واصلت الصادرات الألمانية ارتفاعها بعد كبوة أواخر السنة الماضية فسجلت في آذار (مارس) الماضي زيادة بلغت 0.9 في المئة مقارنة بالشهر السابق وفق بيانات «مكتب الإحصاء الاتحادي». وبلغت قيمة الصادرات في آذار (مارس) 91.8 بليون يورو (نحو 113.8 بليون دولار) والواردات 78.1 بليون يورو، وهما رقمان قياسيان، وبلغ فائض الميزان التجاري 13.7 بليون يورو. والزيادة هي الثالثة على التوالي، علماً أن محللين كانوا توقعوا تراجعاً طفيفاً، على خلفية الأنباء التي كانت تشير إلى انخفاض النمو في الدول الصاعدة، إضافة إلى التعثر المالي في دول منطقة اليورو التي تشكل السوق الرئيسية للصادرات الألمانية. لكن الطلبات الخارجية، خصوصاً من الصين، ساعدت الشركات الصناعية الألمانية على زيادة إنتاجها وصادراتها وتجاوز النقص في الطلب الأوروبي. وأعرب الخبير الاقتصادي في مصرف «أونيكريديت»، أليكسندر كوخ، أن الاقتصاد العالمي يشهد نمواً ملموساً، مشيراً «إلى أن تطوره مرتبط عضوياً أكثر من أي وقت مضى بمدى تطور الاقتصاد العالمي». ولفت محللون إلى تطور جديد يتمثل في أن أوروبا بدأت تفقد تدريجاً أهميتها بالنسبة إلى المصدرين الألمان، الذين وجدوا في الدول الصاعدة وغيرها أسواقاً جديدة متنامية لتصريف إنتاجهم. وكشف «مكتب الإحصاء الاتحادي» الشهر الماضي، أن دول الاتحاد الأوروبي استحوذت على 59.2 في المئة من مجمل الصادرات الألمانية خلال العام الماضي في مقابل 64.6 في المئة في عام 2007. ورأى رئيس اتحاد التجارة الخارجية وتجارة الجملة أنطون بورنر، أن الشركات الألمانية المصدّرة تكسب أسواقاً على المستوى الدولي وتقلّل من خلال ذلك ارتهانها لبعض الأسواق التقليدية. وفي السياق ذاته، ذكر رئيس قسم التجارة الخارجية في «اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية» فولكر تراير، أن حصة دول الاتحاد الأوروبي من الصادرات الألمانية ستتراجع إلى 50 في المئة في نهاية العقد الحالي، معبراً عن اقتناعه «بأن الدول الصاعدة ستنمو بصورة قوية مستقبلاً أيضاً»، كما توقع تنامي الصادرات الألمانية إليها. وأوضح تراير أن دول مجموعة «بريك» (البرازيل، روسيا، الهند والصين)، إضافة إلى دول أخرى في آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا، تستثمر مبالغ كبيرة في بناها التحتية، وفي إنشاء مصانع ومعامل وشركات إنتاج حديثة، كما في التكنولوجيا البيئية، لافتاً إلى أن الشركات الألمانية «تملك ما تحتاج إليه هذه الدول». وفيما سجّلت صادرات ألمانيا إلى الصين 3.1 في المئة فقط من مجمل صادراتها عام 2007، تضاعفت النسبة إلى 6.1 في المئة عام 2011. ورغم تراجع الصادرات الألمانية إلى الاتحاد الأوروبي في آذار بنسبة 2.8 في المئة بسبب أزمة اليورو والركود الاقتصادي في دوله، ارتفع معدّلها في المناطق الأخرى من العالم بنسبة 6.1 في المئة. وأعرب مسؤولون عن تجارة التجزئة، ومنهم الأمين العام لرابطة التجارة في ألمانيا شتيفان غينت، عن تفاؤلهم بأن يحقق الاستهلاك في العام الحالي زيادة للسنة الثالثة على التوالي، وبأن يسجل نمو المبيعات نسبة 1.5 في المئة قياساً الى عام 2011، علماً أن خبراء ومحللين يشيرون إلى أن الاستهلاك «يراوح مكانه في أحسن الأحوال، لا بل يتراجع». لكن مكتب الإحصاء الاتحادي أصدر أواخر نيسان (أبريل) الماضي بياناً ذكر فيه أن دخل قطاع تجارة التجزئة نما فعلياً في الشهر السابق بنسبة 2.3 في المئة مقارنه به في الشهر ذاته من السنة الماضية. أما في منطقة اليورو، فنما الاستهلاك في الشهر ذاته بصورة مفاجئة بمعدل 0.3 في المئة بعد انخفاضه السلبي في شباط (فبراير) بنسبة 0.2 في المئة. وأشار المكتب الى أن النمو الاستهلاكي في ألمانيا زاد في الربع الأول من هذه السنة بمعدل 2.1 في المئة قياساً الى العام الماضي.