ارسل"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي"أمس، تعزيزات لدعم إسلاميي"حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا"، غداة اندلاع معارك عنيفة بين عناصر الحركة ومتمردين من الطوارق في منطقة غاو شمال شرقي مالي، والمحاذية للحدود مع النيجر. وأرسلت التعزيزات من تمبكتو شمال غرب، فيما كشفت مصادر أمنية ان المتمردين الطوارق في"الحركة الوطنية لتحرير ازواد"تكبدوا"هزيمة قاسية، وخسروا عشرة مقاتلين على الاقل وعتاداً. وتحدث مصدران أمنيان في مالي وبوركينا فاسو المجاورة عن اصابة الكولونيل مشكانين، مساعد قائد القوات المسلحة ل"ألحركة الوطنية لتحرير ازواد"، في المعارك. وافاد شهود ان"هدوءاً حذراً"ساد منطقة غاو صبح أمس، لكن الطوارق قد يحاولون استئناف الهجوم، ما دفع الاسلاميين الى ارسال تعزيزات. وقال موسى سالم، احد مقاتلي الطوارق:"نريد استعادة ازواد الاسم الذي يطلقه الطوارق على كل شمال مالي من أيدي تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي وحلفائه. نتراجع كي نتقدم لاحقاً". أما الناطق باسم"حركة التوحيد والجهاد"أبو وليد الصحراوي فقال:"سنلاحق الجبهة الوطنية في انحاء ازواد، وفي كل مكان لا يزالون فيه، ونسيطر على الوضع"، علماً ان الحركة كانت طردت الطوارق العلمانيين والمؤيدين لحكم ذاتي في شمال مالي من غاو، بعد معارك عنيفة اندلعت في 27 حزيران يونيو وأسفرت عن 35 قتيلاً على الاقل. ومذذاك فقدت"الحركة الوطنية لتحرير ازواد"السيطرة على أي مدينة في شمال مالي لحساب"المجاهدين"، خصوصاً الاجانب التابعين ل"القاعدة في المغرب الاسلامي"و"حركة التوحيد والجهاد"المتورطة ايضاً في تجارة المخدرات، واسلاميو"انصار الدين"المؤلفة من طوارق. وتتشدد الحركات الاسلامية في تطبيق الشريعة الاسلامية في شمال مالي. وكان لافتاً في المعارك، رفض حركة"أنصار الدين"دعم مقاتلي الطوارق، لكنها رفعت عن نفسها"نصف الحرج"عبر افساحها في المجال أمام مقاتليها للمشاركة"فردياً في دعم إخوانهم"الذين كانوا رافقوا وفد الحركة الى بوركينا فاسو، والذي قبل الحوار مع حكومة مالي". وفيما ذكرت مصادر ل"الحياة"ان كتيبة الملثمين التي يقودها الجزائري"مختار بلمختار"شاركت في المعارك ضد الطوارق، كشف عيسى، أحد قادة الطوارق الذين عادوا من ليبيا مع بداية الثورة الليبية ضد معمر القذافي ان"حركة التوحيد تعاونت مع بلمختار في إنشاء مواقع عسكرية تضم مقاتلين أجانب لتدريبهم على السلاح، لذا قررنا مهاجمة هذه المواقع في شكل منفرد، ومن دون التشاور مع أي جهة". ويكشف قرار"حركة تحرير أزواد"حسابات قد تخدم مساعي"تحييد فكرة التدخل العسكري الدولي في شمال مالي"، إذ يرى البعض انه خطوة لإعلان قدرة الطوارق على مواجهة التنظيمات المسلحة من دون الحاجة الى تدخل أجنبي، علماً ان التنظيم"العلماني"طالب الأسبوع الماضي ب"وقف خطوات التدخل، ودعمه دولياً لمحاربة الإرهابيين". وتعيد المواجهات بين"الأزواد"و"حركة التوحيد والجهاد"الى الأذهان، معارك دامية اندلعت شمال مالي قبل خمس سنوات، وقادها الزعيم السابق في الحركة ابراهيم أغ باهنغا الذي قتل في حادث سير العام الماضي، ومساعده الحسن أغ فاغاغا الذي يتولى حالياً منصب"وزير الداخلية"في المجلس الانتقالي الذي أسسته"حركة أزواد"المطالبة بانفصال الإقليم عن مالي. بلخادم وفي الجزائر، اعلن الأمين العام لحزب"جبهة التحرير الوطني"الحاكم عبدالعزيز بلخادم اصرار بلاده على رفض التدخل العسكري الأجنبي في شمال مالي. وقال بلخادم في خطاب ألقاه امام مناصرين لحزبه في ولاية بجاية شمال شرق:"تدرك الجزائر حقيقة الوضع في البلد المجاور، وهي مقتنعة بأن مشاكل دول الجوار لا تحلّها إلا شعوب دول الجوار، بعيداً من التدخل الأجنبي الذي لا يرى الا الحل العسكري". واعتبر بلخادم أن"لا خير في الحروب لأنها لا تأتي إلا بخسائر. وإذا كان الحل السياسي ممكناً فلماذا الخيار العسكري"؟ وحذر بلخادم من تداعيات التدخل العسكري على دول المنطقة، خصوصاً الجزائر، وقال:"إذا اشتعلت النار في بيت الجار فبيتنا لن يكون في مأمن". ويناقض ذلك تأكيد وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية قبل ايام ان أي حرب محتملة ضد الجماعات المتشددة"لن تؤثر على أمن البلاد التي تخضع حدودها لمراقبة جدية ويجري التحكم فيها بقوة، ونملك وسائل كافية على الأرض لمنع أي محاولة لعبور الارهاب حدودنا". ونقلت وزارة الدفاع الجزائرية خلال الأشهر الثلاثة الماضية طائرات هجومية اضافية الى قواعد جديدة في أقصى الجنوب، تمهيداً لاستخدامها في عمليات عسكرية ضد عناصر"القاعدة والتوحيد والجهاد"في أقصى الجنوب، ما يوحي بقرب اندلاع حرب شمال مالي. كما انشأت قواعد عسكرية جديدة أقصى الحدود الجنوبية قرب منطقة النشاط الرئيسية للجماعات الإرهابية، بهدف زيادة مدى تحليق طائراتها ومروحياته القتالية لتوسيع تغطية المناطق الصحراوية المحاذية لحدود الجزائر، حيث يتحرك المتشددون، وتكثيف الوجود العسكري في هذه المواقع. وايضاً، اعتمدت قيادة الجيش تكتيكات جديدة في التصدي للجماعات الارهابية التي تحاول التسلل الى الجزائر انطلاقاً من إقليم أزواد، اهمها مزج عمل نقاط المراقبة الثابتة والمحصنة وعمل قوات الاستطلاع والمراقبة الجوية، وتخصيص 3 آلاف عسكري في قواعد جوية كقوات تدخل يمكن نقلها جواً عبر مروحيات وطائرات نقل عسكري كبيرة.