ألقت فضيحة التجسس الأميركية على المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، وقبلها على ملايين المكالمات في فرنسا، بثقلها على جدول أعمال القمة الأوروبية التي افتتحت في بروكسيل ليل أمس. واعتبرت المفوضية الأوروبية أنه «حان وقت إعطاء الإتحاد الأوروبي صوتاً قوياً وموحداً في مواجهة الأميركيين»، فيما رد البرلمان الأوروبي مباشرة بتجميد العمل باتفاق «سويفت» الذي يسمح بتبادل معلومات مصرفية مع الولاياتالمتحدة. كما طالبت أحزاب أوروبية بروكسيل بوقف إرسال معلومات شخصية إلى الولاياتالمتحدة عن الأوروبيين الراغبين في زيارتها. وندد رئيس المفوضية خوسيه مانويل باروزو بممارسات الولاياتالمتحدة، مشدداً على «حق الأوروبيين في حماية حياتهم الشخصية». وزاد: «لا يمكن أن يتصرف المرء كأن شيئاً لم يحدث، إذ يعرف الجميع نتائج استغلال دولة قوتها للتسلل إلى حياة الناس». وقالت المفوضة الأوروبية المكلفة شؤون العدل فيفيان ريدينغ، إن «حماية المعلومات يجب أن تطبق في كل المناسبات على بريد المواطنين، كما حصل في فرنسا، وكذلك على الهاتف الخليوي لأنغيلا مركل». وزادت: «يجب التحرك الآن، وليس الاكتفاء بالإدلاء بتصريحات في القمة الأوروبية»، في إشارة إلى مشروع قانون قدمته لحماية البيانات، والمجمد منذ شهور بسبب خلافات بين الدول الأعضاء. ووصفت المشروع بأنه «إعلان استقلال لأوروبا سيسمح لها بمواجهة الولاياتالمتحدة بصوت واحد وقوي، والتفاوض على المستوى ذاته». ومثلما فعلت باريس، إثر كشف صحيفة «لوموند» مضمون وثائق سربها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن، حول تجسس الاستخبارات الأميركية على مكالمات حوالى 70 مليون شخص في فرنسا خلال بضعة أسابيع، استدعى وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله السفير الأميركي في برلين جون إيمرسون للاحتجاج على مراقبة الاستخبارات الأميركية الهاتف الخليوي للمستشارة مركل. وأفاد مصدر في الخارجية بأن « فيسترفيله أبلغ السفير الأميركي غضب حكومته الشديد، وعدم تفهمها التنصت الأميركي على أصدقائها الأوروبيين المقربين، وطالبه بتوضيحات». وصرح الناطق الرسمي باسم الحكومة شتيفان زايبرت بأن المستشارة أبلغت الرئيس الأميركي باراك أوباما في اتصال هاتفي ليل الأربعاء– الخميس، أنه «إذا أثبتت هذه المعلومات ستعلن استنكارها الشديد، ولن تقبل أبداً هذا التصرف الذي يشكّل ضربة صارخة للثقة، ولا بد من منعه فوراً». وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اتصل بأوباما للاحتجاج على تجسس طاول ملايين الفرنسيين. وعُلِم أن الرئيس أوباما نفى في الاتصال مع مركل مراقبة الاستخبارات الأميركية اتصالاتها، ولكن واضح أن المسؤولين الألمان يملكون معلومات استخباراتية أكيدة بحصول الأمر، ما دفع الحكومة إلى استدعاء السفير الأميركي للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لتقديم احتجاج. وطالب وزير الداخلية هانس بيتر فريدريش واشنطن بتقديم اعتذار، فيما أعلن رئيس لجنة المراقبة على أجهزة الاستخبارات في البرلمان توماس أوبرمان، أن اللجنة ستجتمع سريعاً لبحث الأمر، معتبراً «أن نشاطات التجسس الأميركية خرجت عن السيطرة». وإثر لقائه رئيس الحزب الاشتراكي الفرنسي هارلم ديزير في برلين، حضّ رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي المعارض زيغمار غابرييل، الحكومةَ الألمانية والاتحاد الأوروبي على وقف مفاوضات إنشاء منطقة تجارية حرة بين أوروبا والولاياتالمتحدة، التي يفترض أن تستأنف هذا الأسبوع.