مع قرب حلول عيد الفطر ازدحمت أروقة الشارع المؤدي إلى بسطات البائعات في سوق السمن في محافظة حفر الباطن. و"البساطات"هو التعبير التي يطلقه المتسوقون والمارة على السيدات اللاتي يبعن في سوق السمن. وتذكر أم وليد 55 عاماً أنها كانت تمارس البيع داخل منزلها ولم تكن تستفيد الشيء الكثير حتى نصحتها إحدى زبوناتها بالانتقال إلى داخل السوق وحجز موقع لبسطتها قبل بدء رمضان. وتقول:"في السابق لم يكن لدي الكثير من الزبائن وبعد انتقالي إلى سوق السمن أدركت أن العمل في المنزل لا يستحق التعب". وتضيف أم وليد أنها تحصل على بضاعتها من تجار الجملة في القصيم، خصوصاً وأن الأسعار هناك أكثر اعتدالاً منها في حفر الباطن، على حد قولها، مشيرة إلى أنها تستفيد من خلال فارق السعر عند البيع بالتجزئة. وتوضح مالكة أكبر البسطات في السوق أم سعود 45 عاماً أنه في رمضان يكثر الطلب على بضاعتها، ما يضطرها إلى زيادة ساعات عملها في السوق التي تبدأ عادة بعد صلاة العشاء وتنتهي في الحادية عشر مساء. وتضيف أم سعود:"العمل في سوق السمن، خصوصاً في رمضان، يدر علي عائداً أنا في أمس الحاجة إليه، بخاصة بعد وفاة زوجي". وتشير أم سعود إلى أنها اعتادت كل عام مضايقات بعض موظفي البلدية الذين يطالبونها بالانتقال إلى المكان المخصص لسوق النساء، وتستغرب عدم مضايقتهم للبساطات هذا العام، على حد تعبيرها. "البساطات"عادة ما يحضرن من يساعدهن من أطفالهن، خصوصاً إذا كانت البائعة طاعنة في السن، كما هي حال أم رقية التي أحضرت ابنها محمد ليؤنسها في السوق, تقول:"في السابق كنت أحضر معي ابنتي رقية التي كثيراً ما حملت عني مشاق العمل، لكن وبعد أن كثرت مضايقات الشبان لها اضطررت إلى أن أبقيها مع أخوتها في المنزل كي ترعى شؤونهم في حال غيابي". ويشيد أحد المتسوقين محمد الظفيري 35 عاماً بأسعار"البساطات"، واصفاً إياها بالمعقولة مقارنة ببقية المحال المرخص لها, يقول:"مع بدء رمضان يكثر الطلب على بعض السلع الغذائية بعينها، ونظراً لذلك يرفع التجار أسعارها إلى مستويات غير مقبولة، ولكني تعودت على شراء هذه السلع من البساطات في سوق السمن للفارق الكبير في السعر والجودة". ومع السيطرة المطلقة للنساء على سوق السمن في حفرالباطن فإن هذه القاعدة كان لها نصيبها من الشذوذ الذي يؤكده وجود أحد البساطين عبدالله عتوش 44 عاماً الذي ركن سيارته أمام بسطات النساء ليحتل مكاناً أقرب إلى الشارع الذي يمر من خلاله المتسوقون. يقول عبدالله:"أشعر بنظرات المارة ترمقني باحتقار، ولكنهم بالتأكيد لا يعرفون أني لا أعمل بوظيفة حكومية ولم أجد أي عمل آخر نظراً لأني أراجع العيادة النفسية وأتعاطى بعض العقاقير التي لا يصلح حالي عند نقصها أو عدم توافرها، وأعول عائلة تتكون من سبعة أولاد وزوجة وأعيش على ما تجود به الجمعية الخيرية". ويضيف عبدالله أنه خلال شهر رمضان يزداد الطلب على بضاعته، بخاصة أن معظم عملائه هم من معارفه الذي يتعاطفون معه ويعرفون صعوبة وضعه المادي, ويشير إلى أنه لا يرغب أن تعلم الجمعية الخيرية بعمله في سوق السمن، خوفاً من أن تقطع عنه المساعدات التي يتلقاها منها.