وجّه الاقتصاد الخاص الألماني انتقادات شديدة ولاذعة إلى الحكومة الألمانية بسبب تباطؤها وعدم وضوح الرؤية أمامها في مسألة الطاقة. وأعلن رئيس «اتحاد الصناعيين الألمان» هانس بيتر كايتل مطلع شهر حزيران (يونيو) الفائت، أن قطاع الصناعة الألمانية يريد تولي المسؤولية عن إدارة عملية التحوّل صوب الطاقات المُتجدّدة، لأن القطاع الخاص معتاد على التنفيذ السريع. وبدا هذا التصريح شبيهاً بإعلان سحب الثقة من الحكومة، على حد ما ذكرته صحيفة «فايننشال تايمز دويتشلاند» الاقتصادية. وجدّد كايتل انتقاداته للحكومة في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. وشكّك صراحة في قدرة برلين على تحقيق مشروع التحوّل، وحذّرها أيضاً من الانعكاسات السلبية على الإنتاج وسوق العمالة في البلاد. وأشار إلى أن النتائج ربما جاءت كارثية، في حال لم تتأمن الكهرباء للمصانع بصورة مستدامة. وحضّ رئيس اتحاد الصناعيين في مقابلة مع صحيفة «دي فيلت» وزير البيئة ألتماير، على التحرك سريعاً لتنفيذ التحوّل المنشود تبعاً لخطة النقاط العشر التي طرحها الوزير نفسه أخيراً. وحذّر كايتل في الوقت ذاته من ارتفاع كلفة الطاقة. وانتقد الحكومة الألمانية لعدم صراحتها في ما يخص السعر الذي سترسو عليه الطاقة الكهربائية المُتجدّدة. وأعرب عن قناعته بأن السعر سيكون أعلى بكثير مما تدّعيه الحكومة راهناً. وقال: «من الضروري جداً إعادة النظر بهيكلية الطاقات المُتجدّدة وتوجيهها بصورة مختلفة، وتنظيمها تبعاً لمتطلبات السوق». وتحدّث عن ضرورة أن تجدّد الصناعة الألمانية نفسها لمواجهة تحديات المستقبل، موضحاً أن القطاع الصناعي جدّد نفسه، ما يفرض عليه أن يستمر في التجدّد إذا أراد الحفاظ على قدرته التنافسية. وأضاف: «من مصلحة الاقتصاد الألماني أن يقف كشريك على مستوى واحد مع الآخرين في أوروبا. وعلينا أن نجتهد في ألمانيا كي لا نتراجع إلى الوراء، ونحافظ على بعض التقدّم الذي حققناه». وفي سياق مماثل، أعرب رئيس مجلس شركة سيارات «أودي» الألمانية، روبرت شتادلر في حديث الى الصحيفة ذاتها، عن خشيته من أن تنعكس الكلفة العالية للتحول إلى الطاقات المُتجدّدة سلباً على فرص العمل في البلاد، مشيراً إلى أن القدرة التنافسية للاقتصاد الألماني ستواجه امتحاناً صعباً في هذه الحال. في هذا السياق، أظهر استطلاع أجرته وكالة الطاقة الألمانية «دينا» أن لدى غالبية الشركات الألمانية قلقاً كبيراً من إدارة الدولة لعملية التحوّل صوب الطاقة الخضراء. وفي الوقت ذاته، أعربت الشركات عينها عن خشيتها من فقدان ألمانيا موقعها التنافسي الممتاز عالمياً. وعقّب رئيس الوكالة شتيفان كولر على هذه المخاوف، بالإشارة إلى وجود نقص فادح في مسألتين أساسيتين في عملية التحوّل. ورأى أن المسألة الأولى تتمثّل في انعدام وجود روابط بين الانتقال إلى الطاقات المُتجدّدة وتوسيع شبكات النقل للكهرباء من جهة، ومنع انتاج فائض كبير من هذه الطاقات من الناحية الاخرى. وحدّد كولر المسألة الثانية في ضرورة إنشاء معامل للطاقات الجديدة بما يكفي لسد النقص في الإنتاج في حال نشوء ظروف جوية غير مناسبة أو حصول كوارث طبيعية. وتحدث إيجابياً عن ترحيب وزير البيئة ألتماير، على عكس سلفه نوربرت روتغن، بعرض اتحاد الصناعة الألمانية للتعاون المشترك، مستدركاً أن هذا الترحيب لم يصل الى تحقيق شيء مما يتمنّاه الصناعيون.