فكّكت الشرطة الإرلندية قبل ساعات من بدء ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية أمس زيارة تاريخية لجمهورية إرلندا، عبوة ناسفة"جاهزة للتفجير"داخل حافلة في ماينوث بمنطقة كيلدار قرب العاصمة دبلن، وذلك بعدما تلقت إنذاراً عبر اتصال هاتفي إجراء شخص مجهول. وعثر على العبوة في صندوق للأمتعة، مع العلم أن الشرطة البريطانية تلقت أول من أمس إنذاراً بوجود قنبلة في لندن مصدره منشقون إرلنديون، ما دفعها إلى إغلاق شوارع وسط العاصمة، ثم نشر 8 آلاف من عناصرها إلى جانب ألفي عسكري لضمان أمن الزيارة الملكية الأولى لإرلندا منذ عام 1911 والتي تستمر أربعة ايام. وسيتعاون هؤلاء مع أكثر من 8000 شرطي و2000 جندي إرلندي، في أضخم عملية أمنية تشهدها جمهورية إرلندا بتكلفة 26 مليون جنيه إسترليني. وتلقت الشرطة تهديداً ثانياً بتفجير عبوة تبين أنه"خدعة"، على رغم العثور على رزمة مشبوهة قرب محطة للقطارات، مع العلم أن التهديد الذي ورد أول من أمس لم يتضمن أي إشارة الى زمان او مكان، ما جعل السلطات تكتفي بدعوة سكان العاصمة إلى توخي الحيطة والحذر ومواصلة أعمالهم، وإبلاغها بأية معلومات عن نشاط أو سلوك غير عادي قد يرتبط بالإرهاب. ومضت الزيارة قدماً بهبوط طائرة الملكة في مطار بالدونيل القريب من دبلن، واستقبل الملكة التي ارتدت معطفاً وقبعة باللون الأخضر نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ايمن غيلمور. وبعدما تسلمت الملكة باقة زهور من احدى الفتيات، توجهت بصحبة زوجها دوق أدنبرة الى مقر الرئاسة حيث استقبلتها رئيسة جمهورية إرلندا، ماري ماك اليس. ومهد إقرار السلام في إرلندا الشمالية بعد عقود على اندلاع الصراع، الطريق لزيارة ملكة بريطانيا إرلندا، لكن ذكرى الماضي العنيف ستواكب فترة زيارتها التي تتزامن مع الذكرى ال37 لقصف دبلن في الأيام الأكثر دموية خلال ثلاثة عقود من الصراع الطائفي في إرلندا الشمالية. وسبق وصول الملكة إليزابيث وزوجها دوق أدنبرة وضع أقارب الضحايا أكاليل زهور في أحد المواقع التي قصِفت في دبلن، علماً ان الملكة تسعى الى نشر روح المصالحة وتأكيد الروابط القوية التي تستند الى أجيال من الهجرة الإرلندية التي ربطت بين البلدين حتى قبل إبرام اتفاق السلام في إرلندا الشمالية عام 1998. ويتحدّر حوالى عشر البريطانيين من جد إرلندي، ما يمنحهم حق حمل الجنسية الإرلندية. كما ان الإرلنديين من كبار مشجعي نوادي كرة القدم البريطانية والمسلسلات التلفزيونية، وتعتبر بلادهم التي يعيش فيها حوالى 4.5 مليون شخص أكبر سوق خارجية للملابس والمأكولات والمشروبات البريطانية. لكن ملكة بريطانيا لن تملك فرصة كبيرة للقاء مواطني إرلندا العاديين، بسبب الخطر الذي تشكله جماعات قومية متشددة تعارض اتفاق السلام في إرلندا الشمالية. وفيما يشمل التأهب الأمني إرلندا الشمالية لصد محاولات جمهوريين معارضين، خطف مسلحون مجهولون حافلة لنقل الركاب وأحرقوها في مدينة لندنديري، كما اخلت الشرطة مركزاً للتسوق في العاصمة بلفاست بعد تلقيها تحذيراً بوجود قنبلة. وأفادت"هيئة الإذاعة البريطانية"بي بي سي بأن ثلاثة رجال ملثمين حمل أحدهم بندقية، استقلوا الحافلة وأمروا الركاب بمغادرتها، ثم طلبوا من السائق إيقافها على طريق في لندنديري وأحرقوها. كما اعتقلت السلطات في إرلندا الشمالية متشدداً مخضرماً شارك الشهر الماضي في حشد هدد فيه مسلحون ملثمون بشن مزيد من الهجمات، واتهموا ملكة بريطانيا بارتكاب"جرائم حرب".