قدرت معلومات حصلت عليها"الحياة"من مصادر مختصة الدخل السنوي لعصابات التسول في السعودية بنحو 250 مليون ريال، بينما يصل دخل المتسول الواحد في المواسم إلى نحو 45 ألف ريال. وكشفت المصادر عن أن عصابات تسول محلية ودولية تدير فروعاً لها في عدد من المدن السعودية. وقدر مدير إدارة الرعاية الاجتماعية في إدارة الشؤون الاجتماعية في المنطقة الشرقية سعود ربيع الرشيدي دخل المتسول الواحد بعد صلاة الجمعة بأكثر من 700 ريال. وحذر من"المتسولين المحتالين الذين يضللون المواطن ويستدرون عطفه بأساليب ماكرة"، مؤكداً أن أكثرهم"ليسوا محتاجين، وحالتهم المادية ميسورة". وشدد الرشيدي على دور المواطن والمقيم في مواجهة ظاهرة التسول، وقال إن"جهود الوزارة في مكافحتهم لن تجدي من دون تكاتف المواطن والمقيم". وطالب بترك مساعدتهم إلى"الجمعيات الخيرية التي ستتولى تقويم حالتهم ومدى حاجتهم". وقال إن المتسولين لا يظهرون في أحيائهم التي يعيشون فيها،"كي لا يفتضح أمر خداعهم للناس، بل يتسولون في الأحياء والمدن البعيدة"، مبيناً أن غالبية عائلات المتسولين السعوديين نزحت من خارج المنطقة الشرقية، طمعاً في الحصول على مبالغ مالية كبيرة من سكان المنطقة، ورغبة في عدم افتضاح أمرهم". ويشكل شهر رمضان ذروة التسول، وبلغ عدد الموقوفين في جرائم تسول خلال رمضان الماضي 104 متسولين، 95 في المئة منهم من خارج المنطقة الشرقية، و65 في المئة منهم سعوديون، منهم 50 في المئة أطفال 46 في المئة إناث و4 في المئة ذكور. بينما يتراوح عدد الموقوفين خلال الأشهر الأخرى بين 30 إلى40 متسولاً. وإلى جانب جهود مكتب مكافحة التسول، تطارد الشرطة المتسولين أيضاً، إلا ان النظام ينص على أخذ تعهد بعدم العودة إلى التسول مرة أخرى، مع تقديم ضمان من كفيل له في حال تكرر القبض عليه من مرة إلى ثلاث مرات. أما إذا زاد على ثلاث مرات فيسجن أسبوعين متتاليين، ولا يطلق من دون كافل. وعلى رغم ذلك تعود غالبية المقبوض عليهم إلى ممارسة التسول مرة أخرى. ويقتصر دور مكتب مكافحة التسول على التحقق من هوية المتسولين السعوديين، ودراسة حالاتهم، وإرسال كل حالة إلى الجهة المناسبة،"فالمستحق للمال يرسل إلى جمعية البر، والحدث يسلم إلى دار الرعاية، والقادر على العمل ينسق مع مكتب العمل لإيجاد وظيفة له"، بحسب الرشيدي. لكن إمكانات مكاتب العمل محدودة في مجال توظيف المتسولين، ويعتقد أن ليس ثمة خطة لتوظيفهم، فالوزارة تواجه معضلة في توظيف غيرهم. وأضاف الرشيدي أن مكتب مكافحة التسول يطلق يومياً ثلاث طلعات استكشافية لمحاربة الظاهرة، ويحدد مواعيد الطلعات وطريقها، تبعاً لخطة يومية. وأوضح أن طلعات أخرى مساندة تقوم بها الجهات المختصة لمساعدتهم. بيد أن حملات التسول تواجه ضعفاً في الموارد والإمكانات، إذ لا يملك مكتب الدمام سوى ثلاث سيارات للطلعات التفتيشية، كما يواجه قصوراً في عدد الأفراد، ولا يشارك في الطلعة سوى سائق ومراقب من المكتب ورجل أمن، قد يتعرضون أحياناً إلى اعتداءات من جماعات التسول. وتواجه المكاتب مشكلة في القبض على متسولين لا يحملون هوية أو وثيقة أو ورقة مصدقة من شيخ قبيلة، يفيد فيها أنه سعودي. وفي هذه الحال لا تستطيع أي جهة استقباله، بسبب عدم وجود ما يثبت هويته، وبلغ عدد المتسولين المقبوض عليهم خلال الأشهر السبعة الماضية 336 متسولاً منهم 213 سعودياً و123 غير سعودي. ورفع مكتب مكافحة التسول تقريراً بالمشكلات التي تواجهه إلى إمارة المنطقة الشرقية، التي شكلت لجنة من الشرطة ومكافحة التسول والجوازات وأمانة الدمام، وبحثت المعوقات، وخرجت بعدد من التوصيات، في مقدمها أن تدعم المديرية العامة للشرطة في الشرقية المكتب بأربع دوريات اثنتين في الدمام واثنتين في الخبر، وتزود كل دورية بثلاثة أفراد من الشرطة، إضافة إلى دورية مكتب مكافحة التسول، وينتظر أن تظهر نتائج هذا التنسيق خلال الأعوام المقبلة. وكانت تقارير سابقة أشارت إلى احتمال ضم مكاتب مكافحة التسول إلى وزارة الداخلية وفصلها عن وزارة الشؤون الاجتماعية، غير أن ذلك لم يحدث حتى الآن، ويتوقع أن يزيد هذا الضم من إمكانات مكاتب التسول.