مواقف متطرفة تجاه المجتمع". وربما كان الدكتور عبد العزيز النهاري الوحيد بين المشاركين، الذي خفف لهجته في انتقاده الإعلام، لأنه إعلامي، وكان يتولى الإشراف العام على قنوات"art"، ويتولى حالياً منصب نائب رئيس التحرير للزميلة"عكاظ". واعتبر النهاري في ورقته، التي قدمها في الندوة الثالثة، الإعلام"جزءاً من مكونات العولمة، وإذا أردنا ان نواكب العولمة، فلا بد ان نجيد استخدام ورقة الإعلام". وحوت ورقة الداعية الشيخ خالد الشيخ الشايع أعنف هجوم على الإعلام، خصوصاً الصحف، فقال:"الإعلام المحلي تخلف عن مواكبة سياق الأحداث". وأضاف"لقد كان مفرخاً للتطرف والغلو، من خلال ما يقدمه من هجوم صارخ وعنيف على قيم المجتمع وتقاليده، ما دفع بعض الشباب إلى التطرف في الناحية الأخرى، فلقد استفز حميتهم". وأكد ان"إعلامنا لا يمثل سياسة هذا البلد، ولا يمثلنا كمواطنين". وأضاف"بعض الكتاب اليوم كانوا متطرفين ويؤمنون بالتفجير والقتل، ولكنهم تراجعوا عن فكرهم هذا، وتطرفوا في مواقفهم ضد المتدينين، وهم يسعون إلى التفريق بين الأمة". وعلى رغم كون صاحب الورقة الثانية في محور"التطرف والغلو"عبد العزيز القاسم إعلامياً، فهو مدير تحرير في الزميلة"المدينة"، غير أنه شارك أصحاب الأوراق الأخرى في الهجوم على الإعلام، واعتباره أحد مسببات التطرف والغلو، لكنه اعتبره واحداً من عشرة أسباب، استعرض ثمانية، ولم يسعفه الوقت المحدد لكل ورقة 15 دقيقة لاستعراض الاثنين الباقيين. والأسباب من وجهة نظر القاسم هي"الوراثة البيئية المتسمة بالضيق، والتربية المجتمعية التي قدمت للشباب توجهات محدودة". ومن الأسباب التي قدمها القاسم أيضاً"التطرف المضاد لبعض كتاب الصحافة، والصور المؤثرة التي ينقلها الإعلام للجرائم التي يرتكبها المحتلون للدول الإسلامية ضد المسلمين. والتأخر في"عصرنة"الخطاب الإسلامي، وضعف التواصل بين العلماء والشباب، وانعدام مؤسسات المجتمع المدني العامة". وانتقد الأستاذ في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الأحساء التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد صالح العلي الإعلام، وقال:"وسائل إعلامنا تطلق على من يقومون بالتفجيرات"الفئة الضالة، وتكفرهم، وهذا يدفعهم إلى التطرف المضاد". واقترح"إعطاء الأمان لهم، خصوصاً المؤمنين بالأفكار المتطرفة من دون ان يمارسوا التفجير والقتل، لكي نقنعهم ونصلح مفاهيمهم، ونبتعد عن ترهيبهم". وقال:"لنجمعهم، ونقول لهم"أخرجوا أفكاركم، ولنناقشهم بكل شفافية". وشن العلي هجوماً واسعاً على مسلسل"الحور العين". وقال:"إنه يزيد الأزمة ولا يعالجها، فقد كان مفتقداً الموضوعية وبالغ في تصوير الأمور". وكان هجوم عضو مجلس الشورى رئيس تحرير"المجلة العربية"الدكتور حمد القاضي على الإعلام، من باب"أنه ينشر الرذيلة، ويقدم الفنانين والمطربين رموزاً لشبابنا". أما الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور حبيب معلا المطيري فقال:"إن الإعلام يساهم في القضاء على الأخلاق والدين". وحصر الناقد الأكاديمي محمد عبدالله بودي انتقاداته بالإشارة إلى ان"للفضائيات تأثيراً سلبياً على القراءة والثقافة". الشبان يعارضونها ولكن يجهلون معناها مواجهة تحديات العولمة بإصلاح التعليم أجمع شبان مشاركون في مؤتمر"الشباب والتحديات في عصر العولمة"الذي بدأ أعماله أمس في محافظة الأحساء، على رفض العولمة. لكن غالبيتهم فشل في تقديم تعريف دقيق لها. وقال سمير محمد، الذي تابع جلسات المؤتمر أمس في قاعة المؤتمرات في فندق"الانتركونتننتال":"العولمة سيئة، حتى ان الأوروبيين والأميركيين يتظاهرون ضدها". بيد أن سمير ولدى سؤاله عن معنى العولمة جاءت إجابته متلعثمة"أعتقد أنها تعني الهيمنة". وتركنا ليشارك بقية زملائه في تناول المرطبات التي قدمت للمشاركين في المؤتمر، الذي نظمته كلية المعلمين في محافظة الأحساء. لكن وكيل جامعة الملك فيصل في الدمام الدكتور عبد العزيز الساعاتي قدم في الندوة الأولى، التي كانت بعنوان"التعليم وتحديات الإعداد المهاري والمعرفي للشباب"، توضيحاً لمفهوم العولمة، وتناول ما أوجدته من"تحديات خصوصاً للشبان، مثل تدفق المعلومات، وضعف التفاعل الاجتماعي معها، ومساهمتها في التقارب بين الشعوب، وبلورة جيل متعطش للمعرفة". وطالب الساعاتي ب"أهمية مواجهة تحديات العولمة، من خلال خلق برامج هادفة ومؤثرة، وتشجيع ثقافة الحوار، ونشر قواعدها، والتسامح في التربية والتعليم، ومساعدة النشء على إبداء الرأي". ونوه المدير العام للتربية والتعليم في المنطقة الشرقية الدكتور عبد الرحمن المديرس في ورقته إلى"إبراز التحديات التي تواجه الشبان في عصر العولمة، ومنها القضايا التعليمية والفضائية والاجتماعية والتقنية والوجدانية". وقال:"إنها تحديات تجعلنا نسعى للتميز، ومواجهة هذه التحديات بتعليم متطور يراعي المعرفة والبراعة والحكمة والشخصية، والأخذ بالجودة، التي وردت أصلاً في القرآن والسنة، وإدراك ان الكلفة الناتجة من تطبيقها أقل بكثير من الخسائر الناتجة من عدم تطبيقها". واستهل رئيس الدراسات العليا في كلية اللغة العربية في جامعة أم القرى الدكتور صالح الزهراني ورقته بالإشارة إلى"أهمية المعرفة، باعتبارها ترسانة العصر". وقال:"إن نسبة الشبان في السعودية تصل إلى 60 في المئة من السكان، وهؤلاء يمكن استثمارهم علمياً، بتهيئة واقع تعليمي جديد، يتم فيه تطوير التعليم، وتقليص المدارس المؤجرة، وتدريب الشبان، وتجديد مهارات التدريب الفعال، والتعليم الذاتي، وتحقيق القدرة على الإبداع، والتجديد لديهم، وكذلك الإفادة مما لدى الدول المتقدمة من تقنيات، وزرع روح التحدي لدى الشبان، وتكييفهم مع المتغيرات والمستجدات المعاصرة، وزرع روح الولاء في نفوس المتعلمين". وأشار الدكتور عبدالإله العرفج إلى"التحديات المجتمعية التي سببتها العولمة، من خلال ما نشأ من أدوار متعارضة تجاهها، ما بين مطالب بمواجهتها، وآخر بالانفتاح عليها"، مؤكداً"مسؤولية التعليم لتأهيل الشبان، من خلال إحداث ثورة في التعليم، وتأهيلهم للتعليم التطبيقي، ومراعاة حاجات سوق العمل، وإيجاد البيئة الإليكترونية والإدارة الطموحة". واقترح"النهوض بالعملية التعليمية، من خلال إنشاء المدرسة الحديثة، التي تثبت استراتيجيات متطورة، يشارك في صياغتها المسؤولون ومتخذو القرار، ومراجعة أهداف التعليم، والاهتمام بالبحث العلمي". مشاركون يطالبون بمعالجة"شيخوخة الشبان" رغم أن الندوة الثانية"الشيخوخة النفسية للشباب وآثارها الاجتماعية"سجلت حضوراً أقل من الندوة الأولى، إلا أن التفاعل مع ما جاء فيها فاق نظيرتها. وقال الدكتور علي قطب حسن العبد، في ورقته"قوة الشباب النفسية التي تؤدي إلى القوة العملية":"إن الشيخوخة النفسية تؤدي إلى عوامل ضعف وإحباط واكتئاب، وعدم القدرة على القيام بعمل مع ضعف الطاقة النفسانية". وطالب ب"إدخال برامج علاجية، وتحديد نقاط الضعف واتجاهات الشبان، من خلال تلك الشيخوخة التي تصيب حتى الأطفال". وتناول أستاذ علم النفس في جامعة الملك سعود الدكتور فهد المغلوث"أسباب الشيخوخة النفسية لدى الشبان". واعتبر"الظروف الاجتماعية القاهرة والهموم والضغوطات المتزايدة وعدم الثقة بالنفس من أبرز هذه الأسباب". وقال:"إن ما تتركه من آثار يعد الأقوى على حياة الإنسان"، مؤكداً"وضع برامج تهتم في تدريب هذا النمط من الشيخوخة لدى الشبان". أما رئيس تحرير مجلة"المعرفة"زياد الدريس فقال:"هناك غياب للهوية في العولمة، فليست لديها هوية محددة، كالقبلية أو القومية، وهي اعتداء على ذات الإنسان"، معتبراً العولمة"كسراً للهوية والانتماءات الثقافية والمجتمعية والأيدلوجية والدينية والعادات والتقاليد، وتحديد عوالم ثقافية ومفاهيم واحدة، وإذابة الفروقات بين البشر، فالهوية ليست التمسك بكل العادات والثقافات والأنماط والانغلاق عليها". وقال:"إن هذه الأمور ذابت".