في ستينات القرن ال20 فيما العسكريون المنتمون إلى البعث السوري يمدون بساط هيمنتهم يعاونهم بعض"المدنيين"، كان ضابط برتبة رائد يشغل وظيفة أمنية مهمة في المنطقة الشرقية الفسيحة، الممتدة من نهر الفرات إلى حدود تركيا والعراق. كُلف هذا الضابط تقديم خطة لحل القضية الكردية. فقدم إلى قيادة الحزب برنامجاً عرف بخطة"التاءات"، لأنها اعتمدت على تسميات تبدأ كلها بحرف التاء، منها مثلاً: التعريب، التجهيل، التجنيد، التهجير. تعودني ذكرى هذه الخطة كلما قرأت مداخلة للأستاذ الشاعر علي أحمد سعيد الذي أكسبه لقب أدونيس شهرة واسعة مستحقة لأسباب موضوعية أخرى بلا ريب. يقدم أدونيس آراءه السياسية في لغته التي تميز بها، والمتضمنة أفكاراً مهمة. غير أن ما يسيء إلى الفكر الأودنيسي، في رأيي، هو ما أساء إلى خطة ذلك الضابط البعثي لحل المسألة الكردية، أي داء التاءات. فهو ينطلق إلى ملامسة الواقع الراهن عن غير تعمد، ربما من منطلقات تضعف نواياه الحسنة، لأنها تشكو من التجاهل، والتناسي، والتغاضي، والتماهي بما هو غير موضوعي أحياناً. هذه أمر مؤسف، لأن مساهمة مفكر من مستوى أدونيس في اقتراح حلول لقضايا أمته مطلوبة دائماً، غير أن داء التاءات يخشى أن يؤدي إلى النتيجة نفسها التي وصلت إليها تاءات حل المسألة الكردية. فهل من سبيل إلى"التخلص"من هذا الداء من أجل تعافي التفكير؟ ربما! زين العابدين مياسة السعودية - بريد إلكتروني