عمت مظاهر الفرح والاحتفال كافة الاراضي الفلسطينية ابتهاجا بتوقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس الذي يؤمل ان ينهي فصلا مظلما من التناقض والانقسام استمر اربعة اعوام. وخرجت جموع حاشدة منذ ساعات الصباح الى الشوارع والميادين العامة في المدن الرئيسية رافعين الاعلام الفلسطينية ورايات حركتي فتح وحماس بانتظار هذه اللحظة التاريخية التي تعيد الى الشعب الفلسطيني وحدته، وتابعوا بتفاؤل وحذر مجريات الاحداث في القاهرة التي رعت واحتضنت حوار واتفاق المصالحة الفلسطينية. غير ان مشاعر من القلق خيمت على المحتشدين عقب الاعلان عن تأجيل التوقيع على اتفاق المصالحة لبعض الوقت ولأسباب "فنية". غير ان هذا القلق لم يدم طويلا وتحول الى حالة من الابتهاج والاحتفال عقب ما وصل من القاهرة من انباء عن بدء مراسم توقيع اتفاق المصالحة، حيث اعرب المواطنون الفلسطينيون عن املهم ان يكون الانقسام قد انتهى والى غير رجعة. واعتبر الناطق باسم الحراك الشبابي ان توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية بالقاهرة هو ثمرة التحركات الشعبية والشبابية التي رفعت شعار " انهاء الانقسام انهاء الاحتلال " وطالبت القيادات الفلسطينية بالاستجابة لتطلعاتهم باستعادة وحدة الشعب والوطن. وطالب الموقعون على اتفاق المصالحة بالتنفيذ الفوري والسريع له، للذهاب موحدين الى الاممالمتحدة في ايلول- سبتمبر لاعلان الدولة الفلسطينية، مؤكدا ان الشباب الفلسطيني هم الضمانة لتنفيذ هذا الاتفاق ولن يسمح لاي كان بافشاله. الى ذلك، قمعت قوات الاحتلال في القدسالمحتلة الاربعاء تجمعا شبابيا في باحة ومدرجات باب العامود كان يستعد للاحتفال بتوقيع اتفاق المصالحة. وكان عشرات الشبان احتشدوا بشكل عفوي من داخل وخارج البلدة القديمة في باحة باب العامود حاملين الأعلام الفلسطينية والمصرية، واثناء انتظارهم ما يحدث في القاهرة هاجمتهم قوة من جنود وعناصر شرطة الاحتلال المقنعين وحاولت انتزاع الأعلام منهم، واجبرتهم على مغادرة المكان مهددة باعتقالهم. الى ذلك، باركت الحركة الاسيرة في سجون الاحتلال الجهود المبذولة لإنجاز اتفاق المصالحة. ونقلت محامية مؤسسة مانديلا بثينة دقماق عن أسرى سجن رامون، قولهم :"إن أجواء من الفرحة والسعادة سادت الأسرى نتيجة إنجاز المصالحة، مناشدين الجميع رص الصفوف وتوحيد الطاقات ليحتفل كل شعبنا بطي صفحة الانقسام واستعادة وحدته". واعلن عميد الأسرى نائل البرغوثي تأييده لكل خطوة تحقق وتعزز التلاحم والوحدة، داعيا الى ابتداع أشكال نضالية تدعم حق الأسرى وهدفهم الأساسي في تحرير كافة الأسرى. من جانبه، اكد رئيس حكومة تصريف الاعمال سلام فياض ضرورة البدء في تنفيذ اتفاق المصالحة، بما يفضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تتحمل مسؤولياتها في إدارة شؤون البلاد دون تأخير". وقال فياض خلال حديثه الاذاعي الاسبوعي :"ان توحيد الوطن سيمكن من البدء في تنفيذ برنامج السلطة الوطنية لإعادة إعمار قطاع غزة، والبدء في تنفيذ المشاريع التنموية. واضاف: "هذا يتطلب رفع الحصار الإسرائيلي عن أهلنا في القطاع وفتح كافة المعابر، وتشغيل الممر الآمن لضمان تحقيق الوحدة الجغرافية بين شطري الوطن. واكد " إن إنهاء الانقسام واستعادة وحدة الوطن ومؤسساته يضعنا أمام لحظةٍ تاريخية للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده. فنحن إذ نمضي قدماً نحو إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، فإننا نعزز بذلك جاهزيتنا الوطنية لإقامة الدولة ونضع المجتمع الدولي حتماً أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والتاريخية والمتمثلة في تمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة". وقال: على ما يبدو فإن هذا الأمر لم يرق لقادة إسرائيل، فما صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير خارجيته وغيرهما من تهديداتٍ مباشرة ضد السلطة الوطنية، إنما يؤكد على الدوافع السياسية لوقف تحويل حكومة إسرائيل للايرادات الفلسطينية.. يجب على الحكومة الاسرائيلية أن تعلم بأنه لا يمكن لنا القبول أو التسليم بهذا الأمر، لأن وحدة الوطن لا يمكن أن ترهن إطلاقا بأي تهديد. فالوحدة تشكل أولوية وطنية عليا لا تقايض بأي ثمن، وهي شأن داخلي فلسطيني نقرر به نحن الفلسطينيين. وقال فياض: "لشعبنا أقول مجددا، لا تخافوا، لا تخافوا أبدا وأنتم تدافعون عن الحرية والقيم السامية، لا تخافوا وأنتم تدافعون عن وحدة الوطن. وستقوم سلطتكم الوطنية بالوفاء بكافة الاستحقاقات المالية المترتبة عليها، ولم يسجل على السلطة أبدا، وبالرغم مما واجهته من صعوباتٍ مالية، أنها استنكفت عن الوفاء بالتزاماتها. وتابع: "لن نحشر شعبنا في زاوية المفاضلة بين الجوع والركوع. فشعبنا لن يجوع ولن يركع، وسنتحمل مسؤولياتنا للوفاء باحتياجاته... لن نقايض وحدة الوطن بأي ثمنٍ مالي أو اقتصادي. فمشروعنا الوطني هو مشروع تحرري بامتياز، ووحدتنا هي أساس القدرة على تحقيقه. وحتماً سنعبر به نحو الحرية والكرامة والاستقلال الوطني". كما عمت أجواء من الفرحة شوارع قطاع غزة وجابتها مسيرات عفوية ابتهاجاً بمراسيم توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية . وتعانقت رايات حركتي فتح وحماس مع العلم الفلسطيني لأول مرة في قطاع غزة وسط مطالبات بترتيب البيت الفلسطيني وعدم فتح صفحة الماضي التي ألحقت الضرر بالشعب الفلسطيني بكافة أطيافه والبدء عملياً باصلاح الاوضاع في قطاع غزة بعد الحصار المدمر المفروض عليه. ووصف القيادي في حركة الجهاد الإسلامي والناطق باسمها داوود شهاب توقيع الفصائل الفلسطينية على اتفاق المصالحة الوطنية في القاهرة بالأمر الإيجابي. وقال شهاب في تصريحات صحفية إن "الاتفاق ايجابي لمصلحة الشعب"، مستدركا بأن "المسألة ليست بالأماني وما يحدد قدرته (الاتفاق) على الصمود تنفيذ ما يخدم أولويات وضرورات الشعب الفلسطيني". وأضاف: "ما تم هو خطوة أولى وبداية يمكن أن يبنى عليها الكثير بما يراعي مصالح الشعب ويحافظ على حقوقه وثوابته، والمطلوب أن تتوفر نوايا صادقة وحقيقية وان يتم ترجمتها لواقع عملي". وحول احتمالية وجود عقبات أو عثرات قد تعترض المضي في اتفاق المصالحة قال: "الاتفاق أمامه عقبات كثيرة يجب ان نتجاوزها ونتخطاها، الاعتقالات السياسية والتنسيق الامني مع الاحتلال". وأوضح: " إنهاء التنسيق الأمني والإفراج عن المعتقلين خطوات يجب أن نبادر إليها حتى تتعزز عوامل الثقة، وأقول بوضوح: لا يمكن أن نغمض أعيننا عما يجري من اعتقالات لإخواننا وأبنائنا على أيدي الأجهزة الأمنية، والجميع سيكون في موقف حرج لو استمر الأمر". وبخصوص المقاومة، قال شهاب: "أي اتفاق يجب أن يحافظ على الثوابت وعلى رأسها استمرار مشروع التحرر والتخلص من الاحتلال، والمقاومة وما يتعلق بها غير خاضعة للنقاش لأنها حق وواجب والزام". وأشار إلى أن تنفيذ الاتفاق يحتاج لفترة انتقالية "لأن هناك تراكمات جملة من الأخطاء، ونحتاج لوقت لاستعادة الثقة وتجاوز العقبات".