أضرمت شرارة اعتقال مراسل صيني نيران الاحتجاج في الصين. فالمقالة التي نشرتها شينكوبايباو، وهي صحيفة يومية شعبية، صادرة في كانتون جنوبالصين، كادت أن تجهض عملية إحكام القبضة على الصحافة التي باشرها الرئيس تشي جينبيغ. وعمت موجة استنكار الصحافة الصينية فاجأت المراقبين الذين حسبوا أن الصحف هي طوع يد الحزب الشيوعي الحاكم. والتزمت السلطات الصمت، وبدا أن مطالبة الصحافة بحقوقها أحرجتها وأخذتها على حين غرة. واضطرت الصحيفة إلى إعلان الإفراج عن مراسلها شن يونغزهو. ولكن شن ظهر على شاشة التلفزيون الرسمي، وقال إنه معتقل منذ أسبوع، واعترف بما نسب إليه، أي"فبركة المقالات طمعاً بكسب غير مشروع". والاعترافات المتلفزة كانت إجراء رسمياً في مرحلة الثورة الثقافية بين 1966 و1976. وفي الأشهر الأخيرة، صارت مثل هذه الاعترافات دَرَجَة رسمية على التلفزيون الحكومي. فالنظام يعد"المذنبين"بالإعفاء من المحاكمات إذا أقروا بالذنب وأعلنوا التوبة. واعتقلت الصحافي شن شرطة مدينة شانغشا، عاصمة محافظة هونان. فهو اتهم مجموعة زوميليون الصناعية بتحريف بياناتها الحسابية. وتعود ملكية 20 في المئة من هذه المجموعة العملاقة إلى القطاع العام الصيني. وهي شركة وازنة في قطاع الهندسة وهي مدرجة في بورصتي هونغ كونغ وشينزان، وهي مصدر عائدات ضريبية لا يستهان بها في شانغشا. واستنفرت الشبكة الإلكترونية إثر خبر اعتقال الصحافي. ودارت المناقشات حول حق الإعلام في بلد لم يرس حرية الصحافة ويحظر تناول قضاياها وقضايا الإصلاح السياسي و"القيم الجامعة العامة". وأججت صحيفة شينكوبايباو النقاش، إثر إعلانها أن حسبانها أن العمل الصحافي المستقل ممكن، هو حسبان ساذج. وسرت ترددات القضية في الصحافة كلها. فكتبت الصحيفة التجارية في هينان"أن السلطات العامة تجاوزت الحد. فاعتقال الصحافيين لا يجوز من غير أدلة واتهامات يعتد بها. وتجريد وسائل الإعلام من سلطتها الرقابية هو صنو ركوب المجتمع سيارة مطفأة الأضواء في الليل". وموجة الاحتجاج لم تتجاوز دائرة السلطات المحلية إلى دائرة السلطة الوطنية. ولكن حركة"تمرد"شينكوبايباو ملفتة. فهي صحيفة رسمية. والنقاش الذي أثارته دار في وقت باشرت السلطات الصينية حملة قمع المعارضين ومن ينتقدها على الإنترنت. ولم يسلم من القمع"محبو العدالة"على الشبكة، أي من غالى في تأييد الحملة الحكومية لمكافحة الفساد. ورمى تشي جينبيغ إذ ضيق القيود على الخطاب العام، إلى تعزيز سلطته. ولكنه بالغ في كم أفواه الصينيين الذين ذاقوا طعم الحرية على شبكة الإنترنت. * صحافي، عن"لوفيغارو"الفرنسية، 28/10/2013، إعداد م.ن.