حاول الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، احتواء تداعيات نبأ تجسس اجهزة الاستخبارات في بلده على مقر الاتحاد الأوروبي في واشنطن وبعثاته، اضافة الى 38 سفارة وبعثة أجنبية أخرى، مؤكداً تنفيذ"عمل استخباراتي وثيق مع الحلفاء الأوروبيين لدرجة اشراكهم في كل المعلومات". وعلى غرار وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي اكد بعد لقائه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون على هامش مؤتمر رابطة دول جنوب شرق آسيا في بروناي، ان"غالبية الدول، وليس الولاياتالمتحدة فقط، تنفذ نشاطات كثيرة لحماية مصالحها وأمنها القومي"، قال اوباما في مؤتمر صحافي مقتضب في دار السلام:"أضمن لكم أن الأوروبيين يريدون ايضاً معرفة ما تناولته في الفطور، وما بحثته في الاجتماعات"، مؤكداً ان"كل جهاز استخبارات يسعى الى معلومات لا توفرها صحيفة نيويورك تايمز أو محطة أن بي سي". وقلل الرئيس الأميركي من أهمية تقارير عمليات التجسس المزعومة التي نقلتها مجلة"دير شبيغل"الألمانية وصحيفة"ذي غارديان"البريطانية اخيراً عن المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية ادوارد سنودن، معلناً انه طالب مساعديه بمراجعتها. لكن الاتحاد الاوروبي استدعى السفير الأميركي لديه وليام كينارد لبحث المسألة، فيما حذرت مفوضة العدل الأوروبية فيفيان ريدنغ من ان العمليات قد تعرقل محادثات مقررة مع الولاياتالمتحدة حول انشاء منطقة للتبادل الحر عبر الأطلسي. اما ألمانيا وفرنسا وإيطاليا التي كشفت معلومات سنودن خضوع مقار بعثاتها الديبلوماسية في واشنطنونيويورك لمراقبة، فطالبت واشنطن بتوضيح تصرفاتها"غير المقبولة مع اصدقاء وحلفاء". وأشار اوباما الى وجود مفاوضات على مستوى رفيع مع روسيا لاستعادة سنودن الذي يلازم مطار موسكو في انتظار مغادرته الى وجهة اخرى لكن اوباما اعلن أن روسيا"لا تسلم أحداً". في غضون ذلك، لم تكتفِ المعارضة الألمانية بانتقاد"استباحة الولاياتالمتحدة أصدقاءها الأوروبيين بطريقة عدائية ومهينة"، واتهمت المستشارة أنغيلا مركل بتعمد اخفاء علمها بالمسألة عبر جهاز الاستخبارات الألماني"بي إن دي". وقال رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي زيغمار غابرييل:"يثير موقف المستشارة المتردد الشكوك في معرفتها بالتنصت، وأطالبها بإقرار إذا كانت علمت بالأمر، ووافقت عليه". والتزمت مركل الصمت طيلة اليومين الماضيين. ولدى سؤالها عن الموضوع خلال زيارة الرئيس أوباما برلين نهاية الشهر الماضي اكتفت بإعلان انها ناقشت الموضوع مع أوباما، وأن الاستخبارات الأميركية زودت ألمانيا معلومات مهمة لاعتقال أفراد خلية ارهابية إسلامية أعدت عمليات لم تعلم بها سلطات بلادها. كذلك اتهم مرشح الحزب لمنصب المستشارية بيير شتاينبروك المستشارة باعتماد موقف سلبي من المعلومات عن أبعاد التجسس الأميركي على أوروبا وألمانيا"ما يعطي الانطباع بأنها تعرف أكثر مما يتداول". ودعا رئيس الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي توماس أوبرمان لجنة الرقابة على أجهزة الاستخبارات في البرلمان الى الاجتماع غداً لبحث عمليات التجسس الأميركية، واحتمال معرفة برلين بها.