يلجأ كثير من القطاعات الحكومية والخاصة في كثير من الأحيان في حالة خلاف معين أو اختلاف في وجهات النظر حول ثمن عقار معين سواء كان أرضاً أو بناء أو مزرعة أو غير ذلك إلى البحث عن متخصصين في "التثمين العقاري" خصوصاً أن هذا التخصص كان قديماً يعتمد على الخبرة والمعرفة بالعقار وأسعاره وفي الوقت الحاضر أصبح هناك مهندسون ومتخصصون في هذا المجال، إلا أن هذا المجال ليس له نظام محدد يتم من خلاله تثمين سعر أي وحدة أو أرض أو أي عقار آخر. لذلك اختلفت وجهات النظر حول الصفات التي يجب أن يتمتع بها المثمن وما هي المعايير التي يتم من خلالها تثمين أي عقار، خصوصاً أن هناك حالات عدة حدث فيها خلاف حول سعر أو ثمن عقار معين. ولمعرفة آراء العقاريين والشركات العقارية حول هذا الاتجاه التقت "الحياة" بعدد من القيمين على الشركات المتخصصة والمزاولة لمثل هذا العمل. وقال المدير العام لشركة التسويق والتنمية العقارية "ٍتسويقار" المهندس محمد بن صالح الخليل أن المثمنين العقاريين المتخصصين كانوا في الماضي يعتبرون عملة نادرة، لأن العقار كان يدار بواسطة أشخاص غير مؤهلين في بداية قيام السوق العقاري، ولكن الآن أصبح يدار بواسطة أشخاص مؤهلين ومختصين في جميع مجالات العقار من حيث التثمين ودراسات الجدوى الاقتصادية وغيرها. وأشار إلى أن السبب في تفاوت تثمين العقارات يعود إلى دخول بعض إلى سوق العقار ممن تنقصهم الخبرة والمنهجية العلمية في تثمين العقار مما جعل كل منهم يجتهد في تقديراته للعقار محل التثمين. وأوضح الخليل أن بعض الجهات الرسمية تعتمد في التثمين العقاري على بعض العقاريين العاملين في السوق العقاري وذلك لخبرتهم الطويلة في السوق وثقة الناس في توجيهاتهم ولا يعتبر ذلك عدم حياد. وأضاف أن الخبرة العلمية هي أساس التثمين حيث يقيّم العقار بحسب أسعار الخام للأراضي والمباني إلى جانب الإضافات النوعية التي ترفع من سعر العقار والحالة التي هو عليها، وهذا يستدعي منهجية علمية إضافة إلى الخبرة العقارية. وأكد أن حاجة السوق العقاري إلى مثمنين ستؤدي إلى تنظيم هذه المهنة وترتيب احتياجاتها والتي يمكن تلخيصها في عدد من النقاط من أهمها: - وضع منهجية علمية لهذه المهنة. - وضع آلية للتحقق من ادراك المثمن لطبيعة العمل كامتحان أو غيره يحصل من خلالها على رخصة مثمن. - تنظيم مصادر المعلومات التي تغذي المقيّم وبخاصة الأراضي من خلال البلديات أو أي جهة مختصة أخرى. من جهة ثانية، يقول رئيس مجلس ادارة شركة الصميعي والشثري للاستثمارات العقارية سالم بن محمد الشثري أن المثمنين العقاريين متوفرون ولكن القليل من الشركات ليس لديها إلمام بما يتعلق بالعقار من جوانب هندسية ومميزات أخرى، أما جانب تثمين عقار الأراضي فإن المثمنين في هذا الجانب متوفرون بشكل كبير سواء على مستوى الشركات أو المكاتب، وعندما يكلف المثمن بعمل فانه يقوم بتثمين العقار ومن ثم يرسل خطاباً للجهة التي طلبت التثمين يوضح فيه الثمن المقدر. وأكد أن التفاوت الكبير في عملية التثمين لأي عقار يعود لعدم فهم المثمنين للجانب الفني والهندسي للعقار المثمن، خصوصاً اذا كان بناء معين لأن ذلك يحتاج إلى فهم كلفة المسطحات والمباني والعمر الزمني للمبنى ومواصفاته وموقعه والدخل المالي سنوياً لهذا المبنى بينما الأراضي تحتاج إلى ذوي الخبرة من حيث موقع الأرض ومستقبلها والخدمات المتوافرة. وأشار الشثري إلى بعض الجهات التي تطلب تثمين عقار معين تلجأ إلى التعامل أحياناً مع مكاتب المحاماة حتى يكون هناك حياد وتثمين نظامي وقانوني يرضى بهما الجميع. ولفت إلى أن الدقة والخبرة في عملية التثمين يعتبران عاملان مهمان في عملية التثمين، اضافة إلى عدم الاعتماد على جهة واحدة، ولكن يتم من خلال عدد من شركات التثمين، وأضاف ان الخبرة لا تكفي في عملية التثمين بل تحتاج إلى مؤهلات هندسية أو علمية في هذا المجال. وطالب الشثري بإيجاد جهات هندسية وفنية عند التثمين في حال كان المثمنون غير مؤهلين أو ليس لديهم خبرة أو حياد عند القيام بهذا العمل. ويرى ضرورة وجود جهة رسمية تحدد الشركات والجهات المثمنة بموجب قدرة الشركة وخبرتها بما تملك من إمكانات هندسية، إضافة إلى أن يكون المثمن مؤهلاً علمياً ولديه خبرة في هذا المجال. ويقول أحد الخبراء القدامى في مجال العقار سعيد شعتور "أبو رياض" وصاحب مكاتب شعتور للعقارات أن المثمنين يعتبرون قلة وعملة نادرة ويرجع السبب إلى إهمال شركات ومكاتب العقار لتلك المهنة، إضافة إلى عدم وجود نظام ثابت لذلك يلجأ أصحاب الأملاك العقارية أو البنوك أو المحتاجون لتثمين عقاراتهم إلى من يثقوا به من العاملين من أهل الخبرة في المجال العقاري ليقوم بتثمين عقاراتهم. وأكد أن التفاوت في عملية التثمين شيء معروف ومعتاد، ولكنه ليس تفاوتاً كبيراً وإذا حصل تفاوت كبير فذلك يعود إلى عدم الخبرة لدى أحد أطراف التثمين وليس بالضرورة إلى وجود سوء نية. وأضاف إذا كان التفاوت معقولاً فسيكون مقبولاً ونادراً ما تتفق اطراف التثمين على سعر واحد. وأشار شعتور إلى أن الجهات الرسمية تعتمد على العقاريين المتعاملين في السوق وهذا هو الصحيح. ومن الأجدى أن يكون التثمين مقتصراً على من لهم علاقة وخبرة بالعقار بيعاًً وشراءً وخبرة تؤهلهم لذلك. وأكد أن الخبرة العلمية والمعرفة بأسعار العقار بيعاً وشراءً وكذلك معرفة المؤثرات على المثمنين سواء سلباً أو ايجاباً هي المواصفات الرئيسة للمثمن العقاري ولا تكفي الخبرة فقط. وطالب شعتور بأن تقوم اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية بتنظيم هذه المهنة وتحديد أتعاب المثمن بما لا يقل عن نسبة البيع والشراء فكلاهما على مستوى واحد بل ربما التثمين يستحق أكثر من 2.5 في المئة نظراً لأن المثمن يجتهد ويبحث ويتقصى صحة تثمينه وينتقل من مكتبه إلى موقع العقار للتأكد من نوعه وموقعه وما عليه من سلبيات وايجابيات بينما عملية البيع تعتمد على العرض واقناع الزبون بالشراء. وللمشتري القرار الأول الأخير في ذلك وهذا يؤكد التعب والجهد الذي يبذله المثمن العقاري.