لم يعد هواة المعاكسة بحاجة إلى رمي أرقام هواتفهم على الفتيات في المجمعات التجارية والأسواق والشوارع، بغرض التعارف إليهن، وإقامة العلاقات، فتكفي رسالة قصيرة إلى قناة فضائية، من تلك القنوات التي تعرض شريط الرسائل، للوصول إلى الهدف، من دون الوقوع في قبضة رجال الأمن، الذين يحرصون على منع المعاكسات في الأماكن العامة. "05046 أرغب بالتعرف على رجل ذي مكانة عالية"،"للتواصل 055"،"بدر 05041 للحب فقط"،"نهاااش: حاب أتعرف على مطلقة سعودية 0559"،"أين أنتي دلوعة اتصلي 055 أحمد". هذه نماذج لما يعرض على شريط msm في إحدى القنوات العربية الفضائية، حيث لجأ شبان وفتيات إلى عرض أرقام هواتفهم النقالة، كأسلوب جديد ل"الترقيم"الإلكتروني، المواكب للتكنولوجيا الحديثة. وحتى سنوات قريبة لم يكن كثير من السعوديين يعرفون سوى القناتين الأولى والثانية من تلفزيونهم الرسمي، قبل أن تعلو أسطح منازلهم الأطباق اللاقطة لقنوات فضائية، تبث من قارات العالم الست، وخلال الأعوام الثلاثة الماضية ظهرت قنوات الرسائل القصيرة، التي تبث أغاني سعودية وخليجية وعربية وأخرى عالمية، يرافقها شريط، أو أشرطة عدة، تحوي رسائل نصية قصيرة، من هواة التعارف وتبادل التحايا. وإذا كانت بعض تلك القنوات حرصت على منع عرض الأرقام أو البريد الإلكتروني في شريط الرسائل. فإن الأمور تطورت خلال الأشهر الماضية، فكسرت قنوات أخرى الطوق، وباتت تسمح بعرض أرقام الهواتف والبريد الإلكتروني، لاستقطاب مزيد من الرسائل، التي تدر دخلاً مالياً على القناة. وفي وقت مبكر من ظهور هذه النوعية من القنوات، لم يكن تفاعل الشباب السعودي واضحاًً معها، بسبب عدم تشغيل خدمة"الرسالة النصية"للقنوات في شبكة الجوال السعودية، وبعد دخول الخدمة، لم يكن التفاعل خارجاً عن إطار تبادل التحيات خلف أسماء مستعارة. وربما يتجرأ بعضهم، فيرمز لفتاته بتحية لا تفهمها إلا هي. ومع المزيد من الطفرة"العولمية"اندفع شبان سعوديون إلى التواصل مع تلك القنوات بأساليب قد تخدش الحياء. وتدفع أسرهم للخجل من هذه التصرفات، وإلقاء اللوم على القنوات الفضائية. ورفض مواطنون تلك التصرفات واعتبروها غير اخلاقية. وقال عبد العزيز الدوسري مضامين الرسائل النصية في القنوات الفضائية العربية"دعوة لمضيعة الوقت". ويقول:"إنهم يسعون إلى نشر سلوكيات خارجة عن ما تعارفت إليه مجتمعاتنا المحافظة، من دون رقابة على هذه القنوات، التي تهدف إلى الربح المادي البحت". وترجع منى عقيل انتشار هذه السلوكيات إلى"الفراغ الذي يعاني منه الشباب والفتيات في مجتمعنا". وتقول:"إن الشاب الذي يعرض رقمه في رسالة نصية على شاشة فضائية، يحاول إثبات كذب إدعائه بحسن نيته وصدقه للفتاة المقصودة، فلقد اندفع إلى إشهار رقم هاتفه من دون التفكير في العواقب". أما الفتاة التي تعلن عن رقمها الخاص، فتعتقد أنها"تسعى إلى إيجاد علاقات جدية بشريك قد يرتبط بها طوال العمر، متناسية أنها طريقة غير أخلاقية ودخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية". وتستغرب أمل محمد من لا مبالاة الشباب في عرض أرقامهم على القنوات الفضائية، متجاهلين الأعراف والقيم التي تربوا عليها في مجتمع إسلامي محافظ على قيمه الدينية. وتعتقد أن تجاهل الأهل لسلوكيات أبنائهم"سبب رئيس في تمادي الأبناء في تصرفاتهم". ورفض مسؤول في إحدى القنوات الفضائية التي تبث شريطاً للرسائل النصية تعميم تهمة"نشر الانحلال"على جميع القنوات. وقال:"ترفض بعض القنوات العربية التي تبث أشرطة الرسائل عرض الأرقام، فيما تقبل أخرى بذلك"، مؤكداً حرص قناته على عدم عرض أي"رسالة تحوي ألفاظاً بذيئة أو تشجع على الرذيلة أو الانحلال". وبرر لجوء قناته إلى شريط الرسائل ب"انه وسيلة لتنمية العلاقات الاجتماعية، على غرار هواة التعارف عبر المجلات، التي لم تلق معارضة اجتماعية واسعة". وأضاف"تصلنا رسائل تنقل تحيات إلى الأقارب والأمهات، أو تهاني بمناسبات اجتماعية، فنبثها".