محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    قبل مواجهتي أستراليا وإندونيسيا "رينارد" يستبعد "العمري" من قائمة الأخضر    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    «الاختبار الأصعب» في الشرق الأوسط    حديقة ثلجية    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    الهلال يهدي النصر نقطة    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    نعم السعودية لا تكون معكم.. ولا وإياكم !    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    ترسيخ حضور شغف «الترفيه» عبر الابتكار والتجديد    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الغرب والقرن الأفريقي    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الاتحاد يتغلب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخصين في جدة لترويجهما (2) كيلوجرام من مادة الحشيش المخدر    المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعا صحيا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    فقيه للرعاية الصحية تحقق 195.3 مليون ريال صافي ربح في أول 9 أشهر من 2024 بنسبة نمو 49%    رحيل نيمار أزمة في الهلال    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    الدولار يقفز.. والذهب يتراجع إلى 2,683 دولاراً    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    التعاطي مع الواقع    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجربة ألمانيا في الانتقال إلى الطاقات المتجددة في 2012 ب "شراكة" مغربية
نشر في الحياة يوم 16 - 10 - 2012

أدّت التصريحات التي أدلى بها وزير البيئة الألماني بيتر ألتماير وزميله وزير الاقتصاد فيليب روسلر أخيراً، وشكّكا فيها بقدرة حكومة المستشارة أنغيلا مركل على تنفيذ وعد التحوّل من الطاقة النووية والفحم الحجري إلى الطاقات المُتجدّدة ابتداء من عام 2021، إلى دفع المراقبين للسؤال عما إذا كان التحوّل الذي ينتظره الكثيرون سيحصل في موعده المفترض أن يحلّ بعد أقل من عقد من الزمن.
ورداً على هذا التشكيك، حذّر ممثلو الاقتصاد الألماني الحكومة من مغبّة التأخير في عملية التحوّل، وآثارها السلبية جداً في مجمل الاقتصاد، كما في سوق العمل في البلاد. وأعرب قسم غير قليل من المراقبين عن قلقه من ألا يحصد المشروع الطموح والطليعي والأول من نوعه عالمياً، سوى الفشل في نهاية المطاف. في المقابل، رأى قسم آخر أن التحوّل لم يبدأ بصورة جديّة بعد.
أبعد من الطاقة الخضراء
إذن، بدا واضحاً للجميع بأن"عملية التحوّل"هذه تحتوي على أكثر من مجرد الخروج من دائرة الطاقة النووية والدخول في دائرة الطاقة الخضراء. إذ يتطلّب الأمر أيضاً إرساء بنى تحتية متطورة وواسعة مثل نُظُم شبكات النقل القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى، لنقل الطاقات البديلة من البر والبحر، حتى في ظلّ أقسى الظروف الطبيعية.
وأدى النقاش الذي دار في الأسابيع والأشهر الأخيرة إلى زعزعة ثقة المواطنين، وزيادة تخوفهم من التعرض إلى ارتفاع كبير في أسعار استهلاك الطاقة الخضراء، بعد أن وعدتهم الحكومة في وقت سابق بأن تبقى الزيادة في إطار مقبول ومحدود. فعلى غرار الوزير ألتماير، اعتبر وزير الاقتصاد روسلر أن بيع الطاقة المُتجدّدة قد يصبح أكثر كلفة مما كان متوقعاً قبل سنة، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤثر سلباً في فرص العمل في قطاع الطاقة، ويضعف قدرته على المنافسة على المستويين الأوروبي والدولي.
ولم يحُلْ تأكيد روسلر بأنه يعطي الكلفة المتوازنة أولوية قصوى، إضافة إلى مسألة عدم التسرّع في بناء شبكات نقل الطاقة، دون ميل عددٍ من المراقبين إلى استنتاج أن وزير الاقتصاد يهدف إلى تأخير موعد الإقفال الكامل لمعامل الطاقة النووية في البلاد في شكل نهائي، وبالتالي تأجيل تاريخ الانتقال من الطاقة النووية إلى الطاقات البديلة.
في هذا الصدد، كتب موقع"شبيغل أونلاين"في حزيرانيونيو الماضي قائلاً:"بعد مرور سنة على قرار الانتقال من الطاقة النووية إلى نظيرتها الخضراء، يضع وزيرا البيئة والاقتصاد علامة استفهام على أحد أهم برامج الحكومة الألمانية في هذا الصدد".
وتواجه شبكات نقل الكهرباء في ألمانيا اختباراً حول مدى استقرار أدائها وسلامته. إذ تفرض التغيّرات البعيدة المدى التي يمكن أن تطرأ على أسواق الطاقة الأوروبية، إضافة إلى التطوّر السريع في مصادر الطاقة المُتجدّدة، مثل هذا الاختبار. وتحثّ هذه الأمور على ضرورة إعادة بناء الشبكات وتوسيعها بشكل عاجل، بحسب آراء معظم خبراء الطاقة في البلاد. ومن أجل نقل الطاقة المستخرجة من الرياح من شواطئ ألمانيا وبحرها في الشمال مثلاً، لا غنى عن مدّ شبكات إلى بقية مناطق البلاد بطول يصل إلى آلاف الكيلومترات. ويؤدي توسيع الشبكة إلى زيادة سعر استهلاك الكهرباء بصورة شبه محتّمة.
ولم تنجز الحكومة الألمانية حتى الآن سوى 15 في المئة من خطوط نقل الطاقة الجديدة. وللتباطؤ في هذا المجال أسباب متنوّعة تبدأ من اعتراض السكان المحليين على بناء خطوط نقل جديدة للطاقة فوق أراضيهم أو قريباً منها، وتنتهي بنقص في القناعة السياسية بضرورات التحوّل صوب الطاقة الجديدة، وتضاف إليهما العقبات البيروقراطية في الإدارات والوزارات وغيرها. وبتكليف من الحكومة قدّر خبراء كلفة الانتقال إلى شبكات نقل الطاقات البديلة بصورة تفي بحاجات المستهلكين الألمان، كما تمكّن من بيع الفائض منها إلى دول أوروبا، بقرابة 57 بليون يورو. وفاجأ هذا المبلغ الضخم الجميع.
وسارعت المستشارة أنغيلا مركل إلى الإعلان في أيار مايو الماضي، أنها تتمسك بتنفيذ خطة التحول في موعدها، على رغم هذه الكلفة المرتفعة. ويتشكّل المبلغ أعلاه من 20 بليون يورو لشبكات التوتر العالي والكابلات الأرضية بطول يبلغ 3800 كيلومتر، و12 بليوناً للكابلات التي تربط حقول طواحين الرياح البعيدة في بحري الشرق والشمال بالشبكات الأرضية، و25 بليوناً لتقوية الشبكات المناطقية والمحلية وتحصينها. وقدّر الخبراء أن يرتفع سعر الكيلواط/ساعة للمستهلك بمقدار 5,75 سنت، ما يوازي 82 يورو إضافية في السنة على المستهلك المتوسط، وبالأحرى 94 يورو بعد إضافة ضريبة القيمة المضافة على هذا المبلغ. وبعد وضع دراسات وتقديرات حول كمية الطاقة الخضراء التي يتوقّع أن تُنتج في البلاد، وذكر خبراء أن ألمانيا لن تكون بعد عشر سنين بحاجة إلى تطوير بطاريات ضخمة لتخزين الطاقة كما كان يعتقد في حينه، لاستخدامها في حالات الطوارئ. ورأى هؤلاء أن إنتاج الطاقة سيلبّي أكثر بكثير من حاجة البلاد. وذكرت"رابطة التقنية الكهربائية الألمانية"في دراسة لها حول هذا الموضوع،"أن ضرر بطاريات من هذا النوع سيكون في المحصلة النهائية، أكبر من نفعها بكثير".
فوائض الطاقة
يعتمد مستثمرون كثر في شبكات نقل الكهرباء على الفقرة 13 من قانون الطاقة الألماني، عند الحديث عن مسألة توافر فائض في إنتاج الطاقة الكهربائية. ويشاهد هذا الفائض حاضراً نتيجة تزايد أعداد حقول توليد الطاقة من الرياح، بحسب ما أشار إليه فيلفريد فيشر من شركة"فاتينفال"لإنتاج الكهرباء.
وقال فيشر:"لدينا فائض من الكهرباء، خصوصاً حين تهب رياح قوية. ويحدث الأمر نفسه في الولايات التي تنتج الطاقة المُتجدّدة ولا تستهلك سوى جزء بسيط من الطاقة المنتجة، ما يفرض تصدير الفائض". وتابع فيشر مشيراً إلى أن هذا الأمر يعرّض البلاد إلى مشاكل كبيرة في شبكات الربط ونقل الكهرباء الموجودة في أمكنة تنتج فيها فوائض من الطاقة، خصوصاً مشاكل أسلاك الكهرباء المتخصّصة الكابلات. وأظهرت دراسة نشرتها"الجمعية الألمانية لمساعدة البيئة"أن السكان يعارضون بشدة إنشاء أبراج جديدة لنقل الطاقة الكهربائية، خصوصاً إذا أقيمت قرب مساكنهم. وعلى حد تعبير المستشارة أنغيلا ميركل فإن"اعتراضات هؤلاء قد تشكّل في المدى القريب عقبة كبرى"، لافتة إلى"أن استعداداً وطنياً لتطوير البنية التحتية يجب أن يتوافر عند الجميع".
الصناعة تنتقد
وجّه الاقتصاد الخاص الألماني انتقادات شديدة ولاذعة إلى الحكومة الألمانية بسبب تباطؤها وعدم وضوح الرؤية أمامها في مسألة الطاقة.
وأعلن رئيس"اتحاد الصناعيين الألمان"هانس بيتر كايتل مطلع شهر حزيران يونيو الفائت، أن قطاع الصناعة الألمانية يريد تولي المسؤولية عن إدارة عملية التحوّل صوب الطاقات المُتجدّدة، لأن القطاع الخاص معتاد على التنفيذ السريع. وبدا هذا التصريح شبيهاً بإعلان سحب الثقة من الحكومة، على حد ما ذكرته صحيفة"فايننشال تايمز دويتشلاند"الاقتصادية.
وجدّد كايتل انتقاداته للحكومة في شهر أيلول سبتمبر الماضي. وشكّك صراحة في قدرة برلين على تحقيق مشروع التحوّل، وحذّرها أيضاً من الانعكاسات السلبية على الإنتاج وسوق العمالة في البلاد. وأشار إلى أن النتائج ربما جاءت كارثية، في حال لم تتأمن الكهرباء للمصانع بصورة مستدامة.
وحضّ رئيس اتحاد الصناعيين في مقابلة مع صحيفة"دي فيلت"وزير البيئة ألتماير، على التحرك سريعاً لتنفيذ التحوّل المنشود تبعاً لخطة النقاط العشر التي طرحها الوزير نفسه أخيراً.
وحذّر كايتل في الوقت ذاته من ارتفاع كلفة الطاقة. وانتقد الحكومة الألمانية لعدم صراحتها في ما يخص السعر الذي سترسو عليه الطاقة الكهربائية المُتجدّدة. وأعرب عن قناعته بأن السعر سيكون أعلى بكثير مما تدّعيه الحكومة راهناً. وقال:"من الضروري جداً إعادة النظر بهيكلية الطاقات المُتجدّدة وتوجيهها بصورة مختلفة، وتنظيمها تبعاً لمتطلبات السوق". وتحدّث عن ضرورة أن تجدّد الصناعة الألمانية نفسها لمواجهة تحديات المستقبل، موضحاً أن القطاع الصناعي جدّد نفسه، ما يفرض عليه أن يستمر في التجدّد إذا أراد الحفاظ على قدرته التنافسية. وأضاف:"من مصلحة الاقتصاد الألماني أن يقف كشريك على مستوى واحد مع الآخرين في أوروبا. وعلينا أن نجتهد في ألمانيا كي لا نتراجع إلى الوراء، ونحافظ على بعض التقدّم الذي حققناه".
وفي سياق مماثل، أعرب رئيس مجلس شركة سيارات"أودي"الألمانية، روبرت شتادلر في حديث الى الصحيفة ذاتها، عن خشيته من أن تنعكس الكلفة العالية للتحول إلى الطاقات المُتجدّدة سلباً على فرص العمل في البلاد، مشيراً إلى أن القدرة التنافسية للاقتصاد الألماني ستواجه امتحاناً صعباً في هذه الحال.
في هذا السياق، أظهر استطلاع أجرته وكالة الطاقة الألمانية"دينا"أن لدى غالبية الشركات الألمانية قلقاً كبيراً من إدارة الدولة لعملية التحوّل صوب الطاقة الخضراء. وفي الوقت ذاته، أعربت الشركات عينها عن خشيتها من فقدان ألمانيا موقعها التنافسي الممتاز عالمياً. وعقّب رئيس الوكالة شتيفان كولر على هذه المخاوف، بالإشارة إلى وجود نقص فادح في مسألتين أساسيتين في عملية التحوّل. ورأى أن المسألة الأولى تتمثّل في انعدام وجود روابط بين الانتقال إلى الطاقات المُتجدّدة وتوسيع شبكات النقل للكهرباء من جهة، ومنع انتاج فائض كبير من هذه الطاقات من الناحية الاخرى.
وحدّد كولر المسألة الثانية في ضرورة إنشاء معامل للطاقات الجديدة بما يكفي لسد النقص في الإنتاج في حال نشوء ظروف جوية غير مناسبة أو حصول كوارث طبيعية. وتحدث إيجابياً عن ترحيب وزير البيئة ألتماير، على عكس سلفه نوربرت روتغن، بعرض اتحاد الصناعة الألمانية للتعاون المشترك، مستدركاً أن هذا الترحيب لم يصل الى تحقيق شيء مما يتمنّاه الصناعيون.
"ديزرتيك" نموذجاً
بصرف النظر عن البطء الحاصل في تنفيذ مشروع التحوّل صوب الطاقات البديلة في ألمانيا، ثمة دور بارز يؤدّيه التعاون المعرفي والتكنولوجي والعملي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، خصوصاً ألمانيا. بدأ هذا التعاون منذ بضع سنوات في إطار مشروع"ديزرتيك"لتوريد الطاقة الشمسية إلى أوروبا، ضمن إطار استغلال الشمس والرياح المتوافرة بكثرة في الدول المغاربية. وحصل أن دولة المغرب المستقرة سياسياً إلى حدّ ما، التقطت أسرع من تونس ومصر وليبيا الفرصة السانحة لدخول ميدان تأمين الطاقة الخضراء النظيفة لها، وبأضعاف أضعاف ما ستحتاج إليه البلاد. وفي حال نجاحه المأمول، يفترض أن يشكل هذا التطور مورداً مالياً مهماً للدولة المغربية، ويؤمن فرص عمل جديدة للأجيال القادمة، ويخفّف من مساوئ التلوث وتشويه الطبيعة. والمغرب حالياً الدولة الوحيدة في العالم العربي التي وضعت كل ثقلها لامتلاك تكنولوجيا الطاقات المُتجدّدة والاعتماد عليها لتأمين حاجتها من الطاقة وتصدير ما يفيض منها. وتُعتبر ألمانيا حالياً إحدى أهم الدول الشريكة للمغرب في هذا الإطار، بعد توقيع البلدين اتفاقيات مشتركة عدّة، ما يؤمن إضافة نوعية مهمة لموارد هذا البلد الطبيعية.
وخلال زيارته الأخيرة لبرلين مطلع شهر تموز يوليو الماضي، وقّع وزير الطاقة والمعادن والمياه والبيئة المغربي فؤاد الدويري مع نظيره الألماني وزير الاقتصاد والتكنولوجيا روسلر، مذكرة تفاهم عن شراكة بين البلدين في مجال الطاقة المُتجدّدة وسبل تنميتها، إضافة إلى توسيع شبكة الكهرباء ورفع كفاءة البحوث في مجال الطاقة.
وأكّد الوزير الألماني أن حكومته ترحّب بهذه الشراكة مع الدولة المغربية التي اعتبرها بلداً مناسباً لإنتاج الطاقة الشمسية وتصديرها إلى أوروبا. وبعد أن وصف المغرب بأنه الشريك المثالي لألمانيا، أكّد روسلر حرص برلين على استفادة المغرب من الخدمات التقنية والتكنولوجية التي تقدمها الشركات الألمانية في مجال الطاقات النظيفة. وأوضح أن لجنة مشتركة رفيعة تشرف على الاتفاقية عبر اجتماعات دورية تعقدها ثلاث مجموعات عمل هي: الطاقات المُتجدّدة، مواكبة تنفيذ مشروع"ديزرتيك"، والتعاون والتطوير.
وكذلك رأى الوزير الألماني أن الاتفاقية تساهم بشكل فعّال في تعزيز التعاون الألماني-المغربي في المجالين الاقتصادي والعلمي، وتفتح باب الاستثمارات الألمانية في المغرب. وبَيَّن أيضاً أن الاتفاقية تساعد على تحسين التفتيش عن مصادر المياه، والتعجيل في خطط الاتحاد الأوروبي لمدّ شبكات نقل الطاقة المستمدة من الشمس والرياح، من شمال أفريقيا إلى أوروبا.
صحراء بطموح كهربائي
عمل المغرب منذ العام 2009 على تنفيذ أكبر مشروع للربط الكهربائي المستند إلى الطاقة الشمسية، بكلفة تصل إلى تسعة بلايين دولار، بهدف توفير الطاقة البديلة للبلد، وخفض كميات النفط المستوردة، وكذلك التقليل من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون المضرّة بالبيئة والمناخ.
ويسعى"المشروع المغربي للطاقة الشمسية"في مرحلته النهائية المحددة في عام 2020 إلى تأمين كهرباء من الشمس والرياح بطاقة تصل إلى 2000 ميغاواط/ساعة، ما يوازي 42 في المئة من الطاقة التي تستهلكها البلاد في ذلك التاريخ. ورسا الاختيار على خمسة مراكز للمشروع هي: ورزازات، عين بني مطهر، فم الواد، بوجدور وسبخت الطاح.
ويبدأ المغرب الاستفادة تدريجاً من المشروع الذي يؤهل أيضاً عمّالاً مغاربة فيه، مع حلول العام 2015. وتؤمن المحطة الأولى في العام المذكور نحو 500 ميغاواط/ساعة من الطاقة النظيفة سنوياً، ما يعادل 18 في المئة من الاستهلاك الحالي.
وإلى جانب إنتاج الكهرباء، يسعى المشروع الكبير إلى تطوير برامج أخرى تتعلق بالتكوين المهني، والتخصص التقني، والبحث والتطوير، وتأهيل صناعة شمسية مندمجة، وإمكان تحلية مياه البحر، عبر مساعدة أوروبية وألمانية. كما يهدف المشروع عينه إلى نسج شراكة هادفة ومتوازنة بين القطاعين العام والخاص، تحت إشراف"الوكالة المغربية للطاقة الشمسية"التي تضطلع بإنجاز كل الدراسات التقنية والاقتصادية والمالية اللازمة.
وإضافة إلى الشمس، تشمل استراتيجية الطاقة البديلة في المغرب اكتساب الكهرباء من الرياح الموجودة بكثرة في البلد. ويتيح مشروع طاقة الرياح الذي يمتد إلى نهاية العقد الحالي ويتطلب استثمار قرابة 31,5 بليون درهم، رفع القدرة الكهربائية من الرياح البالغة حالياً 280 ميغاواط/ساعة، إلى 2000 ميغاواط/ساعة في العام 2020.
ومن المتوقع نشر طواحين الرياح في أمكنة عدة من البلاد أهمها مدينة تطوان، إضافة إلى خمسة مواقع في طنجة، وكوديا البيضاء، وتازة، وتسكراد العيون، وبوجدور. ويفترض أن تنتج هذه الطواحين 1000 ميغاواط/ساعة سنوياً.
ويضاف الى هذه، طواحين في منطقة طرفاية التي تشمل خمسة مواقع في أخنفير، وباب الواد، والعيون، وحومة، وجبل خلادي 720 ميغاواط/ساعة. وتتمتع المغرب وفق الخبراء بمخزون ضخم من طاقة الرياح يقدّر بقرابة 25 ألف ميغاواط/ساعة.
استثمارات سعودية وإماراتية
يستفيد مشروع الطاقة البيئية الذي بدأ المغرب بتنفيذه من التمويل المرصود له في إطار"صندوق تنمية الطاقة"بقرابة البليون دولار، تؤمن المملكة العربية السعودية 500 مليون دولار منه، والإمارات العربية المتحدة 300 مليون دولار، فيما يساهم"صندوق الحسن الثاني"ب 200 مليون دولار. وفي عام 2009، تأسّست شركة للاستثمار في مجال الطاقة، ورُصد لها بليون درهم، اكتتبت الدولة ب71 في المئة منها، و"صندوق الحسن الثاني للتنمية"ب 29 في المئة الباقية.
وأوضح رئيس مجلس إدارة"الوكالة المغربية للطاقة الشمسية"مصطفى باقوري، أن الكونسورتيوم الفائز بعقد بناء المرحلة الأولى من محطة انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية 500 ميغاواط/ساعة في منطقة ورزازات في جنوب البلاد، سيعلن عنه هذا العام. ويُعتبر مجمع ورزازات المنتظر إنهاؤه مع حلول عام 2015، الجزء الأول مما يعرف ب"المشروع المغربي للطاقة الشمسية"، الذي يهدف إلى إنتاج 2000 ميغاواط/ساعة من الكهرباء من الشمس بحلول عام 2020، ما يعادل 38 في المئة من الطاقة الكهربائية الحالية في المغرب. وأوضح باقوري في"مؤتمر المغرب للطاقة الشمسية"الذي عقد في الدار البيضاء أخيراً، أن العمل في المرحلة الأولى من محطة ورزازات التي تبلغ قدرتها 160 ميغاواط/ساعة، يبدأ قبل نهاية السنة.
الجزائر في السباق
دخلت الجزائر حلبة السباق في مجال استخدام الطاقات المُتجدّدة في شمال أفريقيا، إذ صرّحت متحدثة باسم غرفة التجارة والصناعة الجزائرية-الألمانية أخيراً، أن إنشاء محطة كهربائية للبحوث والتجارب تعمل على الطاقات البديلة، سيبدأ في المستقبل المنظور في إطار مشروع"ديزيرتيك"الألماني- الأوروبي لاستخدام الطاقة الشمسية في دول المغرب العربي الكبير لتأمين الطاقة للمنطقة ولأوروبا. وتبلغ طاقة المحطة ألف ميغاواط/ساعة.
وقالت سارة روشكوفسكي المسؤولة في الغرفة إن التكنولوجيات الخاصة بالطاقة الخضراء، تخضع للبحوث والتجارب والفحص والتدقيق في المحطة. إذ لحظ هذا الأمر الاتفاق الموقّع عام 2011 بين شركة"سونل غاز"الجزائرية والمؤسسة الحاضنة لمشروع"ديزيرتيك"المعروفة باسم"دي إي إي"والهادفة إلى تأمين 15 في المئة من حاجات أوروبا من الطاقة في 2050. وأضافت روشكوفسكي أن مشروع المحطة لا يزال قيد البحث، وأن مكان إنشاء المحطة لم يحدّد في شكل نهائي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.