لم يسفر اجتماع الخبراء في اسطنبول عن نتائج واضحة، ولم تذلل جولات المفاوضات الثلاث بين مجموعة 5 +1 وطهران في اسطنبول وبغداد وموسكو المشكلات بين الجانبين. ويبدو أن المجموعة السداسية الغربية ليست راغبة في التوصل إلى اتفاق مع إيران التي ترى أن الغرب يبدد الوقت الضائع. وتشير التطورات إلى أن الدول الغربية ترمي من تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران إلى ترويضها، في وقت تواجه هذه الدول مشكلات تقيد يدها في اتخاذ خطوات تصعيدية ضد إيران. فالدول الأوروبية، ومنها إيطاليا واليونان وإسبانيا، تعاني مشكلات اقتصادية ومالية، ولا يسعها الترحيب بخطوة تصعيدية. الولاياتالمتحدة مشغولة بالانتخابات الرئاسية، لذا، تلتزم الحذر في الملف الإيراني. فالرئيس أوباما يتجنب تأثير أي عامل خارجي سلباً في الانتخابات الأميركية. وتؤدي أي خطوة تصعيدية إزاء إيران إلى ارتفاع أسعار النفط. لذا، لا تريد الدول الغربية الاشتباك مع طهران، ولا تتجاوز المادة 41 من ميثاق الأممالمتحدة في التعامل معها. وهي تدعو الأسرة الدولية إلى قطع علاقاتها الاقتصادية بإيران والتزام الحظر على نفطها. والدول الغربية لا تريد للمفاوضات أن تكون لمصلحة الجانبين، بل أن تكون لمصلحتها وفرض شروطها على الجانب الإيراني. ولا يحافظ الغرب على ماء وجه الطرف الآخر في المفاوضات، ويطالبه بالاستسلام من دون قيد أو شرط. ويطالب الغرب طهران بتعليق نشاطات التخصيب المرتفعة، ونقل اليورانيوم المخصب 20 في المئة إلى خارج إيران، وغلق موقع فردو. وإيران قالت انها مستعدة لتنفيذ هذه الخطوات لقاء إلغاء كل العقوبات. ولكن الدول الغربية تتهرب من قبول ذلك، مكتفية بالالتزام ببعض الخطوات على غرار قطع غيار للطائرات الإيرانية المدنية والمساعدة الفنية في البرنامج الإيراني. وتزعم طهران أن العقوبات الاقتصادية لم تؤثر في الوضع الداخلي الإيراني. لكن الواقع، وبعيداً من الشعارات، يظهر أن العقوبات خلفت أثراً بالغاً في الاقتصاد الإيراني في الأشهر الماضية. فالاقتصاد لا يزال يعتمد على إيرادات النفط التي انخفضت في الأشهر الماضية، وآثار هذه المقاطعة بارزة: ارتفاع نسبة التضخم، وإفلاس المعامل وورش العمل الإنتاجية، وزيادة نسبة البطالة. فالعقوبات أصابت اقتصاد الأسر الإيرانية في الصميم. وعليه، فالتوصل مع الغرب إلى حل هو ضرورة ملحة في مثل هذه الظروف. وحري بالجانبين إعادة قراءة المواقف، والتزام الاقتراح الروسي حل الخطوة خطوة. ويسع طهران قبول المطالب الثلاثة لمجموعة خمسة زائد واحد مقابل رفع الحظر النفطي وإلغاء العقوبات على البنك المركزي الإيراني. ثمة شريحة كبيرة في إيران تطالب بوقف المفاوضات مع الجانب الغربي. في المقابل، ثمة شرائح أخرى في الحكومة تدعو إلى التوصل مع الجانب الغربي إلى نتائج إيجابية تساهم في حل المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون. ولا يخفى على أحد رغبة الحكومة في اتفاق مع الغرب يحفظ ماء الوجه ولا يحشرها في زاوية الاتهام. * أستاذ جامعي، عن"ديبلوماسي إيراني"الإيرانية، 8/7/2012 إعداد محمد صالح صدقيان