بدأت وزارة الحج السعودية، أمس، وقائع ندوتها السنوية الكبرى في دورتها ال30، وسط موسم احتفال باختيار"مكةالمكرمة العاصمة الثقافية للعالم الإسلامي 3"، وبمشاركة أكثر من 200 مثقف ومثقفة من أطياف العالم الإسلامي والأقليات الإسلامية. وتستمر الندوة التي دشن وقائعها وزير الحج إياد بن أمين مدني ثلاثة أيام، حيث اعتمد تقديم 35 بحثاً ودراسة علمية وأدبية وثقافية، تتحدث عن مكنونات مكةالمكرمة وقدسيتها ورمزيتها لدى أكثر من 1.3 بليون مسلم. وشهدت الندوة منح المرأة السعودية منصة للتعارف مع الباحثات المسلمات، وبقية المشاركين من كبار العلماء وأهل الرأي في العالم الإسلامي، حيث حضرت نحو 24 سعودية ومسلمة فعاليات الجلسات. وأعرب الوزير مدني عن تطلعه إلى أن تكون ندوة هذا العام ثرية حيوية، و"منصة لتلاقح الأفكار لتنسج في نهاية أعمالها إضافة إبداع في رداء الثقافة الإسلامية، وقناة للتواصل والتلاقي والتعارف على الأصعدة الثقافية والإنسانية والمعلوماتية". وقال إن الندوة تمثل إحدى الوسائل التي أقدمت عليها الوزارة"بغية ترسيخ ذلك البعد العظيم من أبعاد الحج... بُعد التواصل والتعارف وتبادل الاجتهادات، والتنبيه لقضايا الأمة في ما يخص بنيانها الفكري وتراثها المشترك". ورحب وزير الحج السعودي ب مليونين من ضيوف الرحمن القادمين من أكثر من 160 دولة لتأدية فريضة حج هذا العام. وشهدت الجلسة الافتتاحية إلقاء عدد من المشاركين كلمات ترافق مراسم انطلاقة الندوة، بدأت بكلمة الوفود التي ألقاها الشيخ حسام الخطيب، وكلمة لعضو الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا خديجة واريه، ومن ساحل العاج ألقى آدم بمبا كلمته، تحدثوا فيها عن قيمة الندوة وشكرهم لحكومة المملكة على أدوارها الرئيسية في حركة العالم الإسلامي المعاصر. وهنا تحدث الخطيب عن أن المسلمين ينظرون إلى المملكة على أنها قلب العالم الإسلامي، ومنبع النور الذي يضيء العالم الإسلامي. لذا فإنه يرى، بحسب كلمته، أن"من واجبنا أن نتحدث في هذه الندوة عن قوة المسلمين ووحدتهم وسهولة تعارفهم وجمعهم تحت لواء الصداقة والمحبة". وأضاف القول"وكذلك نتحدث بشيء من الحرقة والألم كيف لهذه القوة الكامنة في الأمة أن تتحول إلى قوة فاعلة للخير في عصر التحديات، وهذه الندوة فرصة عظيمة ومفتوحة لكل الآراء في سبيل جمع صفوف المسلمين". وقال"إننا في عصر العولمة الذي يفرض تحديات كبرى وجسيمة، وعلينا لا ننسى أن الإسلام كان وما زال هو رسول العالمية والمبشر الأول بفكرة العالمية التي هي أسمى بكثير من فكرة العولمة، وان الإسلام جمعنا تحت ظل العالمية وهو مفتوح لكل فكرة". بدورها تحدثت خديجة واريه عن رأيها في أن الندوة منحت الفرصة للعنصر النسائي للوقوف على إحدى واجهات المجتمع المدني،"المتمثل في العمل النسائي للمرأة السعودية في المجال الاجتماعي"خدمة"وفي المجال الثقافي"توعية"، مما أعطانا صورة ايجابية عن دور المرأة السعودية وفتح لنا الآفاق للاستفادة من تجاربها الرائدة ونقلها إلى مؤسساتنا". وكذلك قدم آدم بمبا شكره لوزارة الحج على إتاحتها الفرصة لعدد من الطلاب من الدول الإسلامية للمشاركة في هذه الندوة الثقافية، مثمناً ما يحظى به الطلاب المسلمون من دعم المملكة، ودعا مطولاً أن يديم الله على المملكة العربية السعودية نعمة الأمن والأمان. ووعد الأمين العام للندوة ومستشار وزير الحج أبوبكر باقادر، بتوزيع المادة العلمية والبحثية المؤصلة ل" 22 ندوة كبرى سابقة"على المشاركين. كما قال انه سيتم توثيق فعاليات هذه الندوة وما سيطرح فيها من أبحاث. وإثر اختتام الجلسة الافتتاحية دشن وزير الحج فعاليات المعرض المصاحب لهذه الندوة، الذي يقيمه مركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة، الذي يعنى بنوادر المخطوطات الإسلامية، حيث يوجد به 13 ألف كتاب مخطوط و400 ألف عنوان وآلاف الوثائق التراثية. وكان الوقت حان لبدء الجلسة العلمية الأولى للندوة، التي ترأس إدارتها الشيخ صالح الحصين، ومقررها عبد القادر العرابي، وخصصت للحديث عن مكة وتراثها الإنساني والأدبي، بمشاركة أربعة محاضرين، سعوديان ومصريان قدموا أوراق عملهم. وتحدث عضو الجلسة الأولى السعودي فؤاد عنقاوي عن ورقته التي أعدها للندوة بعنوان"أثر الحج في الحياة الاجتماعية والعلمية والأدبية في مكةالمكرمة". وتناول في ورقته طبقات أبناء مكة وتأثير القادمين من مختلف البلدان الإسلامية المجاورين على المجتمع المكي، وعن الثقافات التي نقلوها إليها. وتحدث عن النشاطات الاجتماعية التي أسهم في نشأتها موقع مكة الديني مثل وظيفة الطوافة ووفادة الحجاج. كما تناولت ورقة الدكتور عنقاوي الحركة الثقافية التي نشطت في مكةالمكرمة على مر العصور الإسلامية، وارتباطها بروحانية مكةالمكرمة، مختتماً ورقته بالحديث حول تأثير موسم الحج على التراث الشعبي في مكة، عرض خلالها نموذج"فن القيس"وهو على هيئة مسرحية شعرية تتنكر فيها النساء بأزياء الرجال وتنزلن إلى الشوارع، فيما يكون رجالهن منخرطين في أعمال الحج. وكن، طبقاً للعنقاوي، يرددن أناشيد وأهازيج شعرية من وحي موسم الحج. كما قدم المصري محمد خليفة حسن، ورقة عمل بعنوان"مكة وأسماؤها وما ترمز إليه في اللغات السامية"، حيث شهدت الورقة تفاعلاً من الجمهور بصمت المتأمل في تاريخ طويل رواه خليفة. وشارك السعودي مجدي الخواجي بورقة عمل حملت عنوان"صورة مكةالمكرمة في مجلة أبنائها من الشعراء في العصر الوسيط". ثم اختتم المصري حافظ المغربي الجلسة العلمية الأولى للندوة الكبرى بحديث لا ينضب عن"مكيات طاهر زمخشري".