كما تعلم فضيلتكم أن تقنين الشريعة الإسلامية يقصد به صياغة أحكام الشريعة الإسلامية في صورة قواعد عامة مجردة، تنظم سلوك الأشخاص في المجتمع وتلزمهم العمل بها. ولكن هناك جدلاً لدى بعض الفقهاء السعوديين حول مسألة التقنين، ومرد ذلك فيما أفهم ? إلى أن التقنين لا يناسب الشريعة، لان الأقوال الفقهية تختلف بين المذاهب، وان التقنين سيحد من مرونة التعاطي مع القضايا المستجدة ويغلق باب الاجتهاد. على رغم ذلك لا يزال بعض الفقهاء يرى أن الأخذ بتقنين الشريعة لا يعني سد الباب أمام الاجتهادات والمذاهب المختلفة، بل الباب مفتوح عند عدم وجود نص شرعي مقنن، بالعودة إلى الأقوال المختلفة للمذاهب. وبين هذين الرأيين المختلفين، ولكل منهما مسوغاته الفقهية، ألا ترى فضيلتكم انه يجدر بنا الميل مع الجانب الأكثر عملية، خصوصاً من جهة التوضيح لمن يشكك بمآرب هذه العملية، بأن التقنين عملية فنية بحته..، تنظم الطريقة العدلية بما يتناسب مع الظروف العصرية، حيث تعقدت الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في بلادنا، وتضخمت المدن وتشعبت القضايا والنزاعات. وهذه التطورات صاحبتها تطورات في الحقوق المدنية والشخصية، مما يعني أن التقنين سيدعم معرفة المواطن لحقوقه وواجباته بشكل مسبق، ليدرك ما له وما عليه، كما أن التقنين يسهل على القضاة والفقهاء الاهتداء إلى القواعد القانونية، ويمنع حصول التضارب في الأحكام بين المحاكم الشرعية.. فالتقنين يمكن اعتباره خلاصة الأدلة والأحكام الشرعية بشكل مناسب. د. عبد الرحمن الحبيب