إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    تميز المشاركات الوطنية بمؤتمر الابتكار في استدامة المياه    الملك يضيف لؤلؤة في عقد العاصمة    إطلاق أول «بودكاست» في المسؤولية المجتمعية    اجتماع قادة الصناعة المالية الإسلامية في اللقاء الاستراتيجي الثاني لمناقشة الابتكار المستدام    أنا ووسائل التواصل الاجتماعي    الذكاء الاصطناعي والإسلام المعتدل    الفيحاء يواجه العروبة.. والأخدود يستقبل الخلود.. والرياض يحل ضيفاً على الفتح    وزير الرياضة: دعم القيادة نقل الرياضة إلى مصاف العالمية    نيمار يقترب ومالكوم يعود    التركي: الأصل في الأمور الإباحة ولا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص    النضج الفكري بوابة التطوير    برعاية أمير مكة.. انعقاد اللقاء ال 17 للمؤسسين بمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة    نور الرياض يضيء سماء العاصمة    قيصرية الكتاب تستضيف رائد تحقيق الشعر العربي    الشائعات ضد المملكة    الأسرة والأم الحنون    سعادة بطعم الرحمة    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    في الجولة الخامسة من يوروبا ليغ.. أموريم يريد كسب جماهير مان يونايتد في مواجهة نرويجية    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    بهدفين في الدوحة| الاتفاق ينفرد بالصدارة عبر بوابة العربي القطري    قمة آسيا للذئاب    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    باحثة روسية تحذر الغرب.. «بوتين سيطبق تهديداته»    سعود بن بندر يستعرض إستراتيجية «تطوير الأحساء»    الزميل رابع يحتفل بزفاف إبنه د. صالح    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    إشادة أوروبية بالتطور الكبير للمملكة ورؤيتها 2030    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    60 صورة من 20 دولة للفوتوغرافي السعودي محتسب في دبي    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    دشن الصيدلية الافتراضية وتسلم شهادة "غينيس".. محافظ جدة يطلق أعمال المؤتمر الصحي الدولي للجودة    إعلاميون يطمئنون على صحة العباسي    «مساعد وزير الاستثمار» : إصلاحات غير مسبوقة لجذب الاستثمارات العالمية    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    مشروعات طبية وتعليمية في اليمن والصومال.. تقدير كبير لجهود مركز الملك سلمان وأهدافه النبيلة    أمير الرياض يرفع الشكر والتقدير للقيادة على إطلاق «مشروع قطار الرياض»    ميقاتي يحذر النازحين من العودة السريعة.. وإسرائيل تعلن اعتقال 4 من حزب الله    وزير الرياضة : 80 فعالية عالمية زارها أكثر من 2.5 مليون سائح    البنيان: رصدنا أكثر من 166 مشروعا تعليميا في 2025    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفض "تعويم" المجلس ودعا الى انتخابات جزئية لتشكيل الجمعية الوطنية . عضو مجلس الحكم الانتقالي محمود عثمان ل"الحياة": لا ضمانات أميركية لأكراد العراق بتأييد الفيديرالية
نشر في الحياة يوم 06 - 01 - 2004

أكد محمود عثمان، عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق، معارضة الاميركيين اعطاء أي دور للأمم المتحدة أو أي طرف آخر في عملية نقل السلطة الى العراقيين، مشيراً إلى ان سلطة التحالف "مستاءة كثيراً" من دعوة مجلس الحكم الامم المتحدة الى المشاركة في هذه العملية، خصوصاً مطالبة الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان ارسال مبعوث دولي الى العراق.
وقال في مقابلة مع "الحياة" ان "الأمر الأساسي بالنسبة الى العراقيين هو اعادة السيادة. والاميركيون مستعجلون أيضاً، لكن لمصالحهم"، مشيراً الى سعي الادارة الاميركية الى اعادة انتخاب جورج بوش.
وعن آلية تشكيل الجمعية الوطنية، في ظل دعوة آية الله علي السيستاني الى اجراء انتخابات أجاب: "كلنا نطالب بانتخابات عامة، لكن هناك صعوبة في اجرائها لأسباب كثيرة أهمها الوضع الأمني. والتوجه حالياً الى حل وسط كانتخابات جزئية".
ورفض عثمان فكرة تعويم مجلس الحكم، التي ينادي بها بعض أعضائه، كسلطة عليا على شكل مجلس اعيان أو غيره. واعترف بنقص في تمثيل بعض الأطياف العراقية في الحكم الجديد، وأمل بحل هذه المشكلة في الجمعية الوطنية المقبلة. وأعرب عن عدم الممانعة في وصول بعثيين الى الجمعية الوطنية اذا لم يكونوا ارتكبوا جرائم أو تسببوا بأذى للعراقيين.
ونفى ان تكون "الفيديرالية خطوة في اتجاه الاستقلال"، وقال: "توجهنا اتحادي وليس انفصالياً. لكننا نريد ضمانات لوجودنا ومستقبلنا". وأوضح ان "الأساس الذي نريده للفيديرالية جغرافي شمال العراق". وانتقد نقل الجدل في شأن الفيديرالية وغيرها الى الشارع لصعوبة ضبطه والسيطرة عليه. ودعا الى تنظيم احصاء بإشراف دولي في كركوك، بعد اعادة كل المواطنين الى مناطقهم التي طردوا منها. وفي ما يأتي نص المقابلة:
يطالب الأكراد بحكم فيديرالي في كردستان. ما هو شكل الفيديرالية الذي تطمحون إليه كأكراد: على أساس قومي أو جغرافي أو إداري؟
- الفيديرالية التي نطمح اليها هي اتحاد طوعي في اطار العراق الجديد الذي نحن في صدد اعادة بنائه. العراق يتألف من قوميتين رئيسيتين: العرب والأكراد، مع وجود أقليات اخرى كالتركمان والاشوريين، وأديان ومذاهب مختلفة.
في عام 1992 أقر البرلمان الكردي المنتخب العلاقة بين المركز والمنطقة الكردية في الشمال على اساس اتحاد فيديرالي: دولة اتحادية واقليم فيديرالي في منطقة كردستان. أما الأساس الذي نريده للفيديرالية فهو أساس جغرافي. نريد حكماً فيديرالياً في منطقة شمال العراق، وليس في المنطقة التي تضم أكراداً فقط. ولأن هذه المنطقة تضم أكثرية كردية، وتضم أيضاً تركماناً واشوريين وعرباً ، فالفيديرالية تصبح، شئنا أم أبينا، على أساس قومي أيضاً.
بعد 1992، حصل اقتتال كردي - كردي بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني استمر فترة من الزمن قبل ان تهدأ الأوضاع بعد اتفاقات واشنطن ودبلن وانقرة. وانشغلت كردستان بهذه الأحداث الداخلية. وفي 2002 أعاد البرلمان الكردي المشترك اقرار مشروع الفيديرالية بعدما أقره الحزبان الكرديان الرئيسيان و37 حزباً اجتمعوا في كويسنجق في آب اغسطس 2002.
المشروع الفيديرالي الذي أقره البرلمان الكردي ليس هو نفسه الذي قدمه ممثلو الاكراد في مجلس الحكم الانتقالي الى المجلس. نحن، الأعضاء الأكراد الخمسة في المجلس، قدمنا الى المجلس مشروع قانون لادارة الدولة العراقية في الفترة الانتقالية، كما قدمت أطراف أخرى مشاريع خاصة بها للمناقشة أيضاً. ويتضمن مشروعنا الى مجلس الحكم فقرات في شأن المسألة الفيديرالية كما نراها كأكراد. أردنا ان نثبت القضايا الأساسية في هذا القانون، لكن التفاصيل ستثبت في الدستور الدائم للبلاد.
ما هو شكل العلاقة التي ترونها مع المركز؟
- بحسب المشروع الكردي للفيديرالية، يكون المركز مسؤولاً عن السياسات الخارجية والدفاعية والمالية والموازنة والعملة، أي كل ما له علاقة بسيادة الدولة، فضلاً عن سيطرة المركز على الثروات الطبيعية كالمعادن والنفط، شرط ان يحصل الاقليم الفيديرالي على حصة معقولة من العائدات. فالسيادة تكون، اذن، للمركز.
وفي الوقت نفسه نرى ضرورة انشاء ثلاث مؤسسات في المركز: برلمان ينتخب من كل الشعب العراقي. ومجلس للقوميات أو للأقاليم يكون متكافئاً في التمثيل يوفر نوعاً من الضمان للأقلية كي تحفظ حقوقها ولا تسحق من جانب الأكثرية، ومحكمة دستورية أو محكمة دولة أو عليا للفصل في الخلافات، اذا طرأت في المستقبل، بين المركز والاقليم الفيديرالي.
والسبب الرئيس لطلبنا اقرار الفيديرالية ليس كما يقال للانفصال عن العراق، بل العكس. توجهنا اتحادي وليس انفصالياً. لكننا نريد ضمانات لوجودنا ومستقبلنا، ولحقوقنا وواجباتنا في العراق. والفيديرالية توفر نوعاً من الضمان للأكراد.
تعلم ان الشعب الكردي عانى الكثير منذ تأسيس الدولة العراقية: حروب كثيرة، إبادة واستخدام أسلحة كيماوية ضده، وحرب الأنفال وتدمير قرى وبلدات وتهجير. فمن الطبيعي ان يكون للشعب الكردي الذي يريد المساهمة في اعادة إعمار العراق، دور وضمانات لمستقبله في هذا الوطن. والشعب الكردي يشارك، مع العرب والآخرين، في بناء العراق كجزء من البلد...
لكن البعض ينظر الى الفيديرالية على انها خطوة في اتجاه الانفصال والاستقلال؟ فهل لديكم كأكراد مثل هذا الطموح لدولة مستقلة؟
- نحن نتعامل مع الواقع. لكن اذا سألت أي كردي سيجيبك بالتأكيد ان لديه طموحاً لإقامة دولة مستقلة. فالأكراد أمة حُسمت كالأمة العربية، ولها الحق في تقرير المصير. تركيا لا تعترف أصلاً بوجود مواطنين أكراد، تعدادهم نحو 20 مليوناً. في ايران كان الشاه يقول كلنا آريون، لكن الأكراد كانوا خارج الحكم. والأمر نفسه ينطبق على النظام الايراني الحالي الذي يقول كلنا مسلمون، لكن الحكم للفرس ولا دور للأكراد ولا حقوق لهم. وفي سورية لا اعتراف بالحقوق الكردية.
وفي العراق تعرض الأكراد الى مآسٍ وحروب ما زالت آثارها ماثلة. فالأكراد يريدون التخلص من الاضطهاد ويطمحون بالتالي الى وجود كيان لهم. لكننا، مع ذلك، نتعامل مع الواقع. فالواقع الذي نعيش فيه دولياً واقليمياً لا يسمح بأن يشكل الأكراد دولة، كأن يأخذوا أجزاء من تركيا وايران والعراق لاقامة دولة. الواقع يقول انه يجب ان تحصل على حقوقك في محيطك، داخل الدولة التي تعيش فيها. فعلى هذا الاساس نطالب بالفيديرالية لأننا نعتقد انها خطوة في اتجاه التوحيد اذا لم يتم اضطهاد الأكراد. اذا عومل الأكراد كغيرهم بانصاف ولم يمارس ضدهم أي تمييز كالسابق، فبالتأكيد سيتمسكون اكثر بالوحدة العراقية. اما اذا تعرضوا لتمييز وقهر واضطهاد كالسابق، فسيسعون الى الانفصال.
في السابق، حينما كانت تحصل خلافات بين الأكراد وبغداد، كان الجيش العراقي يشن الحرب على الأكراد ويقتل ويدمر. الوضع اصبح مختلفاً الآن. واذا حسنت النيات يمكن حل كل الخلافات بالحوار. نحن لا نريد حقوقنا على حساب حقوق الآخرين.
الفيديرالية قضية اساسية كالدستور، أليس في مشروعكم اقتراح باجراء استفتاء في شأن الفيديرالية؟
- الفيديرالية خيار الشعب الكردي. الشعب الكردي استُفتي في شأن الفيديرالية وأعطى موافقته عليها. وإذا استفتي الأكراد الآن سيطالب كثيرون منهم بأكثر من الفيديرالية، بالاستقلال. لكن، في الوقت نفسه، فإن تفاصيل العلاقة بين الاقليم الفيديرالي والمركز، مثل الصلاحيات وغيرها، يجب ان تبحث بين الطرفين. فالفيديرالية تكون ضمن بلد واحد، ولا بد من حوار مع الآخرين في هذا البلد لتحديد شكل العلاقة بينهم وتفاصيلها. لكن الفيديرالية كمبدأ يجب استفتاء صاحب العلاقة في شأنها وهو الشعب الكردي، الذي يتمتع بحق تقرير مصيره.
الاعتراضات على الفيديرالية بدأت تتصاعد وتتخذ شكلاً عنيفاً، كما جرى في تظاهرة الأربعاء 31/12/2003، في كركوك وتظاهرات سابقة في المدينة. كيف ستتعاملون مع هذه الاعتراضات؟
- أولاً، نحن نرفض نقل الجدل في شأن الفيديرالية وغيرها الى الشارع، سواء من جانب الأكراد أو غيرهم لصعوبة ضبطه والسيطرة عليه. فالتظاهرات اسلوب يضر البحث في هذه القضايا. منذ اسبوعين جرت تظاهرة كردية في كركوك الهدف منها المطالبة بإعادة الأكراد الى المناطق التي طردوا منها، لكن شعارات التظاهرة تحولت إلى الفيديرالية وكركوك وغيرها. وهذه طبيعة التظاهرات، اذ تتطور ويصعب بالتالي ضبطها. والأربعاء الماضي جرت تظاهرات مضادة حاولت التعرض لمقرات كردية فردّ أفرادها دفاعاً عن النفس، ما أسفر عن قتلى.
يجب على القيادات الكردية والعربية والتركمانية تطويق هذه الأحداث، ومنع نقل النقاش الذي يجري بين هذه القيادات الى الشارع، لأن النقاش اذا انتقل الى الجماهير يصعب ضبطه والسيطرة عليه. وما جرى أمر مؤسف. أما الاعتراضات على الفيديرالية أو غيرها فيجب حلها بالحوار. ونحن يجب ان يكون لدينا حوار مع التركمان والآشوريين والعرب داخل مجلس الحكم وخارجه وسلطة التحالف. وأدعو الى حوار ايضاً مع الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. صحيح ان الفيديرالية مطلب كردي، لكنها جزء من اعادة اعمار العراق التي هي محل اهتمام كل هذه الأطراف. فالحوار هو الوسيلة الوحيدة لمعالجة هذا الموضوع. وقبل كل شيء الحوار مع الفئات التي تعيش معنا في كردستان، لأننا اذا لم نستطع اقناع هذه الفئات التي تعيش معنا، فكيف يمكن ان ننجح في تحقيق مطالبنا؟ يجب اقامة حوار بيننا كأكراد والتركمان خصوصاً، والفئات الأخرى في كردستان في شأن هذا الموضوع وتطويق الأحداث وحل الخلافات بالحوار فقط.
ما هي حقيقة مواقف مجلس الحكم وسلطة التحالف والولايات المتحدة من الفيديرالية؟
- مجلس الحكم أقر منذ تأسيسه الفيديرالية كمبدأ، في بيانه التأسيسي والبيانات اللاحقة ايضاً. وكانت المعارضة العراقية السابقة بكل فصائلها أقرت في مؤتمرها في كانون الأول ديسمبر عام 2002 في لندن الفيديرالية في منطقة كردستان. لكن هناك اختلافاً في وجهات النظر في شأن التفاصيل: نوع الفيديرالية والعلاقة مع المركز. الأحزاب والفئات العربية وغيرها تنظر الى المسألة في شكل مختلف عن الأكراد. يجب حل هذا الخلاف بالحوار وصولاً الى قواسم مشتركة. الأمر ليس سهلاً، لكن يجب ان نسعى الى ذلك. أما بالنسبة الى الأميركيين والبريطانيين فمواقفهم في شأن هذه المسألة غير واضحة. لا يوجد أي التزام أو تعهد أو ضمانات واضحة للأكراد بتأييد طلبهم اقرار الفيديرالية. ونحن نلاحظ ايضاً وجود مواقف مختلفة لدى كل من الاميركيين والبريطانيين. بعض الأميركيين يؤيد الفيديرالية، وبعض آخر يؤيد فيديرالية ادارية، وبعض آخر لا يؤيد أي نوع من الفيديرالية. وكذلك البريطانيون، وهذه المواقف نابعة اساساً من منطلق تصوراتهم لمصلحة بلادهم أولاً، فنحن نعلم ان لهم مصالح ومنافع داخل العراق ويكيفون مواقفهم في شكل يخدم هذه المصالح. اضافة الى ذلك، أشير الى أهمية العامل التركي في هذا المجال. فهو مؤثر في السياسة الاميركية، وسلبي في مسألة الفيديرالية.
تشكل كركوك النقطة المتفجرة في كل مشروع الفيديرالية. ففي مواجهة الإصرار الكردي على ضمها الى اقليم كردستان، هناك معارضة عربية وتركمانية. وكركوك مدينة مختلطة، فكيف ترون الحل؟
- نعتقد ان كركوك جزء من منطقة كردستان، ولا نقول انها كردية. ويعيش في كركوك الأكراد والعرب والتركمان والآشوريون والأرمن. لذا يجب ان تكون هناك ادارة مشتركة لكركوك من ممثلي كل الفئات. أما هوية المدينة فلا تتقرر إلا بإجراء احصاء سكاني. ويجب أولاً عودة كل المواطنين الذين طردوا من منازلهم في ما سمي سياسة التعريب والتطهير العرقي، ثم تتبع ذلك فترة لتطبيع الأوضاع، يجري بعدها احصاء تحت اشراف دولي، وتتقرر بنتيجته هوية المدينة، هل الأكثرية كردية أم عربية أم تركمانية، وتجري ادارة المدينة على هذا الأساس.
نحن لا نريد، ولا نستطيع، فرض شيء على أحد. نريد حواراً مع كل الفئات التي تعيش في كركوك للتوصل الى حل لمصلحة المدينة ككل. ولا نريد أي حل بالقهر والإكراه، اذ لا يمكن ان نحقق حقوقنا على حساب حقوق الآخرين.
مع اعترافك بوجود خلافات على تفاصيل الفيديرالية، ما هو الحد الأدنى الذي تقبلون به كأكراد؟
- كما شرحت سابقاً، نطالب بحكم محلي في منطقة كردستان، مع انتخابات ومجالس تشريعية وتنفيذية، وتنظيم العلاقات مع المركز، على ان يتولى المركز الأمور السيادية. لدينا تفاصيل في هذا الشأن في مشروع الفيديرالية الذي أقره البرلمان الكردي. لكننا ديموقراطيون، ونريد حواراً مع الآخرين في شأن التفاصيل.
المهم بالنسبة الى الاكراد أمران: الأول ديموقراطية في العراق، لأنه من دون ديموقراطية لا نستطيع ضمان حقوقنا. أبرمنا اتفاقات مع صدام حسين تتضمن حكماً ذاتياً للأكراد، لكن لأن الحكم المركزي لم يكن ديموقراطياً لم يمكن تطبيق الاتفاقات. وثانياً: ايجاد آلية تضمن الحقوق الكردية الانسانية والقومية مع الحفاظ على حقوق الآخرين. والمشروع الكردي للفيديرالية يتضمن فقرات تنص على احترام الحقوق القومية والسياسية والثقافية والادارية للتركمان والآشوريين والعرب الذين يعيشون في كردستان.
ثورة 14 تموز يوليو 1958 جاءت بدستور موقت تنص المادة الثالثة فيه على ان العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن. وشركاء تعني الفيديرالية. واتفاقية آذار مارس 1970 نصت على ان تعيش في العراق قوميتان رئيسيتان: عربية وكردية. فحتى الدساتير والاتفاقات في الأنظمة السابقة تنص على المطالب التي ننادي بها. وهذا هو الحد الأدنى الذي يقبل به الأكراد. اما اذا لم يحصل ذلك، وتم فرض شيء آخر عليهم، فإن ذلك سيؤدي الى مشاكل.
ألا يمكن ان يشكل الحكم الفيديرالي عاملاً مساعداً لإحياء الصراع على النفوذ في اقليم كردستان كما جرى بين حزبي طالباني وبارزاني قبل تدخل واشنطن وفرض الاتفاق على الحزبين؟
- لا. بالعكس. اعتقد انه إذا اقرت الفيديرالية فالخلافات بين الحزبين ستتقلص، وسيتعاونان لأن لديهما الأهداف نفسها. وستجرى انتخابات تتشكل بموجبها مجالس تشريعية وتنفيذية محلية. وقد أعلن الحزبان التزامهما نتائج الانتخابات. وتحقيق المطالب الكردية سيؤدي الى تعزيز التعاون لدى الأكراد وتقليص الخلافات بينهم. فالمنطقة الكردية مقسمة حالياً الى منطقتين بسبب صراع الحزبين. لكن حينما تقر الفيديرالية وتجرى انتخابات عامة سينتفي هذا التقسيم.
عملية نقل السلطة أين وصلت؟ السيد عبدالعزيز الحكيم أعلن في لندن ان المحادثات ما زالت جارية في شأن آلية تشكيل الجمعية الوطنية الانتقالية، فهل تم الاتفاق على هذه الآلية؟ وهل صحيح ان خيار الانتخابات وضع جانباً؟
- كما تعلم هناك اتفاق وقع في منتصف تشرين الثاني نوفمبر بين الحاكم الاميركي بول بريمر ومجلس الحكم الانتقالي ينص على آلية تشكيل الجمعية الوطنية الانتقالية، عن طريق مجالس انتخابية في المحافظات حسب عدد السكان وفقاً لشروط سيضعها القانون الأساسي للدولة العراقية، بمعدل نائب لكل مئة مواطن.
وتتألف هذه المجالس الانتخابية من ممثلي الاحزاب والمنظمات والشخصيات الاكاديمية والمهنية ورجال دين وعشائر، من كل شرائح المجتمع. وهناك لجنة تشرف على هذه العملية مؤلفة من خمسة أشخاص يعينهم مجلس الحكم وخمسة يعينهم مجلس المحافظة وخمسة من أكبر خمس بلديات في المحافظة.
هذه انتخابات جزئية، تجمع ما بين الانتخابات العامة والتعيين.
سماحة آية الله علي السيستاني يطالب باجراء انتخابات عامة. ونحن نطالب بذلك أيضاً، لأننا نعتقد أن أفضل وسيلة لتمثيل الشعب هي الانتخابات العامة. لقد مضى على تشكيل مجلس الحكم، الذي يضم نخبة من الوطنيين الذين ناضلوا طويلاً ضد النظام الديكتاتوري وقدموا تضحيات، عدة أشهر، ومع ذلك نسمع يومياً تقريباً طعناً بشرعية المجلس، وان الحاكم الاميركي عيّن مجلس الحكم. لذلك، فإن الانتخابات هي الحل الأمثل. لكننا نعتقد انه لا يمكن اجراء انتخابات عامة في الوقت الحاضر. وقد تحاورنا مع السيد السيستاني في شأن هذه المسألة. أولاً، نحن في ظل احتلال. وثانياً، من الناحية الأمنية لا يمكن ضمان اجراء انتخابات سليمة ونزيهة. ثالثاً، لا يوجد احصاء أو تعداد سكاني في العراق. رابعاً، لا يمكن اجراء انتخابات بموجب البطاقة التموينية، لأنه يمكن تزوير البطاقة بسهولة، وأسماء الأموات باقية على البطاقات. كما ان البطاقة تحمل اسماء كل افراد العائلة لكنها لا تتضمن تفاصيل عن الأعمار. لذلك الخلاف هو على توقيت الانتخابات وليس على المبدأ. كلنا يريد انتخابات عامة بأسرع ما يمكن. وتولدت قناعة عامة بصعوبة اجراء انتخابات عامة، حتى من جانب السيد السيستاني، فهو شخص منفتح، لا يطالب بحكومة اسلامية مثلاً، بل يطالب فقط بانتخابات. وهذا أمر ايجابي. وتوصلت المحادثات الأخيرة الى موقف يدعو الأمم المتحدة الى ان تقرر ما إذا كان بالإمكان اجراء انتخابات عامة أو لا. ونحن نطالب بالأمر نفسه، وندعو الأمم المتحدة الى ارسال مندوب لمعاينة الوضع على الأرض. والأمم المتحدة كانت أعلنت في نيويورك عدم امكان اجراء انتخابات عامة في العراق. لكننا نريد رأي المنظمة الدولية بعد زيارة موفدها للعراق. لذلك، نعتقد انه يمكن التوصل الى حل وسط باجراء انتخابات جزئية للجمعية الوطنية.
لكن الأهم من كل ذلك أمران: الأول، ضمان تأييد الشعب لهذه العملية. فلدينا ستة أشهر تعود بنهايتها السيادة الى العراقيين. وكل العراقيين يؤيدون هذه العملية باعتبار أولوية السيادة على أي شيء. لكن لا يمكن ضمان التأييد الشعبي الا اذا وضعنا حلاً للمشاكل الأمنية والمعيشية والخدماتية، كالكهرباء والمياه والمحروقات، والمشاكل الأخرى، كالفساد والرشاوى والبطالة. اذا استطعنا التقدم في حل هذه المشاكل اليومية التي يعاني منها المواطن العادي سنكسب تأييد الشعب أكثر، وسيدعم بدوره هذه العملية.
ثانياً، نريد شرعية دولية أيضاً. اذا جرت عملية نقل السلطة وأشرفت عليها فقط قوات التحالف والاميركيون، فسيطعن بشرعية هذه العملية مهما كانت النتيجة، حتى لو كانت العملية نزيهة مئة في المئة. وستتهم الجمعية الوطنية بأنها عينت من جانب الاميركيين تماماً كما حصل مع مجلس الحكم. لذلك، نريد مراقبة الأمم المتحدة، أو اشرافها اذا كان ذلك ممكناً. نريد حضور ممثلين للاتحاد الاوروبي والجامعة العربية. لكن المشكلة هي ان الاميركيين لا يريدون مشاركة أي طرف خارجي في هذه العملية، ولا يريدون خصوصاً اعطاء الأمم المتحدة دوراً كبيراً. وهذه نقطة خلافية بين مجلس الحكم والاميركيين. فسلطة التحالف مستاءة كثيراً من دعوة مجلس الحكم الامم المتحدة الى المشاركة في هذه العملية، خصوصاً مطالبة الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان بارسال مبعوث دولي الى العراق. فمجلس الحكم يريد دوراً أكبر للأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي وحتى للجامعة العربية، كي يمكن لهذه الأطراف الدولية ان تؤكد شرعية العملية والجمعية الوطنية المقبلة والحكومة المنبثقة منها. خصوصاً ان هذه الجمعية ستبقى فترة سنتين. ولا يجوز ان تواجه الجمعية الوطنية الطعن بشرعيتها كما يحصل مع مجلس الحكم.
هناك ثلاثة استحقاقات قريبة: القانون الاساسي للدولة في نهاية شباط فبراير والجمعية الوطنية بنهاية أيار مايو وتشكيل الحكومة بنهاية حزيران يونيو. هل تتوقعون الالتزام بهذا الجدول الزمني؟
- هناك تعهد والتزام من كل الأطراف بالجدول الزمني لعملية نقل السلطة. لكن هل يمكن تحديد ذلك باليوم؟ لا أستطيع الاجابة. فالأمور مرهونة بعوامل عدة أهمها الظروف الأمنية ومدى تأييد الشعب وحجم الاشراف الدولي. ونحن كعراقيين مهتمون أكثر من أي طرف آخر بانجاح هذه العملية، لأن الأمر الأساسي بالنسبة الينا هو اعادة السيادة وانهاء حال الاحتلال. وفي الوقت نفسه الاميركيون مستعجلون أيضاً، لكن لمصالحهم. ففي نهاية هذه السنة ستجرى انتخابات رئاسية. والأمر المهم بالنسبة الى الادارة الاميركية اعادة انتخاب جورج بوش. ولتحقيق ذلك، يتعين تحقيق انجاز معين لكسب الرأي العام الأميركي. ونقل السلطة الى العراقيين بنجاح يعد انجازاً يعزز، برأي الحزب الجمهوري، فرص اعادة انتخاب بوش.
هناك حديث عن تعويم مجلس الحكم بعد نقل السلطة، على شكل مجلس سيادة، أو مجلس شيوخ، او هيئة رئاسية، على رغم ان اتفاق نقل السلطة ينص على حل المجلس في حزيران المقبل. ما هو موقفكم؟
- حسب الاتفاق بين المجلس وسلطة التحالف تحل السلطة بنهاية حزيران وينتهي دور مجلس الحكم. هناك أعضاء في مجلس الحكم يريدون استمرار المجلس على شكل مجلس أعيان، أو مجلس سيادة أو ضم أعضاء المجلس ال25 في شكل آلي الى الجمعية الوطنية المقبلة. أنا أرفض هذه التوجهات وأدعم الاتفاق الموقع. مع عودة السيادة يجب ان ينتهي دور مجلس الحكم، اذ لا يجوز ان نفرض أنفسنا على الشعب العراقي. فلنكن ديموقراطيين ولنكف عن المطالبة بدور للمجلس بعد انتهاء عملية نقل السلطة. واذا تمت هذه العملية بنجاح فسيعد ذلك انجازاً مهماً للمجلس. ويمكن لأي عضو في مجلس الحكم، اذا رغب، ان يرشح نفسه للجمعية الوطنية في محافظته، وسيكون الرأي لسكان محافظته في اعادة انتخابه.
هناك استياء لدى بعض السنة من تمثيله في الحكم الجديد، كيف يمكن احتواء هذا الاستياء؟
- هناك استياء واضح، والانتقادات مبررة. حينما شكل مجلس الحكم لم يغط بتمثيله كل العراق. هناك نواقص في التمثيل جغرافياً وسياسياً واجتماعياً. ولذلك برزت الاعتراضات. نحن كان لنا رأي لكن لم نطرحه بهذا الشكل. طالبنا بتمثيل للتيار القومي العربي في مجلس الحكم. التحالف وبعض الأطراف لم توافق، علماً بأن تمثيل هذا التيار كان يمكن ان يزيل بعض الاستياء.
جغرافياً، مدن كالموصل أو الرمادي أو بعقوبة غير ممثلة في المجلس، وبالمصادفة هذه المناطق سنية. العشائر أيضاً تشكو. شمر ممثلة في المجلس فيما الجبور غير ممثلة. لو تم توسيع مجلس الحكم في حينها لأمكن تلافي هذه النواقص. لكن المشكلة أيضاً ان المجلس كان مرتبطاً بالنسب الطائفية. وهذا غير ايجابي.
هل تتدارك الجمعية الوطنية المقبلة هذه النواقص؟
- نعم. فالمافظات ستنتخب ممثليها بحسب عدد السكان. والجمعية الوطنية ستغطي بتمثيلها العراق كله، وتشكيلتها ستكون بالتأكيد أفضل من تمثيل مجلس الحكم.
حتى لو جاء الى الجمعية بعثيون من جماعة صدام حسين؟
- هناك بعض الضوابط. القانون الأساسي للدولة الذي سيقر قبل نهاية شباط سيضع شروطاً للترشيح الى الجمعية الوطنية. واعتقد انه سينص على حق البعثيين بالترشح، اذ ان التوجه العام لدى مجلس الحكم تشجيع كل العراقيين للمساهمة في اعادة بناء البلد. مساهمة كل عراقي ضرورية. هدفنا اعادة بناء العراق على اساس التسامح والمصالحة الوطنية والعفو العام، بعد عزل العناصر التي أجرمت وأساءت الى المواطنين. فهؤلاء ستقرر المحاكم مصيرهم. أما بقية المواطنين، سواء كانوا بعثيين أو قوميين أو غيرهم، فيجب ان يعطوا المجال للاندماج في المجتمع والتعاون مع الآخرين.
التسامح شعار كل الأطراف في العراق. هل تقبلون تحديداً بتمثيل بعثيين في الجمعية الوطنية؟
- لا مانع اذا لم يكن المرشح مجرماً أو أساء الى المواطنين في أي صورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.