شيّع حشد ضخم من الأتراك نجم الدين أربكان رئيس الوزراء السابق والأب الروحي لحركة الاسلام السياسي التركي، الى مثواه الاخير في اسطنبول امس، بعد وفاته الأحد الماضي عن عمر 85 سنة. وشارك في التشييع الرئيس عبدالله غل ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وهما من تلامذة أربكان ورفاق دربه سابقاً، اذ جمعهم حزب"الرفاه"الاسلامي الذي حُلّ عام 1998 بتهمة العداء للنظام العلماني. ولفتت الانتباه مشاركة قائد القوات البرية الجنرال خيري كيفرك أوغلو في الجنازة، وإرسال رئاسة الأركان ورود تعزية باسم الجيش الذي أطاح حكومة اربكان عام 1997. كما حضرت رفيقة أربكان وشريكته في الحكم سابقاً طانسو تشيلر، فيما أحجم غريمه وعدوه اللدود مسعود يلماز عن المشاركة. وشارك في التشييع ممثلون من نحو 60 دولة، بينها مصر والهند وباكستان واندونيسيا. وفيما تعمّدت الحكومة التركية التعتيم على أسماء الاسلاميين المشاركين في الجنازة، نقلت وكالة"فرانس برس"عن ديبلوماسي تركي قوله ان رئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"خالد مشعل"لن يأتي الى تركيا"، بعدما كان مصدر مقرّب من عائلة اربكان أعلن انه سيشارك في التشييع. وشُيّع اربكان في مسجد الفاتح الذي بُنِي في القرن الخامس عشر، وحيث سُجّي جثمانه في تابوت مغطى بقطعة من قماش أخضر كُتبت عليها آيات قرآنية، فيما ردّد الحشد"الله اكبر"وحمل بعض المشيّعين أعلام فلسطين. وعلى رغم أن وفاة أربكان أشاعت أجواء من الحزن لدى الاوساط الاسلامية والمتديّنة في تركيا، إلا ان ساسة موالين ل"حزب العدالة والتنمية"الحاكم بدأوا منذ الآن حساباتهم من أجل الفوز بأصوات حزب"السعادة"الذي كان يتزعمه أربكان، والبالغة 5 في المئة تقريباً. ودفع ذلك المعارضة الى اتهام الحكومة باستغلال الجنازة وتسخير قدرات الدولة من أجل كسب تعاطف ناخبي أربكان. في غضون ذلك، تواجه الحكومة تحدياً ضخماً ويُعتبر سابقة، قبل الانتخابات الاشتراعية المقررة منتصف حزيران يونيو المقبل، ويتمثّل في إعلان"حزب العمال الكردستاني"المحظور إنهاءه هدنة أعلنها في آب أغسطس الماضي، وعودته الى القتال مجدداً. وقال صلاح الدين دميرطاش رئيس"حزب السلام والديموقراطية"الكردي إن"اكراد تركيا يستعدون لعصيان مدني وثورة، على غرار ما حدث في دول عربية، لدفع حكومة أردوغان الى الاعتراف بالحقوق السياسة للأكراد في تركيا". وأكد أن نزول الاكراد الى الشارع سيجعل الوضع"أكثر قسوة وصعوبة مما نشهده في العالم العربي"، مشدداً على ضرورة إطلاق حوالى 200 سياسي كردي محتجزين على ذمة قضية التعاون مع"حزب العمال الكردستاني"، من أجل الرجوع عن هذا المخطط. ويرى مراقبون أن الاوساط السياسية الكردية تسعى الى تصعيد الموقف على الارض مع حكومة أردوغان، مع اقتراب موعد الانتخابات، من أجل الحد من نزيف شعبيتها والأصوات التي تخسرها بسبب جمودها واعتمادها الكامل على سياسات"حزب العمال الكردستاني".