ديفيد ترويبا روائي وسينمائي إسباني، من أصدقاء غوارديولا العارفين بخباياه. نشر منذ عامين رواية بعنوان"أن تعرف كيف تخسر"، مستوحاة من عالم"الليغا"الإسبانية، استوحى وقائعها من سيرة مدرب برشلونة بيب غوارديولا، أو هكذا قرأها النقاد الجمهور.. ملخصها قصة لاعب كرة أرجنتيني من ذهب يتلقفه فريق من مدريد، ويتبناه مدرب ينظر إلى الكرة بفلسفة تتأسس على أن"المهاجم محكوم بضرورة ابتكار فضاءات، ويعمل على الانتشار فيها"، قد يكون المعني بذلك ميسي، على رغم أنّ ترويبا اختار فريقاً من مدريد، وليس من كاتالونيا. تعود علاقة ترويبا بغوارديولا إلى 17 سنة عندما حضر فتى برشلونة الذهبي ندوة أدبية حول الشاعر الإسباني الكاتالوني ميغويل مارتي بول، إذ قرئت بعض قصائده، إذ لم يكن من عادة أهل الجلد المنفوخ حضور فعاليات أدبية، ولكن غوارديولا من طينة إبداع، مما دفع ترويبا إلى الاقتراب منه، والتعرف عليه أكثر ليتلقى دعوة من بيب لحضور مباراة في برشلونة، وهكذا بدأت علاقة الكاتب باللاعب الذي صار يهتم بالأدب والسينما والسياسة قدر اهتمامه بالكرة. وتلك ظاهرة مختلفة عما عرف عن اللاعبين الذين يعيشون ما يشبه العزلة، وأقصى ما يهتمون به هو المال والنساء والسهرات الصاخبة. فغوارديولا، على رغم موقعه على رأس النادي الأكثر تأثيراً في العالم، يقتطع بعض الوقت ليشاهد مسرحية أو فيلماً أو ندوة أدبية، وكثيراًَ ما يشاهده الجمهور في أعرق المكتبات الإسبانية لاقتناء جديد دور النشر، ولا يشبهه في هذا سوى الحارس التاريخي لإسبانيا زوبيزاريتا ذي الميول الفنية. ويطلق ترويبا على غوارديولا لقب"مثقف اللعبة"، وتتجلى قدرته في أنّ لغته تتسم بالجمالية والإبداع، كونه يقرأ ويكتب كثيراً، وهو ما يفضي على منهجيته مسحة من الرؤية الفنية والتقنية. ويظهر أيضاً ذوقه من خلال هندامه المميّز، إذ فضلاً عن انتقائه للألوان والتفصيلات، تسعى زوجته كريستينا، صاحبة محل للألبسة النسائية، إلى جعله أكثر أناقة، وربّما أخطأت هذه الزوجة في ذلك، كون بيب صار طريد النساء، ويضاف إلى ذلك أن والديه يملكان محالاً للألبسة في قلب برشلونة، وبالتالي فلا يعقل أن يبيت الطباخ على بطن خاوية، وأكثر من هذا فإنّ تاريخ بيب يشير إلى أنّه في سن ال18 كان أحد أبرز وجوه الموضة لتشكيلات ملابس أنطونيو ميرو. وأمّا الميزات الأخرى لغوارديولا، فيحصرها ترويبا في أنه لا يقبل نقداً غير مؤسس، ويدافع عن وجهة نظره بأفضل ما يكون، لهذا فهو يعمل كثيراً ليصل إلى هدفه، ويعرف بأن من يتعب كثيراً عليه أن يرتاح، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار مغادرة برشلونة إلى وجهة هو أعلم بها، قد تكون بيته إلى حين. لقد أوقفت العديد من الفضائيات العالمية برامجها لتبث على المباشر إعلان مغادرة غوارديولا العارضة الفنية لقريق الأحلام الكاتالوني، وكأنّ الأمر يتعلّق بانقلاب عسكري أو تسونامي، فاستمع جمهور القارات الست إلى رجل هادئ ومتأثر جدّاً وهو يعلن طلاقاً بالتراضي مع حسناء يقاسمه حبها الملايين في العالم اسمها برشلونة. قال بيب:"إن عمل المدرب يتطلب طاقة كبيرة، وأنا أشعر بأنني استنفذت، وأنني بحاجة إلى قدر من الراحة. لقد أفرغت تماماً. وهذا قرار بدأ ينضج منذ أكتوبر الماضي، واحتفظت به لنفسي، حتى لا يؤثر على اللاعبين. إنني أتأسف بعمق حول ما يدور بشأن مستقبلي. قد يكون هذا خطأ، فأنا وقعت لعامين، لكنهما امتدا إلى عامين آخرين، وهو كثير بالنسبة لمدرب، إذ تكفيه فترة أقل". لقد شعر بيب بالملل فاختار أن يرتاح بعد أن حصد من الألقاب ما يجعله يستحق لقب شاعر الكرة بامتياز. [email protected]