تشهد سوق الاسمنت استقراراً في الأسعار مع توقعات بأن يؤدي الهدوء الذي يصاحب شهر رمضان إلى وفرة في المعروض يؤدي إلى انخفاض الأسعار وعودتها التدريجية إلى أسعار مقاربة للسابق. وذكر رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية خليفة الضبيب أنه خلال الأيام المقبلة ستشهد السوق تحركاً نحو مزيد من الوفرة في الاسمنت ما يعزز استقرارها والوصول إلى سعر مقبول. وأشار إلى أن"مفاوضات مهمة تجرى ستكون إيجابية على الأسعار"، وأضاف أن المأمول ليس سعر فترة الهدوء وإنما السعر المناسب، والذي يدعم النمو الاقتصادي. وكانت سوق الأسمنت شهدت ارتفاعاً كبيراً في حجم الطلب على الأسمنت ومواد البناء الأخرى نتيجة ازدهار حركة البناء والعمران والاندفاع الكبير نحو المشاريع العقارية، وذلك بسبب الفوائض في الموازنات نتيجة ارتفاع أسعار النفط إضافة إلى تدني أسعار الفائدة لدى البنوك. وجاء الارتفاع بعد تقلبات حادة في مجال العرض والطلب خلال فترة أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي، وتعرض إلى فترات ركود بعد تباطؤ حركة العمران والبناء الذي أعقب اكتمال إنشاء البنية الأساسية في فترة السبعينات وأوائل الثمانينات، وأدى ذلك إلى وجود خسائر لدى بعض المصانع نتيجة ازدياد العرض وانخفاض الطلب. وذكر أحمد جاسم بائع تجزئة في المنطقة الشرقية أن الهدوء في الأسعار الحالي وثبات سعر الكيس عند 15 ريالاً، هو سعر مرتفع مقارنة بسعره قبل الارتفاع الذي بلغ نحو 30 في المئة. وأشار إلى أن عودة الأسعار إلى ما كانت عليه قبل الارتفاع مستبعد في المنظور القريب، خصوصاً أن المشاريع التطويرية وزيادة خطوط الإنتاج التي تقوم بها بعض المصانع سيستغرق فترة من الزمن، ويقع عليه الأمل في زيادة الإنتاج التي ستسهم في انخفاض الأسعار. وقال أن عمليات الاستيراد التي تجرى حالياً حلت جزءاً من المشكلة لكنها ليست الحل على المدى الطويل، مع ملاحظة التوقعات التي تشير إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط فترة طويلة، ما يعني ضخ المزيد من الأموال في الاستثمارات ومشاريع البنية التحتية التي بحاجة إلى كميات كبيرة من الاسمنت. وأضاف الجاسم أن التوقعات تشير إلى أن حاجة السوق الى كميات كبيرة من الاسمنت ستستمر ثلاث سنوات متواصلة بوتيرة متزايدة، بعدها ستكون مصانع الاسمنت الجديدة بدأت العمل وكذلك وصول خطوط الإنتاج في المصانع الحالية إلى طاقتها في الإنتاج ما يعني إمكان تغطية السوق المحلية مع وجود فائض للتصدير. وأوضح ان زيادة الطلب على الاسمنت تشمل جميع دول الخليج، لذلك فعملية التصدير إليها سيكون من العوامل المؤثرة في السوق، باعتبار ان السوق الخليجية ستكون"شبه"سوق واحدة. ويمكن أن نميز من بينها سوقي الإمارات والكويت، اللتين تشهدان نمواً عمرانياً غير مسبوق. ويتوقع المراقبون ان تشهد الفترة المقبلة طفرة في الأعمال الإنشائية مشابهة لعقد السبعينات من القرن الماضي، وستكون حركة البناء والعمران نشطة وبوتيرة أسرع من ذي قبل، ما يؤدي إلى اشتداد الطلب على مادة الأسمنت حالياً بعد فترة من الهدوء النسبي الذي امتد خلال السنوات 1998-2001. وأدى إلى وجود فجوة بين إمدادات الأسمنت وحاجة السوق، ما حدا بدول المجلس إلى اتخاذ العديد من الخطوات لتسهيل عملية الاستيراد من الأسواق الخارجية، وإلى التوسع في طاقات المصانع العاملة، فضلاً عن منح الكثير من التراخيص لإقامة مصانع جديدة ذات طاقات إنتاجية كبيرة جداً، إذ وصل عدد المصانع العاملة عام 2004 إلى 32 مصنعاً، بلغت استثماراتها 5.8 بليون دولار، واستوعبت 13 ألف مشتغل.