في أيار مايو الماضي، عندما توجه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أميركا اللاتينية في جولة استمرت 3 أيام وشملت 3 بلدان، كانت بكين تلاحقه. وصل الرئيس الصيني شي جينبنغ إلى ترينيداد وتوباغو بعد أيام على مغادرة بايدن. وانتهت محادثات رئيسة وزراء ترينيداد وتوباغو كاملا بيرساد- بيسيسار مع بايدن إلى وصف"الزمن الحالي"ب"القاسي"، في حين شملت محطة شي في ترينيداد وتوباغو إزاحة الستار عن مستشفى للأطفال موّلته الحكومة الصينية ب150 مليون دولار، ومناقشة مشاريع طاقة، ولقاءات مع 7 رؤساء لدول كاريبية. وقادت الجولة شي إلى كوستاريكاوالمكسيك في الرابع والسادس من الجاري لكن ظله لاحق بايدن حتى البرازيل. وأشار بايدن في ريو دي جانيرو إلى"شراكة استراتيجية"بين أميركا والبرازيل، لكن أثر الكلمة هذه محدود بحدود الشراكة الاستراتيجية التي تقيمها البرازيل مع الصين منذ 1993، ورافقت تجاوز بكين لأميركا كأكبر شريك تجاري للبرازيل في 2009 دعاية واسعة. وليس مصادفة أن تقوم رئيسة البرازيل بزيارة الصين في 2011، قبل زيارتها أميركا. تكمن المفارقة في أن البلد الأميركي اللاتيني الأقرب إلى الولاياتالمتحدة هو المكان الذي استطاع شي فيه إحراز أكبر النجاحات. فقد أتاحت محادثات الرئيس المكسيكي إنريكي بنيا نيتو في اللقاءين اللذين جمعاه إلى شي في قمة بواو في الصين خلال نيسان الماضي والأسبوع الماضي في مكسيكو، تمييز نفسه عن سلفه المؤيد للولايات المتحدة. ودور المكسيك في تشكيل"تحالف الهادئ"، وهو منظمة إقليمية تضم أربعة بلدان مؤيدة لاقتصاد السوق والتجارة الحرة تشيلي وكولومبيا والمكسيك والبيرو، يسمح للمكسيك بإعادة تأكيد دورها القيادي في القارتين الأميركتين، وباستقلال نسبي عن واشنطن. التحدي الذي يمثله الحضور الصيني لأميركا في المنطقة، يتجاوز الاقتصاد والأهداف السياسية، والموقف الحرج الذي تعانيه وزارة الدفاع الأميركية بسبب الهجمات الصينية على شبكة الإنترنت، مجرد تذكير بأن الأعمال العدائية بين بكينوواشنطن وإن كانت غير مرجحة وغير مرغوبة، إلا أنها من الأمور التي يمكن التفكير فيها. وفي مثل هذا الصراع، ستكون المرافئ والمطارات والبنية التحتية للاتصالات وغيرها من أوجه الحضور الصيني في أميركا اللاتينية، أجزاء محتملة من الحرب الشاملة غير المتناظرة على أميركا. ومن السخرية أن شي بعد اجتماعاته في مكسيكو، يلتقي الرئيس باراك أوباما في كاليفورنيا. لكن، لصعوبة نقل حاشية شي بسيارات فخمة عبر الحدود، كان عليه أن يقوم بالخطوة الأخيرة من الرحلة. ولكن، ربما كان هذا هو الهدف: اقتضى مجيء زعيم من الجهة الأخرى من العالم لتتذكر واشنطن أن أميركا اللاتينية متصلة بها، بالمعاني المادية والاقتصادية والإنسانية. لذلك، ما يحدث في المنطقة يتسم بأهمية عميقة بالنسبة إليها. * باحث، عن"فورين بوليسي"الاميركية، 6/6/2013، إعداد حسام عيتاني