يضحي الشعب الفلسطيني دائماً بالغالي والنفيس من أجل الحفاظ على وحدته الوطنية التي تعتبر درعه الواقي للدفاع عن حقه العادل والمشروع في قضيته الفلسطينية. ولا يستطيع أحد منا أن ينكر إننا حققنا إنجازات كبيرة بفضل هذه الوحدة التي كانت تضم كل ألوان الطيف الفلسطيني، والتي انصهرت في بوتقة واحدة وهى منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والتي عبرت عن وحدة البنادق والعمل السياسي. وبفضل هذه الوحدة استطعنا تحقيق نتائج إيجابية كما حدث أخيراً في معركة الأسرى. وبغض النظر عما يشهده الوطن اليوم من انقسام مخز دام أكثر من ستة أعوام منذ الانقلاب المؤسف وما تبعه من تقلبات ومماحكات سياسية ومشاكل اجتماعية واقتصادية كانت قريبة من الانفجار فإن هذه الوحدة ظلت طريقنا الوحيد لتحقيق هدفنا في الدولة المستقلة، خصوصاً إذا ضاقت بنا السبل وانقسم الوطن حيث لا حل لنا من هذا الانقسام وما أدى إليه من وضع خطير ينذر بنهاية كارثية إلا بإنهائه وإعادة اللحمة إلى شطري الوطن والتمسك بالوحدة الوطنية كمقياس أساسي لهذا الوطن لأنها ستحمي القرار الوطني المستقل الذي من خلاله نستطيع التحكم بكل مرحلة من مراحل نضال شعبنا حتى نحقق دولتنا المستقلة، فغياب القرار الوطني المستقل يعني عدم تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني، لذلك لا بد من إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة لأبناء هذا الشعب على أن تكون هذه المهمة على رأس أولويات القيادة، وعلى الأطراف المتنازعة المساهمة الجادة في ذلك والإدراك بأن التنازل والمصالحة سيكونان لمصلحتهم ولمصلحة القضية والشعب والوطن. في ذكرى النكبة إل64 يجب إنهاء هذه المأساة وتحقيق الوحدة الوطنية، لأننا لن نحيد عنها مهما حدث حتى تتحقق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني، لذلك ندعو بكل صراحة ووضوح كل الأحزاب والحركات إلى الالتزام الجاد بالوحدة، وإنهاء الانقسام بالهدوء والعقلانية، وتغليب المصلحة الوطنية لحماية أنفسنا ووطننا، وحتى نصل إلى ذلك علينا ألا نحمل أنفسنا ما لا قدرة لنا به، أو نقبل بما لا يتماشى مع المشروع الوطني، أو أن نكون أداة في يد الغير لتحقيق مصالحه على حساب مصالح الشعب الفلسطيني والقضية الوطنية، وإلا يفرض علينا مزيد من العذاب خصوصاً من أبناء جلدتنا حين يتعثر المشروع السياسي نتيجة للمواقف السياسية الإسرائيلية المتعنتة، حيث تبدأ المزايدات، وتطفو المصالح التنظيمية التي تحاول أن تفرضها بعض الأحزاب والحركات وهي أبعد ما تكون عن المصلحة الوطنية ومصلحة الشعب والوطن. لذلك علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا وغيورين على وحدتنا، وأن نؤمن بأن الاعتراف بالخطأ بداية لتصحيح الطريق، وهذا يتطلب منا أن نعترف بأن ما حدث من انقلاب وما تبعه كان خطأ جسيماً أحدث شرخاً عميقاً في وحدتنا الوطنية ونسيجنا الاجتماعي، وأن الاستمرار في هذا الخطأ لا يمكن أن يغتفر لأنه سيلحق الضرر بوطننا ووحدتنا التي اكتسبنا أهميتها من نضالنا وانتمائنا، وتعلمنا من أجلها القوة والصبر والجلد ومواجهة شدائد الزمن وتقلباته، لذلك يجب ألا نتهرب من استحقاقاتنا الواجبة علينا والبدء في المصالحة لإعادة الوحدة إلى شطري الوطن، حتى لا نشعر وكأننا نعيش في وطن يعرض في مزاد للبيع لمن يدفع أكثر، ويجب عدم افتعال الأزمات من قبل بعض الفصائل لأسباب حزبية وشخصية رخيصة لا نشك في أنها ستحاسب عليها. أن الظروف السياسية الصعبة التي نمر بها الآن تعتبر فرصة لأن نوجه دعوتنا إلى مقامري السياسة في هذا الوطن ليراجعوا حساباتهم، حتى لا تضيع وحدتنا ويتشرذم شعبنا أكثر مما هو فيه، ونقول لهم: أنكم على مدار الفترة السابقة كنتم تذبحون هذا الوطن وأبناءه بحد سيوفكم، وأن الشعب الفلسطيني منحكم أكثر من فرصة، وتحمل الكثير، فكفى، وليفتح هؤلاء التجار المقامرون أعينهم قبل أن يجرفهم غضب شعب تلاعبوا به وأذاقوه من سياساتهم البهلوانية الجوع والعذاب والإذلال، وعليهم أن يتداركوا أنفسهم ويفيقوا قبل أن ينتفض هذا المارد الفلسطيني، فلا يجدون مكاناً يختبئون فيه. عزام الحملاوي - بريد إلكتروني