منذ فترة قصيرة وهو يشكو من صداع متقطع أو دائم في بعض الأحيان، خصوصاً في الصباح عند الاستيقاظ. تارة يقال له إن السبب هو التعب، وطوراً إنه الضغط النفسي، وفي مرات أخرى يلقى على مسامعه أن الصداع ناتج من أسباب متنوعة، مثل التهاب في الجيوب الأنفية، أو التهابات في الأسنان أو أمراض في العينين أو في الرقبة وغيرها. وفي كل مرة توصف له الأدوية، ولكن من دون طائل، فالصداع جاثم لا يرحل. أحد الأطباء طلب منه أن يجري تصويراً مقطعياً للجمجمة، فجاءت النتيجة ناطقة، إذ كشفت الصورة وجود كتلة قابعة في دهاليز المخ، تبين بعد أخذ الخزعة وفحصها مجهرياً أنها السرطان. سرطان الدماغ عبارة عن انقسام غير طبيعي لخلايا المخ التي تنمو بسرعة هائلة وتغزو الأنسجة السليمة التي من حولها. لقد شهدت السنوات العشرون الأخيرة ارتفاعاً في عدد المصابين بهذا السرطان، ولم يستطع الطب تفسير سبب هذا الارتفاع، ولكن هناك شكوك كبيرة تتجه صوب الهاتف الخليوي، ومع أن البحوث والتجارب لم تأت بالأدلة القاطعة. ما هي عوارض سرطان الدماغ ؟ سرطان الدماغ قد يكون بدئياً، أي ينشأ من خلايا المخ ذاتها، أو قد يكون ثانوياً، أي آتياً من مناطق أخرى في الجسم. ويعطي هذا السرطان عوارض تتباين بحسب حجم الورم وموضعه في النصف الأيسر أو الأيمن من الدماغ، وكلما كبر هذا الورم زاد الضغط على المناطق المحيطة به، ما يؤدي إلى بلبلة على صعيد الوظائف الحيوية المنوطة بالمخ. وفي ما يأتي عرض للعوارض الأكثر مشاهدة لسرطان الدماغ: - نوبات الصداع الشديدة المستمرة أو المتقطعة غير العادية التي تميل لأن تكون أسوأ في ساعات الصباح الأولى. - غثيان وتقيؤات. - شعور بالنعاس باستمرار. - اضطرابات في الرؤية. - ضعف أو خدر أو شلل في طرف واحد من الجسم. - تعثر أو عدم انتظام في المشي. - اضطرابات في النطق والتكلم. - هذيان واضطرابات في الذاكرة. - تبدلات في الشخصية والسلوك والمزاج. - نوبات الصرعة والتشنجات. - اضطرابات عاطفية ونفسية. - فقدان الوعي. ما أسباب سرطان الدماغ ؟ حتى الآن ما زالت أسباب سرطان المخ غير معروفة بدقة، وليس معروفاً لماذا يصاب شخص ما به في حين ينجو منه شخص آخر. ولكن هناك بعض العوامل التي من شأنها أن تزيد من خطر التعرض لسرطان المخ ومنها: 1- العمر، فقد بينت البحوث أن سرطان الدماغ أكثر شيوعاً في المرحلة العمرية من 3 إلى 12 سنة، والمرحلة العمرية من 40 إلى 70 سنة. 2- السوابق العائلية، فهناك نسبة من أورام المخ تميل إلى الحدوث في شكل أكبر عند الأشخاص الذين لديهم أقارب عانوا من هذا السرطان. 3- العامل العرقي، فقد سجلت أعلى نسبة لسرطان الدماغ لدى القوقازيين مقارنة بغيرهم. 4- العامل المهني، إن ممارسة بعض المهن تعرض لخطر الإصابة بسرطان الدماغ أكثر من غيرها، مثل عمال الصناعات الكيماوية، أو عمال الصناعات الجلدية، وعمال المعادن، ومصففو الشعر، والرسامون، والعاملون في مجال الأشعة العلاجية والتشخيصية. 5- الفيروسات. هناك اتهامات وجهت لبعض الفيروسات، ولكن لم يتضح بعد دورها الحاسم في هذا الموضوع. 6- الطفرات الوراثية. أظهرت دراسة جديدة أن اثنتين من الطفرات الوراثية تلعبان دوراً مهماً في زيادة خطورة الإصابة ببعض الأورام، خصوصاً سرطان الدماغ، وبحسب الدكتور يان هاي المشرف على الدراسة"فإن هذا الكشف سيفتح مجالاً جديداً كلياً لمعالجة أفضل لأخطر أنواع السرطان وأكثرها تسبباً في الوفاة ألا وهو سرطان المخ المعروف باسم"غليوما". وفي الولاياتالمتحدة يتم سنوياً تشخيص عشرة آلاف إصابة بهذا الورم، ويعتبر السناتور إدوارد كينيدي. من أشهر الذين أصيبوا به. ومن صفات هذا الورم أنه يبقى في الدماغ فقط ولا يتسلل إلى مناطق أخرى من الجسم، ولكنه في الوقت نفسه يخلق فوضى عارمة في الدماغ ويؤدي إلى الوفاة في غضون أربعة أشهر. كيف يتم تشخيص سرطان الدماغ؟ بعد أخذ القصة المرضية والفحص السريري يطلب الطبيب من المريض إجراء سلسلة من الفحوص من أهمها الأشعة المقطعية للرأس، وتصوير شرايين المخ، وأخذ خزعة من المخ. ما هو العلاج؟ بعد رصد السرطان، وتحديد نوعيته، والدرجة التي وصل إليها، يبدأ العلاج الذي يقوم على خيارات مختلفة هي: العلاج بالجراحة، أو العلاج بالأشعة، أو العلاج بالعقاقير الكيماوية، أو بخليط يجمع هذه العلاجات. ولكل علاج حسناته وسيئاته. ويقع على عاتق الطبيب وضع الخطة العلاجية الأنسب للمريض. هل يمكن الوقاية من سرطان المخ ؟ في الواقع هناك بحوث تشير إلى أن القهوة والشاي، وهما المشروبان الأكثر استهلاكاً في العالم، قد يكونان بمثابة الدرع الواقي ضد الإصابة بأحد أخطر أنواع سرطان المخ ألا وهو ال"غليوما"، بحسب دراسة حول العادات الغذائية أجريت على أكثر من 410 آلاف متطوع من الرجال والنساء تتراوح أعمارهم بين 25 و70 سنة وشملت مشاركين من فرنسا وهولندا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا واليونان والدنمارك والنرويج والسويد وألمانيا. تمت الدراسة بين عامي 1991 و2000، وتم خلالها قياس المواد الغذائية، من بين أمور أخرى، ككمية الشاي والقهوة التي يتناولها كل مشارك. وأثناء إجراء الدراسة، تم تشخيص 343 حالة جديدة من حالات مرض سرطان الدماغ من نوع"غليوما"، وكذلك 245 حالة جديدة من حالات السرطان السحائي، وهو نوع من السرطان الذي يصيب الأنسجة المحيطة بالمخ والنخاع الشوكي. ماذا كانت النتائج؟ لقد وجد فريق البحث أن شرب 100 ميلليتر أو ما يوازي أربعة أكواب يومياً، يخفض خطر الإصابة بالأورام السرطانية glioma بنسبة 34 في المئة، وتناول الشاي والقهوة له تأثير وقائي على ما يبدو أقوى قليلاً لدى الرجال منه لدى النساء. ما هي الآلية التي تعمل بها القهوة أو الشاي في الحماية من سرطان المخ؟ في الواقع، إن الآلية غير معروفة تماماً. فهل يعود السبب إلى مادة الكافئين أو إلى مواد أخرى في القهوة والشاي كمضادات الأكسدة الطبيعية الموجودة فيهما أو إلى كليها معاً؟ الأيام المقبلة قد تحمل الإجابة.