أظهرت بيانات أمس أن الواردات الألمانية تراجعت في أيلول سبتمبر، لكن الصادرات هبطت بمعدل أكبر، ما قلص الفائض التجاري وسلط الضوء على تداعيات أزمة منطقة اليورو على أكبر اقتصاد في تكتل العملة الموحدة. وأكدت بيانات مكتب الإحصاء الفيديرالي أن الواردات انخفضت 1.6 في المئة في حين هبطت الصادرات 2.5 في المئة، مسجلة أكبر هبوط منذ كانون الأول ديسمبر الماضي. وانخفض الفائض التجاري المعدل موسمياً إلى 17 بليون يورو من 18.1 بليون في آب أغسطس، بينما كان متوسط التوقعات يشير إلى تراجع يبلغ 16.8 بليون يورو. وأعقبت الأرقام الرقم القياسي الرسمي المنشور مطلع الشهر الماضي عن حجم الصادرات الألمانية في آب الماضي. وأشار المكتب ومقره في فيسبادن، إلى أن قيمة الصادرات في آب بلغت 90.1 بليون يورو بزيادة نسبتها 2.4 في المئة عن حزيران يوليو الماضي، و 5.8 في المئة عن الشهر ذاته من العام الماضي. وكان خبراء توقعوا، تسجيل انخفاض في حركة الصادرات الألمانية بفعل تراجع معدلات النمو في العالم، واستمرار أزمة اليورو في أوروبا. ولم يسبق لألمانيا أن صدّرت مثل هذا الحجم من البضائع إلى العالم في الشهر المذكور، علماً أن صادرات تموز يوليو كانت جيدة أيضاً. وأوضحت وزارة الاقتصاد الألمانية، أن تداعيات الوضع الاقتصادي العام في منطقة اليورو والاقتصاد العالمي،"تنعكس بقوة أكبر على الإنتاج الصناعي الألماني في النصف الثاني من السنة مقارنة بما كان عليه الوضع في النصف الأول". ولاحظت أن"الطلب من الخارج انخفض بنسبة 4.5 في المئة، فيما سجل من منطقة اليورو نسبة 9.6 في المئة". لكن الخبير في مصرف"أونيكريديت"ألكسندر كوخ عقّب على التراجع في الطلب، مؤكداً أن"بيانات المصرف الخاصة بالقروض المسحوبة لتغطية مصاريف الصادرات مستمرة منذ أشهر على مستوى عالٍ"، ورأى"أن أزمة الديون الحاصلة، والبطء في تعامل الدول الصاعدة أثرا سلباً وفي شكل مضخّم على نفسية مسؤولي الشركات الألمانية". وبعدما نفى"وجود مؤشرات حول إمكان تلقي قطاع التصدير ضربة مؤلمة في المرحلة المقبلة"، لفت إلى وجود مؤشرات"تدل على أن القطاع سيحافظ على وضعه الحالي". واعتبر رئيس اتحاد التجارة الخارجية وتجارة الجملة أنطون بورنر، أن"من الصعب فصل الصادرات عن الأزمات، لكن الطلب الآتي من الدول الصاعدة والمتعاملة بالدولار، يعوض حالياً النقص الحاصل في الصادرات إلى منطقة اليورو". وذكر مكتب الإحصاء المركزي في هذا الشأن، أن الطلب على الشركات الألمانية الآتي من دول منطقة اليورو،"انخفض بنسبة 3.1 في المئة في آب الماضي، في مقابل ارتفاع واردات ألمانيا منها بنسبة 1.1 في المئة". وأشار إلى أن الخبراء"يثنون على ذلك حالياً لمساهمته في إعادة التوازن التجاري نوعاً ما داخل دول منطقة اليورو"، أي في خفض ديونها. وتشكل السيارات أحد أهم الصادرات الألمانية إلى العالم، وهي مثال واضح على التمايز الحاصل في مبيعات البلد. ففي وقت تسجل فيه هذه الصناعة منذ فترة تراجعاً متزايداً في مبيعاتها في أوروبا وأخيراً في السوق الألمانية، تشهد في المقابل أسواقاً رائجة في الدول الصاعدة، ما يعوض حتى الآن خسائرها في عقر دارها. وأفادت البيانات الصادرة عن رابطة شركات السيارات الألمانية عن أيلول الماضي، ب"بيع 1.13 مليون سيارة جديدة في دول الاتحاد الأوروبي فقط، بانخفاض 11 في المئة عن الشهر ذاته من العام الماضي". وفي حين تراجعت مبيعات السيارات الألمانية في السوق الألمانية بمعدل 11 في المئة أيضاً، انخفضت بنسبة 18 في المئة في فرنسا، و26 في المئة في إيطاليا، و37 في المئة في إسبانيا. لكن ازدادت في المقابل مبيعات السيارات الألمانية في الولاياتالمتحدة وروسيا بنسب تجاوزت العشرة في المئة، وحققت في الهند 4.9 في المئة. فيما لم يتجاوز نمو المبيعات في الصين 1.6 في المئة، ما أقلق الشركات المصدرة بعض الشيء.