أبدع الفلسطينيون خلال السنوات الأخيرة في حفر الأنفاق على الحدود الفلسطينية - المصرية بعد انسحاب الاحتلال من غزة، في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي الذي فرض على القطاع لإخضاع الحكومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني لما يُعرف بشرط الاحتلال وهو من شروط اللجنة الرباعية. التذكير هنا ليس ترفاً لكن كي نعود بالذاكرة إلى أن من فرض الحصار على قطاع غزة هو الاحتلال الإسرائيلي وأن هدفه هو إخضاع الشعب الفلسطيني ومقاومته وفق شروط المحتل. لكن المعادلة اختلفت بإيجاد حل وبديل موقت، وهو الاستعانة بالأنفاق على الحدود مع مصر والتي حفرت بالأساس لمد المقاومة بالسلاح، وهذا أمر يسجل لشعب مصر على الطرف الآخر، لكن مع الضرورة أصبح السلاح ليس الرشاش ولا الصاروخ بل استغنت المقاومة عن الكثير منها لمصلحة إدخال الغذاء والوقود والأدوية إلى قطاع غزة المحاصر، خصوصاً أن المقاومة أصبحت تكتفي بجزء مهم من سلاحها من تصنيعها الذاتي والذي كان آخره صواريخ"م75". لذلك فإن الأنفاق وجدت لتحقيق هدف واحد هو كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. وقد وحاول الاحتلال تشديد الحصار وإغلاق الأنفاق بكل الطرق، وبينها القصف والقتل المباشر للعاملين فيها حيث قتل عشرات الشبان الفلسطينيين وهم يحفرونها بأظافرهم لإيصال الغذاء إلى أهل غزة. وربط الاحتلال بين أي اتفاق تهدئة بإغلاق الأنفاق مع مصر لكنه فشل في حربه عام 2008-2009، وفشل كذلك عام 2011، وفشلت جهوده الدولية في ذلك، وبينها محاصرة غزة من خلال اتفاقية مع الولاياتالمتحدة في أعقاب الحرب على غزة. كل تلك الجهود فشلت وستفشل لأنها السبيل الوحيد لحماية غزة والطريق الأهم لاستمرار الحياة فيها والتي أصبحت تعاني من أزمة إنسانية حادة، كما أدت إلى توقف عجلة الإنتاج والمشاريع الإسكانية والتخوف من اتساع دائرة الحركة الاقتصادية. الجيش المصري الشقيق هو أكثر علماً ومعرفة بالتأثير الكارثي للإجراءات التي يقوم بها على الحدود مع غزة والتي تتسبب بكارثة إنسانية للقطاع، وله الحق الكامل في فرض سياسته على الأراضي المصرية، إلا أنه يجب أن يراعي مدى الحاجة الأمنية لهذا الإجراء، وهل تمثل غزة خطراً أمنياً على مصر؟ من المؤكد أنها لا تمثل أي خطورة. هل سيسمح الجيش المصري بتجويع غزة؟ من المؤكد لا، ولديه من المعلومات الكثير التي تؤكد أن الأنفاق هي الشريان الإنساني لمد غزة بما تحتاجه من غذاء ووقود وغير ذلك من المواد الأساسية والضرورية. غزة اليوم تئن من شدة الحصار وتتجه نحو كارثة إنسانية نتيجة إغلاق الأنفاق، وقد أكدت المنظمات الإنسانية الدولية ذلك، وهذا يكذب أي ادعاء بأن الاحتلال يسمح بدخول بضائع إلى غزة، وأن ما يدخل هو جزء بسيط جداً ومن الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها. أياد إبراهيم القرا - غزة