سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الراعي اعتبرها دعوة الى السلام "في شرق تسوده لغة الحديد والنار" ... والسنيورة وجد فيها "وقفة معنا في مواجهة الاعاصير" . لبنان يتفرغ اليوم لزيارة البابا "التاريخية"
يصل في الثانية الا ربعاً بعد ظهر اليوم، البابا بنديكتوس السادس عشر الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، في زيارة وصفت ب"التاريخية"للبنان تستمر ثلاثة ايام حافلة باللقاءات الرسمية والروحية والشبابية والشعبية. ويستهلها بتوقيع الارشاد الرسولي الموجه الى كل كنائس الشرق الاوسط، في ظل الاوضاع التي تشهدها المنطقة،"دعماً للحضور المسيحي والشهادة المسيحية في هذا الشرق". وانهمك لبنان الرسمي والديني والشعبي في وضع اللمسات الاخيرة لمراسم استقبال البابا. فتراجعت كل القضايا السياسية لمصلحة كلام الترحيب بضيف لبنان الكبير ومباركته هذا البلد، في وقت اختلطت الاعلام اللبنانية مع اعلام دولة الفاتيكان على الطرق التي سيسلكها موكب البابا والساحات، ورفعت صور للبابا من أحجام كبيرة ولافتات الترحيب في مختلف المناطق وبينها ضاحية بيروت الجنوبية. الراعي وعشية الزيارة، اكد البطريرك الماروني بشاره الراعي في لقاء مع الاعلاميين في بكركي"ان المسيحيين سيظلون في هذا الشرق وعملهم لا يرتبط بعددهم"، مشيراً الى"ان الزيارة دعوة إلى اللبنانيين لكي يحافظوا على وطنهم، ودعوة لشعوب الشرق الأوسط الى السير في خط الديموقراطية والعيش معاً على قاعدة التنوع في الوحدة"، وقال الراعي:"يأتي البابا إلى لبنان زائراً رسولياً لجميع بلدان الشرق الأوسط التي تمثلت في جمعية سينودس الأساقفة الخاصة بمسيحيي هذه البلدان، عندما عقدت في روما 2010. واختار شعاراً لزيارته:"سلامي أعطيكم"، محدداً الغاية من الزيارة: السلام في الشرق الاوسط". ولفت الى ان البابا اختار لبنان،"لأنه أرض لقاء وسلام، لا أرض تنافر وعنف وحرب، بفضل العيش المشترك المنظم دستورياً، بين المسيحيين والمسلمين، على أساس الميثاق الوطني 1943. دولة ذات نظام متوسط بين النظام الديني التيوقراطي المعتمد في بلدان الشرق الاوسط، والنظام العلماني الفاصل بين الدولة والله المعتمد في بلدان الغرب، دولة توافق مسيحيوها ومسلموها على عدم تبعيتها إلى أي بلد في الشرق أو في الغرب، وبالتالي دولة حيادية تلتزم قضايا السلام والعدالة وحقوق الشعوب، من دون انخراط في أحلاف ومحاور إقليمية ودولية". واعتبر ان زيارته"دعوة إلى اللبنانيين كي يحافظوا على وطنهم الذي قال عنه سلفه الكبير الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني أنه أكثر من بلد، بل هو رسالة ونموذج للشرق وللغرب ودعوة إلى شعوب الشرق الأوسط للسير في خط الديموقراطية والعيش معاً على قاعدة التنوع في الوحدة". وقال ان زيارته"دعوة إلى السلام في شرقنا الذي تسود فيه حالياً لغة الحديد والنار، ولغة العنف والحرب، السلام في الأرض المقدسة بحل النزاع الإسرائيلي ? الفلسطيني، والإسرائيلي- العربي، السلام في البلدان العربية بالتعاون بين شعوبها وحكامها في إجراء ما تحتاج إليه من إصلاحات سياسية وإقتصادية وإجتماعية، بالحوار والتفاهم، ونبذ وسائل العنف والحرب، لكي تسير في خط الحداثة والعولمة والحريات العامة وحقوق الإنسان، السلام في الشرق الأوسط بمساعدة الإسلام واليهودية على خطو خطوة المسيحية، بفصل الدين عن الدولة، لكي تتأمن الديموقراطية وقيمها الأخلاقية، وقبول الآخر المختلف، واعتماد قاعدة التنوع في الوحدة. لا يمكن التكلم عن إحلال الديموقراطية في أنظمة دينية تيوقراطية، ولا يمكن أن يتحقق السلام الإجتماعي والسياسي في مثل هذه الأنظمة، لكونها لا تسمح بالحريات العامة، ولا تعتمد شرعة حقوق الإنسان". وأكد أن"الحضور المسيحي في بلدان الشرق الأوسط يعطيها هوية ومعنى، ويؤدي فيها رسالة الجسر الحضاري بين الشرق والغرب. وثمة قول مأثور:"الحارة من دون نصارى خسارة"، زيارة البابا دعوة إلى هؤلاء المسيحيين المشرقيين لترسيخ وجودهم التاريخي في لبنان والشرق الأوسط، وللتفاعل الحضاري مع محيطهم، وللعمل يإيمان وقوة على حفظ هذا الوجود ودوره ورسالته. فلا حضور من دون رسالة". وشدد على أن"تلاقي المسيحية والإسلام كفيل بإيجاد الحلول لأزمات هذا الشرق. ولا بد لذوي الإرادات الطيبة مسؤولين محليين وإقليميين ودوليين، من أن يلقوا السلاح جانباً، ويوقفوا دوارة العنف والتفجير والحرب، ويجلسوا إلى طاولة الحوار المخلص المتجرد والمسؤول، جاعلين منه مائدة الحقيقة والعدالة والمحبة والسلام". السنيورة وكان الراعي استقبل في بكركي رئيس كتلة"المستقبل"الرئيس فؤاد السنيورة على رأس وفد نيابي، نقل اليه مشاركة"تيار المستقبل"وانصاره في استقبال البابا"المرحب به اشد الترحيب". وقال السنيورة بعد اللقاء:"ان زيارة البابا تأتي في توقيت مناسب جداً لأننا وسط هذا الكم الكبير من المتغيرات الجارية بكل الاتجاهات ولا سيما مع حلول حركات الربيع العربي، وأيضا وسط التداعيات والخراب الذي يتسبب به عناد بعضهم وانكارهم لضرورات التلاؤم مع التغيير والاستماع إلى صوت الشعوب، لا شك أننا في لبنان بحاجة الى من يقف معنا في مواجهة الاعاصير التي تهب من حولنا، فنحن بلد تتعرض سيادته وحدوده وأرواح مواطنيه للانتهاك يوميا من العدو الاسرائيلي، ومنذ عقود، والآن وفي الفترة الاخيرة ويا للأسف من النظام السوري، من هنا فإن هذه الزيارة الكريمة يستفيد منها لبنان بمسلميه ومسيحييه، لأنها تعود لتؤكد ما كان قد قاله البابا يوحنا بولس الثاني من ان لبنان رسالة سامية في هذا الشرق يجب الحفاظ عليها وأن صيغة العيش المشترك فيه ليست بمسألة بسيطة او صيغة عابرة، وان المسيحيين في لبنان والشرق هم مكون أساسي ومتجذر في عمق تاريخ لبنان والمنطقة". وأكد"أننا متفقون مع البطريرك الراعي على أن لبنان النموذج للعيش المشترك القائم على الحرية والديموقراطية، والملتزم مبدأ تداول السلطة، يكون الاحتكام فيه الى المؤسسات الشرعية الامنية والسياسية صاحبة السيادة الكاملة على أرض لبنان، سيادة كاملة لا ينافسها فيه أحد، استناداً الى القانون، وعلى أن تكون المنافسة الديموقراطية بين الجميع استناداً إلى الوسائل التي يتيحها النظام الديموقراطي وبالطرق السلمية وعلى أساس أن يتم التغيير عبر صندوقة الاقتراع، أي بما يلبي رغبة الناخبين". مواقف ترحيب وتوالت امس، مواقف الترحيب بالزيارة، ودعا رئيس حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع"جميع المحازبين والمناصرين وكل اللبنانيين بمختلف طوائفهم الى ملاقاة البابا والمشاركة في كل الاحتفالات الشعبية المدرجة ضمن برنامج الزيارة نظراً الى ما يحمله شخص البابا من قيم أخلاقية ورسالة سلام ومحبة للانسانية جمعاء". واعتبر ان"زيارة البابا لبنان في ظل ما تمر به المنطقة بركة لبلدنا ورسالة تطمين لمسيحيي الشرق الأوسط، وإصراره على القيام برحلته الراعوية على رغم كل الظروف الأمنية هو تأكيد منه لرسالة المحبة والسلام ونشر ثقافة الحوار المجتمعي، ليس فقط بين اللبنانيين بل أيضا بين شعوب المنطقة ورفض لأساليب العنف والاضطهاد لأي عقيدة من العقائد السماوية، وحرص الحاضرة الفاتيكانية على التواجد المسيحي الفاعل والمتفاعل مع محيطه الاسلامي والعربي فى المشرق". ورحب رئيس الهيئات الإقتصادية عدنان القصار بزيارة البابا"التاريخية والاستثنائية لكونها تأتي في ظل ظروف حساسة ودقيقة، يمر فيها لبنان والمنطقة العربية"، لافتا إلى أن"هذه الزيارة تكرس لبنان وطناً للرسالة في هذا الشرق، وهي فرصة تاريخية على اللبنانيين الافادة منها لتعميق الوحدة وتعزيز روح المحبة والشركة والسلام في ما بينهم". ورأى النائب تمام سلام ان الزيارة"تأتي في مرحلة نحن أحوج ما نكون فيها الى رعاية ومباركة مرجعية دينية عالمية بما لها من تأثير ووقع على مجريات التطورات التي تشهدها المنطقة وتشهدها المجتمعات التي تشكل النسيج الاجتماعي وبخاصة الاسلامي - المسيحي".