إنها المعادلة التجارية وميزان الربح والخسارة. توجّه تعتمده الشركات في كل مكان، وبرز أخيراً في سوق السيارات الأوروبية في ظل تفاقم أزمة اليورو والانكماش الاقتصادي. توجّه طبع عام 2012 عموماً وفرض على شركات السيارات إيلاء ديمومتها الأهمية القصوى، حتى في ظل تضحيتها بموظفين وعمال. لذا طرحت استراتيجيات ومعادلات لتقليص النفقات بعضها جراحي جذري. فلجأت مثلاً إلى تجميد رواتب لمدة سنتين، في مقابل زيادة الحوافز استناداً إلى الإنتاجية. لقد وجدت الشركات الأوروبية، خصوصاً الفرنسية، نفسها محاصرة ب"غزو"كوري متفاقم، ترجمه نجاح هيونداي وكيا اللتين وفرتا مغريات عدة في سوق غير مراقبة، منها ضمانة ما بعد البيع لمدة 7 سنوات، علماً أن المدة المسموح بها في بلد المنشأ هي 3 سنوات. وفي حين سجلت سوق السيارات الفرنسية تراجعاً بلغ 12.4 في المئة في الشهور الثمانية الأولى، ارتفعت فيها مبيعات هيونداي 24.6 في المئة وكيا 37.5 في المئة. وسُجلت على هامش معرض باريس الأخير مطالبة الحكومات المعنية من المفوضية الأوروبية رقابة على واردات السيارات من كوريا. وجاهر سرجيو ماركيوني الرئيس التنفيذي لتحالف فيات - كرايسلر واتحاد المصنعين الأوروبيين بأن اتفاق التبادل الحر مع كوريا"خطأ"، لا سيما أن هذا البلد الآسيوي صدّر إلى القارة العجوز 150 ألف سيارة عام 2011 زيادة عن 2010. في المقابل، يذكّر وكلاء الماركات الكورية وغيرها بضخ استثمارات بلغت بلايين اليورو باعتبار أن غالبية السيارات المبيعة مصنعة في أوروبا. فمثلاً أنشىء مصنع في سلوفاكيا بكلفة بليون يورو لإنتاج نحو 290 ألف سيارة سنوياً، ويؤمن 10 آلاف وظيفة. كما أن 40 في المئة من مبيعات كيا مصنعة في بلد المنشأ وبنسبة أقل لهيونداي. في فرنسا دافع الوكلاء ? المستثمرون عن موقفهم، مؤكدين أن حجم مبيعات الماركتين هو 2.58 في المئة فقط. في المقابل تصنّع رينو طرزاً في كوريا مثل"لاتيتود"و"كوليوس"، وذلك بعد شراء"سامسونغ موتورز". ويبدو أن الشراكة بين مصنعين كبار على غرار تحالف نيسان ? رينو هي المنقذ على المدى الطويل، وبحسب رئيس الشركتين كارلوس غصن الذي يدعو إلى مرونة السوق في التعاطي مع المستجدات، بعدما فاق تراجع المبيعات أوروبياً التوقعات من 3 إلى 8 في المئة، لا مؤشرات ظاهرة للتعافي عام 2013. التصدّي لهذا التراجع يفرض على الشركات تقليص ساعات العمل والإنتاج وتوقيف خطوط تصنيع وصرف عمال وموظفين، من دون إغفال التخطيط الدائم للإنتاج التنافسي والبحث عن أسواق جديدة تصنيعاً وتصريفاً وقعت رينو أخيراً إنشاء مصنع في الجزائر طاقته 75 ألف سيارة، مع قدرة تصريف إلى البلدان الأفريقية، ويوفر 1500 فرصة عمل. ولا يغفل المصنعون دور الحكومات، إذ يدعونها إلى المساعدة والدعم في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج. لقد استفادت رينو من الشراكة مع نيسان اليابانية وانتشارها العالمي للحد من هذه التكاليف، جامعة بين طرز فاخرة نوفيل إسباس 2014 واقتصادية كوكان وسانديرو، وزادت موزانتها للسيارت الكهربائية، كما أعادت إحياء طرز شهيرة مثل"ألبين"الرياضية. واستغلت خبرة شريكتها اليابانية في السوق الصينية لتعزيز حضورها. باختصار، فإن كل شريك أنقذ الآخر قياساً إلى صعوبات تواجه تحالف سيتروين - بيجو الفرنسي، الذي يخطط للاندماج مع أوبل من خلال جنرال موتورز. ففي غضون 5 أعوام تراجعت المبيعات في أوروبا 23 في المئة، من 18 مليون سيارة عام 2007 إلى نحو 14 مليوناً عام 2012. ولن تتخطى 12.5 مليون في 2013. وينجم عن هذا التراجع بحث دائم في خفض الرواتب إلى نحو 10 في المئة، وإقفال مصانع لإعادة الهيكلة كما فعلت بيجو ? سيتروين في أولني، ما أدى إلى صرف 8 آلاف عامل .... الجميع يدرك أن لا حلول عجائبية في المدى المنظور، بل"التفنن"في سياسة شدّ الأحزمة وعدم وقف عجلة التطوير التي ستؤدي يوماً إلى إطلاق سيارات ذكية ذاتية القيادة مزودة بنظام تكنولوجيا الإتصالV2V من سيارة إلى سيارة، وقد باشرت جنرال موتورز وفورد وديملر اختبارات أولية ل"هذا الجيل". [email protected]