بحضور سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، افتتح معالي وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار امس ندوة الحج الكبرى بعنوان : تعظيم شعائر الحج (( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ))، التي تنظمها وزارة الحج ،بمشاركة عدد من العلماء والمفكرين والأدباء في المملكة والعالم الإسلامي ، وذلك بقاعة الذكرى الخالدة في مكةالمكرمة على مدار ثلاثة أيام. وأقيم حفل خطابي بهذه المناسبة بدئ بتلاوة آيات من القرآن الكريم ، ثم ألقى الأمين العام لندوة الحج الكبرى الدكتور هشام بن عبد الله العباس ، كلمة رحب فيها بالمشاركين في الندوة التي تعد ملتقىً لعلماء ومفكري الأمة الإسلامية. وأوضح أن موضوع الندوة تعظيم شعائر الله جاء ليكون عنوانًا رئيسًا لهذا العام بحكم أن ذلك من مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة من أداء النسك ،ويأتي متزامنًا مع الدعوات المطروحة لتجنب ما يخل بهذا التعظيم خاصة ما يمس أو يعكر صفو الأمن والسلامة في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة أو يلحق الضرر بضيوف الرحمن لأن الأمن والسلامة مطلب شرعي أساس في كل شعيرة من شعائر الحج. وقال الدكتور هشام : إن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وضعت إمكاناتها على درب التطوير والتحديث وبذلت من أجل تحقيق ذلك الغالي والنفيس وجندت جميع الطاقات المدربة والخبيرة بهدف تحقيق أقصى سبل السلامة والتيسير لحجاج بيت الله الحرام من خلال سلسلة من المشروعات الطموحة والمنجزات الحيوية التي تصب مردوداتها في تحقيق الهدف الأسمى وهو أمن وراحة الحجاج لينعموا بأداء نسكهم وليعودا إلى ديارهم سالمين غانمين بحج مبرور ، مؤكدًا أن التوسعات التي حدثت في مكةالمكرمة والمدينة المنورة ناطقة وشاهدة بذلك. عقب ذلك ألقى معالي وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار كلمة نقل فيها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - لضيوف الندوة،عادًا الندوة اجتماعًا مباركًا ، يجدد ويحيي سنة درج عليها السلف الصالح الذين اتخذوا من موسم الحج فرصة نفيسة لالتقاء العلماء من سائر أقطار العالم الإسلامي في مشارقه ومغاربه للتدارس والتباحث وتبادل المعلومات والمعارف ونشرها وأفاد أن وزارة الحج تقوم بتوجيه الدعوة للمشاركة في هذه الندوة لنخبة من أعلام الفكر والتأليف والتحقيق المسلمين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي والعالم حيث تهيئ لهم الفرصة للالتقاء والتحاور والتعارف والتواصل لتبادل المعلومات وتلاقح الأفكار. وعبر عن تطلعه أن يقوم المشاركون من الضيوف عند عودتهم إلى ديارهم بنقل توصيات الندوة وإيصالها للرأي العام هناك قدر المستطاع لتبصير حجاج بلدانهم الذين يعتزمون أداء النسك مستقبلاً بمزيد من التوعية بمتطلبات أداء الحج ولكي يستفيدوا استفادة متكاملة من الخدمات الحيوية والتسهيلات متعددة الأبعاد التي توفرها حكومة المملكة خاصة التوسعات في الحرمين الشريفين والمشروعات في المشاعر المقدسة. ورأى الدكتور بندر حجار أن تثقيف الحجاج وتوعيتهم في بلدانهم قبل وصولهم إلى الأراضي المقدسة يسهم بصورة فاعلة في تلافي الأخطاء المحتملة فالأخطاء التي قد يقع فيها بعض الحجاج تزيد من المشاق والمتاعب لكل الأطراف ، راجيًا أن تعود توصيات ونتائج ندوة الحج الكبرى بفائدة عظيمة على أعمال الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام. وسأل الله تعالى في ختام كلمته المزيد من التوفيق والنجاح لأعمال الندوة وأن يجعل الجميع ممن يعظم شعائر الله ويحكم كتابه وسنة رسوله بوسطية واعتدال. إثر ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، كلمة أكد فيها أن تعظيم شعائر الحج يدل على تعظيم المسلم لربه ولأوامره واجتناب نواهيه ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى وأن شعائر الله هي في العموم مناسك الحج وتعظيم تلك الشعائر هي الحج الصحيح الذي أمرنا الله به عز وجل فيجب تعظيم البيت الحرام ذلك أنه يحرم فعل المعاصي فيه كإيذاء المسلمين والإلحاد فيه وبيت الله مكان للأمن كما أخبر الله عز وجل (( و من دخله كان آمنا )). وأوضح سماحته أن تعظيم البيت الحرام والإكثار من الأعمال الصالحة فيه والبعد عن ما يعكر صفوه والإكثار من الأعمال تيسر على الطائفين والركع الساجدين، وما تلك المشروعات الجبارة والتوسعات العملاقة في المسجد الحرام وتوسعة المطاف إلا دليل واضح وشاهد على تعظيم البيت الحرام. وشدد سماحة مفتي عام المملكة على أنه يجب على كل مسلم أن يعظم كل مشعر يقف فيه في عرفات ومنى ومزدلفة وأن تعظيم المشعر يكون بالوقوف فيه لأداء النسك واحترامها والإخلاص لله عز وجل والبعد عن الجدال ذلك أن الحج لا جدال فيه فهو وسيلة القلوب واجتماع الكلمة وتبصير المسلمين بأمور دينهم على الوجه الأكمل والصحيح. وخاطب سماحة علماء الأمة الإسلامية وفقهائها وباحثيها حاثًا إياهم على إثراء جانب تعظيم شعائر الحج في أطروحاتهم وإتقان فعلها وأدائها على أكمل وجه ومعرفة أسرار تلك الشعائر وحقوقها وبيان الفوائد الكثيرة الخيرة التي تجتنى من ذلك التعظيم. وأثنى على قيام مثل هذه الندوات التي تجمع عددًا من علماء الأمة الإسلامية للالتقاء والتدارس والتناصح وإبداء الآراء حول القضايا الإسلامية والخروج بتوصيات من هذه الندوات لنفع الأمة وحل مشاكلها وقضاياها ، داعيًا إلى البعد عن الدعايات المضللة وتشويش الأفكار. وأشار سماحة مفتي عام المملكة إلى أن العالم الإسلامي يمر بحالات وفترات حرجة أدت إلى قتل الناس وإخراجهم من ديارهم وتشريدهم وكل ذلك بسبب الفرقة والتشتت وأنه علينا أن نأخذ بأسباب الخير والرجوع إلى الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ودعا إلى الاهتمام بالشباب وتبصيرهم وبيان الحق لهم وإبعادهم عن كل ما يشدهم للجماعات المتطرفة التي خالفت شرع الله بسفك الدماء والاعتداء على الأعراض وترميل النساء وقتل الأطفال. حضر الحفل معالي عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد ومعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس. بعد ذلك بدأت أولى جلسات البرنامج العلمي لندوة الحج الكبرى برئاسة الدكتور عبدالرحمن المدخلي وعنوانها (( تعظيم شعائر الحج .. الكيفيات والمقاصد والوسائل )) بمشاركة عميد معهد إسلام المعرفة بجامعة الجزيرة بجمهورية السودان الدكتور محمد بابكر العوض عبدالله (( شعائر الله بين الالتزام والانتهاك )) لعضو هيئة التدريس بجامعة جزر القمر نور الدين محمد باشا (( المنافع المادية الحاصلة في تعظيم شعائر الله في الحج للفرد والمجتمع )) للأستاذ بجامعة الجزيرة بجمهورية السودان الدكتور الزين عبدالله يوسف أحمد . وخصصت الجلسة العلمية الثانية ل (( شعيرة الحرم وصيده وشجره .. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها )) شارك فيها رئيس قسم الوثائق بمعهد أحمد بابا للدراسات العليا والبحوث بمالي الدكتور دريسا تراوري و(( شعيرة الطواف والحجر الأسود كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها )) لمدير الشؤون التعليمية بمعهد بلال الإسلامي ياسين عبدالرحمن سالي و(( شعيرة مقام إبراهيم عليه السلام .. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها )) لأستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض بالمملكة المغربية الدكتور ميمون عبدالسلام باريش و(( شعيرة حجر الكعبة .. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها )) للمستشارة البحثية بجامعه قطر الدكتورة أفيجا حيداروفا وترأسها المهندس مروان الفاعوري . وتصدرت (( شعيرة زمزم .. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها )) الجلسة العلمية الثالثة برئاسة الدكتور عبدالله دمفو وبمشاركة عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بقسم الفقه وأصوله بدولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور ماجد محمد أبورخية و(( شعيرة عرفات - الدعاء .. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها )) لعضو هيئة التدريس بالمعهد العالي لأصول الدين بجامعة الزيتونة بتونس الدكتور علي محسن شابير و(( شعيرة مزدلفة .. كيفية الأداء ومفهوم التعظيم وصوره فيها )) لرئيس الفيدرالية للمنظمات الإسلامية رئيس مجلس الديانات السويسري للحوار الديني في سويسرا الدكتور هشام ميرز و(( شعيرة منى ورمي الجمار .. مفهوم التعظيم وصوره فيها )) لأستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة محمد الأول بالمغرب الدكتورة نزيهة أمعاريج. فيما سلطت المحاضرة الرئيسة بالبرنامج الضوء على جهود المملكة في تعظيم شعائر الحج ورعايتها التي قدمها معالي عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد فيما ناقشت الجلسة العلمية الرابعة برئاسة معالي رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور احمد محمد علي ،أثر تعظيم شعائر الله في الحج في أداء الحج والمناسك من يسر وسكينة ورقي حضاري من خلال موضوعات (( حقوق الحجاج وواجب تكريمهم وبيان ما لهم وما عليهم )) لأستاذ الحضارة العربية والإسلامية بجامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا بالكويت الدكتور صلاح الدين سليم أرقة دان و(( الدليل إلى المؤلفات الفقهية في شعائر المناسك )) لأستاذ التعليم العالي بكلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر الدكتور نصيره دهينه و(( رصد بعض المؤلفات الفقهية التي كتبها الفقهاء والعلماء في شعائر المناسك مع بيان الجوانب الاجتهادية المهمة )) لرئيس مجلس إدارة جامعة العلوم الإسلامية بالعيون المدير العام للمحظرة النموذجية للدراسات العليا وتكوين العلماء بموريتانيا الدكتور محمد فضل محمد الأمين. وخصصت المحاضرة الرئيسة الثانية التي ألقاها معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس عن (( تعظيم الشعائر في مراحل الحج مفهومه ومظاهره وأسبابه )). وتضمنت الجلسة العلمية الخامسة برئاسة الدكتور أحمد خالد بابكر عضو مجلس علماء السودان (( المحافظة على أمن وسلامة الشعائر والمشاعر )) بمشاركة نائب عميد الكلية بالجامعة الحكومية بطازجستان الدكتور عبدالشكور إسماعيلوف و(( النأي بمشاعر الحج وشعائره عن أن تكون مسرحاً للفتن وميداناً للأغراض الشخصية والصراعات المذهبية وما ينتج عن إثارتها في هذه المناسبة العظيمة )) لأستاذ اللغة العربية بأكاديمية الدراسات الإسلامية بجامعة ملايا بماليزيا الدكتور آدم بمبا وإمام وخطيب المسجد الأقصى رئيس دائرة القرآن في كليه القرآن والدراسات الإسلامية بجامعة القدس بفلسطين الدكتور محمد سليم مصطفى و(( حماية ونظافة مواضع شعائر الحج )) للأستاذ الجامعي في الكلية الإفريقية للدراسات الإسلامية بداكار بالسنغال الدكتور سرين إلمان أنجاي و(( التوعية بأهمية احترام الأنظمة المتعلقة بالحج وإظهار أن الالتزام بها هو من تعظيم شعائر الله في الحج ومشاعره )) لعميد كليه الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر الدكتور عبدالحكيم يوسف الخليفي فيما قدم المحاضرة الرئيسة الثالثة معالي الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ . وتهدف وزارة الحج من عقد هذه الندوات لإبراز الدور الثقافي والحضاري الذي تضطلع به المملكة لخدمة الحج والحجيج والتأكيد على الدور الثقافي والحضاري للمدينة المقدسة وأبنائها عبر العصور المختلفة وإبراز أهم الإنجازات والمشروعات الرائدة والتطورات المتلاحقة في الحرمين الشريفين لخدمة المسلمين، خاصة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وترسيخ مبدأ الحوار الفكري الهادئ لقضايا الأمة الإسلامية من خلال موسم الحج عبر وجود هذه الأعداد الغفيرة من الحجيج , والتواصل العلمي البنّاء مع المؤسسات والمحافل العلمية والباحثين المتخصصين في معظم دول العالم وتحقيق المزيد من التكامل والتآخي والتعارف بين أبناء الأمة الإسلامية وإرساء قواعد العمل الجماعي الموحد لأبناء العالم الإسلامي في الرد على الشبهات التي تحوم حول العقيدة والأمة والثقافة والتعريف بإنجازات الوزارة لخدمة الحج والحجاج إنفاذاً لتوجيهات ولاة الأمر أيدهم الله بتقديم أفضل الخدمات للحجاج والعمار والزوار . الجلسة الثانية وعقد المؤتمر جلستيه الثانية والثالثة برئاسة معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وبحضور أصحاب الفضيلة العلماء والدعاة وأساتذة الجامعات ومسؤولي المراكز الإسلامية الذين دعتهم الرابطة للمشاركة في المؤتمر. وقد ناقش المشاركون في الجلسة الثانية محور المؤتمر الثاني ( الثقافة الإسلامية الواقع والتحديات ) حيث ترأس الجلسة الدكتور نعمان عطا الله الهيتي أستاذ القانون الدولي والمنظمات الدولية المشاركة بجامعة الشارقة. وخلال الجلسة ناقش المشاركون ثلاثة بحوث في موضوع المحور الغزو الثقافي والهزيمة النفسية للدكتور محمد إبراهيم الشربيني من مصر , والفرقة والصراع والتعصب للدكتور محمود بن الحبيب الذوادي أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية , والجهل والتخلف وغياب المرجعية للدكتور نور الدين بن حمة بوليحة الأستاذ في جامعة الحاج لخضر بالجزائر. وبين الباحثون خلال استعراض بحوثهم أن الشعب الذي يفقد ثقافته يفقد حتما تاريخه والثقافة ليست علماً يتعلمه الإنسان بل هي محيط وإطار يتحرك داخله ، وأوضحوا أن الغزو الفكري الذي تناولوه في نقاشهم حقق ما لم يحققه الغزو العسكري لذا فهو أخطر أنواع الغزو لأن ا وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان ( الثقافة الإسلامية ومتغيرات العصر ) وترأسها الدكتور محمد الأمين سيد المختار الأمين العام لجامعة عبد الله بن ياسين بموريتانيا وتحدث فيها كل من الدكتور محمود سعيد حميدة عطية الأستاذ في جامعة قطر عن معايير قبول التغيرات الثقافية، والدكتور محمد بن عبد الله أستاذ التعليم العالي بجامعة باتنهبالجزائر عن العلاقة بين الثقافة الإسلامية والثقافات الأخرى، والدكتور حسن بن مبارك مسكين أستاذ المناهج وتحليل الخطاب في جامعة شعيب الدكالي بالمغرب عند الإعلام والأزمة الثقافية . وأبان المشاركون بالجلسة أن تباين الثقافات في الماضي والحاضر بين المسلمين وغيرهم ناجم عن ميراث عميق من سوء الفهم وانعدام الثقة فنحن بنظرهم شعوب متخلفة إرهابية تمقت الحضارة الغربية بينما يراهم بعضنا من ذوي الثقافة الاجتماعية المنحلة. وأثرى المحاضرون بنقاشاتهم ومداخلاتهم الجلسات , وكان لها الصدى الطيب لدى متابعي المؤتمر.