«الإحصاء»: التضخم ينخفض إلى 1.9 %    «الداخلية»: تخطيط إعلامي استباقي لتلبية حاجات الحجاج ومواجهة أي أحداث طارئة    مدير الأمن العام: نعمل على سيناريوهات مخاطر متوقعة مع تحديات الحج    رصد مخالف حاز قطعة أثرية وعرضها في مواقع التواصل    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس الجمهورية الفرنسية    وصول الطائرة الإغاثية ال 11 إلى دمشق    الموافقة المسبقة من الجهات الحكومية.. شرط للتعاقد من الباطن    وزير الطاقة: نتطلع لتوطين سلسلة توريد «المعادن».. وطموحنا يتجاوز المحتوى المحلي    «المتصدر والوصيف» يواجهان الفتح والرائد    "المتاحف" تحتضن معرض العبقري "هوكوساي" للفن المعاصر    اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.. والإفراج عن الرهائن على مراحل    ثلاثة قتلى في سورية بضربة إسرائيلية استهدفت قوات السلطة الجديدة    رابطة العالم الإسلامي ترحّب باتفاق وقف إطلاق النار في غزّة    ارفع رأسك فوق.. أنت سعودي    سعود بن بندر يطلع على جهود الأمر بالمعروف بالشرقية    العدالة والعربي في قمة ملتهبة.. الزلفي يلاقي نيوم    حسين العليان: ضحى بمستقبله الكروي إخلاصاً للهلال    كنو يدرس عرض الهلال والبليهي يوافق    جسم بشري بعقل إلكتروني!    تشديد العقوبات الأميركية يحد إمدادات النفط الروسية للصين والهند    تنفيذ فرضية «الاعتداء على الممارس الصحي»    تسخير التقنية والذكاء الاصطناعي في أعمال الدفاع المدني    الغامدي يصدر قراره بتمديد تكليف العتيبي مديراً لإدارة الخدمات المشتركة    كانيهارا ل«الرياض»: المملكة ركيزة أساسية للاستقرار ومحرك للتنمية في الشرق الأوسط    إستراتيجية لتعزيز السياحة البيئية بمحمية الملك عبدالعزيز    الدارة جسر حضاري    «إثراء» يطلق أضخم ماراثون للقراءة بمشاركة 19 مكتبة عربية    فليم فلام    المعتدي على الآخرين    ندوة (الإرجاف وسبل مواجهته)، في نسختها الثالثة    إنجاز طبي سعودي.. تطوير دعامة لفقرات الرقبة    قافلة تجمع الرياض الطبية تنطلق السبت إلى الخرج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يجري استبدال مفصل ركبة بتقنية الروبوت الجراحي    الفنان عبدالله رشاد يحتفل بزفاف أسرار وإياد    تدشين جمعية التنمية الزراعية بالمدينة المنورة    «البلاد» ترصد أسرع 20 هدفًا في تاريخ الدوري السعودي    أنشيلوتي.. المدرب الذي كسر القاعدة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال11 لمساعدة الشعب السوري    الإعلامي إبراهيم موسى يحصل على دبلوم إدارة الأعمال    أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس أمناء «قبس»    دوائر الغبار    إتاحة خدمة الدفع Google Pay    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    محمية الملك عبدالعزيز تطلق إستراتيجية لتعزيز مكانتها البيئية والسياحية    مركز الملك سلمان يواصل إغاثته للشعب السوري    آل باعبدالله وآل باجميل يحتفلون بعقد قران عبدالرحمن    الشتاء.. نكهة خاصة    الذكاء الاصطناعي يتنبأ بمكونات الوجبة المثالية    ابتكاراً لضيوف الرحمن    إنطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين"    أيام قبل وصول ترمب!    كشف الحساب السعودي من أجل فلسطين... والحقيقة    صلاح للأهلي    وللشامتين الحجر!    السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتثمن الجهود المبذولة من قطر ومصر وأمريكا    هدنة مشروطة تحت الاختبار في غزة    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فنون اليابان تبهرج شمال فرنسا
نشر في الحياة يوم 17 - 07 - 2012

بدأت مطلع هذا العام تظاهرة حوارية كبرى للفن التشكيلي، تلقي الضوء على مقارنات بين الفن الياباني والفن الفرنسي وبالتحديد في مقاطعة بروتان الفرنسية الشمالية، وذلك بالعودة إلى بلوغ هذا التأثير ذروته في الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
تتمثل هذه التظاهرة من خلال 12 معرضاً متبادلاً بين الطرفين يحتل أبرز المتاحف في هذه المنطقة، بعضها سيُختتم في بداية الشهر الراهن، وبعضها يستمر حتى نهاية العام، وبعضها سيغور في مساحة العام المقبل. بعض منها يعرض الثروة الفنية الهائلة التي تحتكرها هذه المتاحف منذ ذلك التاريخ، من محفورات خشبية إستامب ملون وحرائر واكسسوارات وأزياء تقليدية ونفائس سيراميك وفايانس، المختصة بأواني طقوس الشاي ثم الموبيليا المغطاة ب"اللاك"، يبدو فيها جميعاً تأثير واستلهام صور الفروسية الساموراي وكذلك تأثير شخصيات المسرح الملحمي الياباني ورسوم خيال الظل، وهكذا من العمارة حتى الإعلان.
وإذا اقتصر التأثير الفرنسي على محاولة الفنان الياباني تحديث وعصرنة صوره التقليدية والاهتمام بالتجريد الغنائي الفرنسي، فإن تأثير تقاليده الذوقية في محترفات"منطقة البروتان"يبدو متفوقاً. وذلك منذ بداية توريد محفورات الاستامب الياباني، وتحولها مع السيراميك إلى تجارة أساسية ذوقية مع أوروبا.
إذا عدنا إلى هذا القرن الخصب وجدنا عمق تأثير الفن الياباني في الأوروبي شاملاً ما عرف نقدياً بالجابونيزم وهو يعكس دهشة مزدوجة. بعد قطيعة ثلاثة قرون منذ القرن السادس عشر وبالذات الفترة التي حاولت فيها البرتغال احتلال اليابان استعمارياً، مما خلّف ردود فعل انطوائية تتضمن الفخر القومي الثقافي الياباني، بعكس الانفتاح النهضوي الذي ابتدأت سفنه خجولة في منتصف القرن، تحمل البضائع الفنية التقليدية وتستقبل مواصفات الحداثة والمعاصرة في اللوحة الغربية. وصل هذا التأثير ذروته مع"المعرض العالمي"العام في باريس عام 1978. انتشرت إثرها الموتيفات وتقنيات فنون النار والحفر، على الأخص رسوم الأسماك والبحريات والمشاهد المائية العالم العائم، وبعض الطيور مثل البط، وكذلك سيطرة استامب"مدرسة أوساكا"المنافسة للعاصمة الإمبراطورية"كيوتو"، وذلك خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
"مقاطعة البروتان"بمحترفاتها الفنية الحداثية الطليعية الرائدة على غرار بون آفين ورين وكيمبر أصبحت في بداية القرن التاسع عشر قبلة الفنّانين وعاصمتهم الأوروبية، أما عمق تأثرها بالفن الياباني فيعكس سلطة هذا الشيوع سواء في بقية فرنسا أم خارجها، وذلك من طريق فنانين معروفين، نموذجهم الأول بول غوغان ومدرسته التي تدعى باسم مدينة البروتان:"جماعة بون آفين"، معانقة إلى جانبه بول سوريزييه وإميل برنار. اعترفت هذه المجموعة بالحمل الياباني الفني في كتاباتها النقدية عام 1903، وبان أن حداثتهم تقوم على مبدأ"التوليف الكوزموبوليتاني"المعتمد على اللهجة العالمية في تبسيط الأشكال والخطوط، بخاصة التحديد بالخط الأسود، مستقطبين تراث بعض معلمي البروتان الذين سبقوهم بعضهم سافر إلى اليابان، وأبرزهم هنري ريفيير. ابتدأت منذ حينه تأثيرات تقنية حفر الخشب الملون المعقدة لكل لون محفورة قد يصل عددها إلى 15. وهي التقنيات التي تعتمد على الاختيارات الرهيفة للألوان المسطحة بلا ظل ونور ولا بؤرة محددة للضوء.
أثبتت معارض الفنان بيير بونار الاستعادية هذا العام أن تشكلّه الفني تمّ في بروتان، وخلال فترة اجتياح التأثير الياباني، فقد انتبه إلى العلاقة الفراغية بين الأشكال المقصوصة، وتواترها الذي يجوّف الفراغ وبخاصة العلاقة الملحمية الملغزة بين أنواع هذه السطوح وأنسجتها المختلفة. كذلك كان حال زميله فويار وبقية"مجموعة الأنبياء"الفنية. بعض من المعارض الراهنة اختص بتعقّب هذا التأثير في الفن الفرنسي خلال فترة الانطباعية مثل مونيه وديغا: يشيّد الأول جسراً يابانياً في حديقة محترفه في جفرني ويزرع الثاني مثل عدد من فناني هذه الفترة صوراً للاستامب الياباني في الأرضية.
لعل أشهر هذه اللوحات، بورتريه إميل زولا الذي صوره إدوار مانيه معلقاً على الجدار محفورة يابانية. قد يكون أبرز نقاط أصالة"الشمولية"في تيارات الحداثة الفرنسية الرائدة في بداية القرن العشرين هو تراكم الارتباط"الفني بالجغرافي"، استعرضت سابقاً علاقة بعض التيارات بأسماء الغابات مثل باربيزون وفونتينبلو، وما"الانطباعية"، وهي ابرزها، إلا العودة إلى حضن الطبيعة وعناصرها النباتية والصخرية والمائية والهوائية وسيطرة عالم المياه بسبب تفوق قزحيته الضوئية على بقية العناصر في الهواء الطلق حتى أن مونيه اتخذ مركباً مائياً محترفاً له قبل سينياك، والتقسيم الذوقي الحداثي الأساسي يقع بين مقاطعة البروتان الشمالية المطلة بشواطئها على المحيط الأطلسي والجنوب المتوسطي اللاهب الشمس، هنا اذاً تقع شمولية تيارات هذين الطرفين بين الفن الياباني والفن الإسلامي السجاد ورسوم المخطوطات ومدارسها بين بغداد وتبريز وهيرات، وبين القاهرة ودمشق وغرناطة.
والتقارب الفني الياباني - الفرنسي مرجعه التقاء فلسفة الطرفين حول الاستلهام من حركية العناصر الطبيعية ونورها المائي أو البحري، برمزها محفورة الموجة الشهيرة لهوكوساي. يشير المعرض بطريقة مقارنة إلى مراجعة تصوير سيزان لجبل سان فكتوار في صورة جبل هوكوساي، وإلى الأشكال الحلزونية لفان غوغ إلى تدريبات هيروشيج عن رسوم تحولات الموجة. هو ما يشير أيضاً إلى أن جزءاً كبيراً من المعروضات يمثل تراث مجموعات هؤلاء الفنانين، ترك فان غوغ مثلاً ما يقرب من 500 لوحة محفورة استامب، ويحفظ متحف جفرني مئتي"استامب"لمونيه وكذلك لرودان ورفيير.
تجتمع معارض تظاهرة:"بروتون - اليابان وأرخبيل من المعارض"حول موضوع البحر والموجة والشواطئ والمراكب والصيادين والسفر. بمعنى أن موضوع البحر يمثل واسطة عبور ويشير الى تبادل فني. تثبت هذه المعارض أن منطقة البروتان كانت بين عام 1880 و1930 منطقة جذب فني لمحترفات الحفر، من أشهر فنانيها الذين كرسوا تقنية الحفر الملون على الخشب الياباني هو هنري ريفيير 1864 - 1951، وهكذا تطورت تقاليد الطباعة بما فيها الطباعة الحجرية الليتوغراف. من أبرز المتاحف المشاركة"متحف بون آفين"الذي يعرض مجموعة هذه الجماعة ونقاط تأثرها بالحفر الياباني، ثم"متحف الفنون الجميلة في برست"، و"المتحف المركزي في رين"، و"متحف كيمبر"، أما عنوان معرض برست فهو"الفن الياباني في المجموعات المتحفية الفرنسية"، أما معرض متحف رين فعنوانه:"بصمات رحلة فنية إلى اليابان"وهو ما يفسّر كثافة السياحة الفنية إلى هذه المدن خلال الموسم الحالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.