اليوم عيد.. كل عام وأنتم بخير.. واليوم أيضاً مصر وغانا.. يوم مهم في حياة المصريين.. لكنه بالقطع ليس الأهم على الإطلاق، فالمصريون الذين كانوا يأكلون ويشربون وينامون على كرة القدم مشغولون عنها هذه الأيام بما هو أهم.. بخريطة يبحث فيها كل مواطن عن طريق! وإذا كان لقاء أكرا اليوم مهماً، فالأهم منه 19 تشرين الثاني نوفمبر يوم لقاء الإياب بالقاهرة الذي سيكون ختام مشوار طويل، سيعرف المصريون معه هل سيحزمون حقائبهم تجاه البرازيل أم لا؟ وإن شاء الله يسافرون.. فالبرازيل التي استضافت أول بطولة لكأس العالم، لا ينبغي أن يغيب عنها أول منتخب حمل راية الأفارقة والعرب في كأس العالم! ماذا يعني لمصر التأهل إلى نهائيات كأس العالم؟ إذا كان في كل مرة سابقة يساوي حلماً وتاريخاً وفخراً ولحظة فرح ينسى فيه كثير من المصريين هموم اللحظة الآنية. فهو يحمل هذه المرة تحدياً إضافياً مع الذات، تحد لحال الانقسام الحاد الذي يعيشه الشارع المصري، وتحد لحياة باتت منفوخة أكثر بكثير من لعبة الجلد المنفوخ! أعجب نبأ قرأته حول المباراة لفت الانتباه منذ يومين تضمن تحذيراً من مصدر أمني بالقاهرة لإدارة البعثة المصرية في كوماسي:"أنتم مستهدفون من جماعات مسلحة، ولا نستبعد تعرض اللاعبين لمحاولات اختطاف!". جماعات مسلحة من أين؟ من مصر.. عن أي بلد نتحدث؟ أبلغنا هذه الدرجة حقاً؟ أم هي واحدة من مناورات الساسة؟ أيمكن أن يتحرك مصري ليخطف أبوتريكة أو وائل جمعة أو محمد صلاح؟ وكيف سيكون تأثير مثل هذه الأنباء على اللاعبين وحالهم المعنوية وتركيزهم الذهني؟ لاعبو المنتخب المصري لديهم من دوافع الفوز اليوم في أكرا أكثر بكثير مما كانت لديهم في أم درمان عندما واجهوا الجزائر في اللقاء الفاصل بالتصفيات المونديالية السابقة وخاضوه بثقة مفرطة في الفوز والتأهل، وما زالت كلمات أحد مشاهير الأعلام المصري وهو يقول ليلة مباراة أم درمان ترن في أذني:"ساعات تفصلنا عن التأهل إلى المونديال.. إنها مسألة وقت حتى تصل مصر إلى جنوب أفريقيا.. تلك حقيقة مؤكدة!". هكذا خاض المصريون لقاء أم درمان بغرور وتعالٍ.. على عكس حالهم في لقاء اليوم، فاللاعبون يدركون هذه المرة قبل إعلامهم أن المعايير الفنية والاستعداد البدني يصبان لمصلحة غانا.. لكنهم يدركون أيضاً حجم معاناة الناس في شوارع بلادهم، وكيف سيكون الفوز لو تحقق اليوم على غانا بسمة على شفاه حزينة، وصوت فرحة تحمله حناجر أعيتها هتافات الشوارع والمظاهرات! هذا التحدي هو ما يجعلني متفائلاً اليوم ب90 دقيقة سيحصل فيها المصريون على هدنة مع همومهم ومشكلاتهم.. ليحتفلوا بعيدٍ يستطيع منتخبهم أن يجعله عيدين. الجزائر خسرت أمام بوركينا فاسو ولم تكن تستحق الخسارة. وتونس تعادلت مع الكاميرون وكانت تستحق الفوز. فلا بأس إن فازت مصر اليوم على غانا حتى وإن كانت لا تستحق الفوز. معادلة عربية تصاعدية في التصفيات الأفريقية تمنحني سبباً إضافياً للتفاؤل. مع كل الأمنيات الطيبة للمنتخبات العربية الثلاثة ومعهم ممثلنا الرابع على الجبهة الآسيوية منتخب"نشامى الأردن"ببلوغ النهائيات. إليهم جميعاً وأنتم قبلهم أبعث بتهنئتي: كل عام وأنتم بخير.. وعيد سعيد. [email protected]