قبل أشهر عدة، تعرض حارس مرمى فريق ليرس البلجيكي الدولي الياباني إيجي كاواشيما لهاتفات عنصرية من جماهير وجرمينال بيرشوت في إحدى مباريات الدوري البلجيكي، اذ كانت جماهير بيرشوت تردد:"كاواشيما..فوكوشيما..كاواشيما..فوكوشيما"، في استهزاء واضح بضحايا تسريب مفعل فوكوشيما النووي الذي انفجر بعد حدوث الزلزال في شرق اليابان في آذار مارس الماضي، وعلى أثر هذه الهتافات اضطر حكم المباراة إلى إيقاف المباراة لدقائق عدة، لكنه لم يكن كافياً لإيقاف دموع كاواشيما وهو يغادر الملعب، وعلى هذه اللقطة علق أحد اليابانيين في ال"يوتيوب"قائلاً:"بلجيكا.. خاب أملنا". بالتأكيد أن مثل هذه المواقف يقابلها رد فعل عنيف أو عاطفي من الجماهير، ولا أحد يستطيع لومها على رد فعلها إزاء أي موقف يحدث لنجمها المفضل أو ابن بلدها، والأمر طبيعي ويحدث في أصقاع العالم وفي شتى المجالات، لكن أعجبني تعليق هذا الياباني كما أعجبني تدخل الاتحاد البلجيكي لكرة القدم وحسن تصرف رئيس نادي وجرمينال بيرشوت، اللذين تصرفا بطريقة إيجابية بعيداً عن التعصب والتصرف السلبي. فلأن الحادثة أحدثت ضجة كبرى بين بلجيكاواليابان بسبب فداحتها وأيضاً لحساسية اليابانيين من أزمة تسريب المفاعل النووية، اصدر الاتحاد البلجيكي غرامة مالية بحق بيرشوت بلغت 24 ألف يورو، لكن الجميل في هذه العقوبة هو إجبار إدارة النادي على التوجه إلى السفارة اليابانية في العاصمة البلجيكية بروكسل لتقديم اعتذار رسمي للشعب الياباني وايضاً للحارس كاواشيما. لم يترك رئيس نادي وجرمينال بيرشوت، باترك فانوبين هذه الحادثة تمر مرور الكرام، فهو ينظر اليها من نواح عدة، فسعى إلى إخماد النار المشتعلة بين الدولتين، وسعى الى احتساب الاحترام والسمعة الطيبة لناديه، وأيضاً مواساة كاواشيما على ما حدث من فئة لا تمثل جمهور ناديه المحترم، لذلك لم يتردد في الذهاب الى السفارة اليابانية ليقدم اعتذاراً رسمياً للحارس وأيضاً للشعب الياباني، بل زاده بإصدار بيان رسمي عبر الموقع الرسمي للنادي تجاه هذه الحادثة، مؤكداً فيه أن النادي يتبرأ من تصرفات جماهيرها التي استفزت كاواشيما برمي الزجاجات الفارغة تجاهه قبل أن تردد الهتافات العنصرية، حمل البيان فكرة نبيلة بعيداً عن لعبة كرة القدم، وهي"لا يمكن التسامح مع الإساءة تجاه الضحايا والناجين من الكوارث". نسخة إلى من يهمه الأمر. [email protected]